أخبار عاجلة

تراشق بين باريس ودمشق حول انتخابات الأسد

في العشرين من آيار/ مايو الجاري، فتحت السفارات السورية في الخارج، أبوابها ليشارك السوريون بأصواتهم في الاستحقاق الرئاسي، وذلك قبل ستة أيام، من موعد الانتخابات في الداخل، إذ من المقرر أن تفتح لجان الانتخابات داخل سوريا أبوابها للناخبين، في السادس والعشرين من آيار/ مايو، في إطار منافسة يعدها المراقبون محسومة للرئيس بشار الأسد.

“في تشرين الثاني عام 2019، قال رئيس النظام السوري، بشار الأسد، إن أي سوري يمكن أن يكون” رئيسًا للبلاد، هناك العديد من السوريين المؤهلين لهذا المنصب، لا يمكن ربط البلد بأسره بشخص واحد فقط وبشكل دائم
الموقف الدولي والإقليمي من الإنتخابات:
على المستوى الدولي هذه الانتخابات مرفوضة وغير معترف بمشروعيتها، إذ لا تحظى سوى بدعم أنصار النظام السوري، اقليميا ودوليا، وعلى رأسهم الصين وروسيا وإيران، في وقت عبرت فيه دول غربية عدة، بجانب الولايات المتحدة ،عن رفضها لتلك الانتخابات، ووصفتها بأنها غير شرعية، ولا تمثل الشعب السوري، نظراً لظروف إقامتها في ظل غياب البيئة الآمنة والمحايدة، واستثناء نحو 13 مليون سوري،موزعين بين نازح ومقيم ضمن المناطق الخاضعة للنفوذ التركي، ومناطق سيطرة الإدارة الكردية شمال شرقي سوريا، واستبعاد المعارضين المقيمين في الخارج.
أما السند القانوني لهذه الحالة من” عدم الإعتراف” إن جاز التعبير، فينطلق من قاعدة أن الانتخابات لا تتم وفق الشروط المنصوص عليها، في القرار الأممي رقم 2254، والذي تبناه مجلس الأمن الدولي بالاجماع، في العام 2015 لوقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية للوضع في سوريا، وهذا الموقف تتوافق عليه أبرز القوى الغربية مع كل من واشنطن، والمعارضة السورية.
فيمَ يستند النظام السوري في إجرائه للانتخابات لدستور البلاد، الذي أقر في البلاد عام 2012، والذي تعتبره المعارضة السورية “غير شرعي”، بسبب الظروف التي أُقر بها، خاصة إجراءات الاستفتاء عليه، وطريقة وضعه وتفصيله بالقياس مع متطلبات رئاسة النظام الحالية، على حد قول المعارضة.
قال كثير من مراقبي المشهد السوري أن دستور 2012، ما هو إلا تعديل لدستور 1973، وأنه كان استجابة لضغط الشارع، والغرب، وهنا، بقيت كثير من مواد الدستور الدائم في دستور 2012، ومنها ما يتعلق بصلاحيات الرئيس، إضافة إلى المادة الثالثة التي شهدت إعادة كلمة “الطوائف”، واستعاد دستور 2012 ما جاء في دستور 1950 حول ذلك إذ تنص المادة الثالثة على:
“دين رئيس الجمهورية الإسلام.
الفقه الإسلامي مصدر رئيسي للتشريع.
تحترم الدولة جميع الأديان، وتكفل حرية القيام بجميع شعائرها على أن لا يخلّ ذلك بالنظام العام داخلها.
الأحوال الشخصية للطوائف الدينية مصونة ومرعية.”

  • أما المادة الثامنة – جوهر إعتراض الجماهير- المتعلقة “باحتكار” البعث للسلطة، فقد عُدِلَت إلى “التعددية السياسية” إذ تقول:
    “يقوم النظام السياسي للدولة على مبدأ التعددية السياسية، وتتم ممارسة السلطة ديمقراطياً عبر الاقتراع”.
  • كما وضع دستور 2012 سقفاً لعدد مرات انتخاب رئيس الجمهورية، وهو يشير صراحة إلى الرئيس الحالي في المادة 88:
    “ينتخب رئيس الجمهورية لمدة سبعة أعوام ميلادية تبدأ من تاريخ انتهاء ولاية الرئيس القائم، ولا يجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية إلا لولاية واحدة تالية”
  • بينما تقول المادة 155:
    “تنتهي مدة ولاية رئيس الجمهورية الحالي بانقضاء سبع سنوات ميلادية من تاريخ أدائه القسم الدستوري رئيساً للجمهورية، وله حق الترشح مجدداً لمنصب رئيس الجمهورية، وتسري عليه أحكام المادة / 88/ من هذا الدستور اعتباراً من الانتخابات الرئاسية القادمة”
    وكل ذلك هو من المسائل التي تشهد خلافات حادة، إضافة إلى الشروط التي حددها الدستور لمن يحق له الترشح لمنصب الرئيس، إذ يشترط أن يكون مقيماً في سوريا منذ 10 سنوات متصلة، وهذا يعني أن كثيرا من المعارضين لن يستطيعون الترشح للمنصب، وبالتالي، النص الدستوري هنا يعوق تداول السلطة، وحق الترشح لقطاع من المواطنين السوريين، المقيمين بالخارج، وهذا يخالف معايير المواطنة التي تساوي تحت مظلتها بين كل مَن ينتمي للدولة صاحبة الدستور.
    تراشق مع باريس:
    وبالعودة للانقسام الفج بالمواقف الدولية، أدانت وزارة الخارجية في دمشق بشدة أمس تصريحات المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية حول الانتخابات الرئاسية، والتي اعتبرتها “باطلة وغير شرعية”، كما وصفتها بأنها تفتقر إلى المعايير اللازمة ولا تسمح بإيجاد حل للخروج من الأزمة.
    واعتبر مصدر دبلوماسي سوري، أن توافد السوريين بكثافة إلى مراكز الاقتراع على امتداد العالم بما فيها باريس يشكل الرد الأبلغ على هذه التصريحات- بحسب تعبيره-.
    وتابع إن الحكومة إذ تدين بشدة هذه التصريحات فإنها تؤكد أن مقاربة الحكومة في سورية أثبتت فداحة خطئها، ,انها لن تستطيع إعاقة عملية توطيد الاستقرار فيها وأكد أن على فرنسا أن تعلم أن عجلة الزمن لن تعود إلى الوراء وأن عهد الانتداب قد ولى إلى غير رجعة والشرعية في سورية اليوم يمنحها السوريون وحدهم وليس المندوب اللا سامي القابع في باريس.
    ورغم ذلك، وفي مفارقة سمحت باريس بفتح السفارة السورية لإقتراع المواطنين هناك، وشوهد رفعت الأسد ينتخب ابن أخيه في مفارقة أخرى، نظراً لسنوات القطيعة بينهما.
    بينما رفضت برلين فتح السفارة السورية ببرلين، شأوها في ذلك شأو كندا وعديد من دول أوروبا.