نقرة وموسكو وإعادة ترتيب أوراق اللعب على الساحة الليبية

أ
مازال الملف الأمني قيد التفاوض والحل وفقاً لخارطة الطريق الراعية لترتيبات المسألة الليبية، والتي أسفر مخاضها عن “حكومة الوحدة” برئاسة عبد الحميد الدبيبة، في ( 16 آذار/مارس 2021)، تلك الحكومة منوط بها بشكل رئيس إتمام الاستحقاق الإنتخابي، ونقل السلطة بسلاسة وفق ما اتفق عليه تحت الرعاية الأممية منذ (تشرين الأول/ أكنوبر) الماضي.
وكما تشير أغلب التحليلات، فإن الإقليم الليبي على مدى العقد المنصرم، كان ملعباً مفتوحاً لمعظم اللاعبين الإقليميين والدوليين في المنطقة، ومع ترتيبات توحيد الدولة الليبية، مازال هناك أطراف لا تريد أن تبرح مكانها بسبب التكلفة الباهظة في التسليح والعَتاد التي تحملتها لعشر سنوات، وعلى رأس هؤلاء موسكو التي دخلت ليبيا بقوات فاغنر لدعم المشير خليفة حفتر، فيمَ دعمت أنقرة تيار الإسلام السياسي، وقامت توريد المرتزقة من سورية، فضلاً عن طائرات الدرون، ورجال المخابرات الأتراك الذين انتشروا في طرابلس ومصراتة.
إذن، ففي ليبيا، كما في الملف السوري، وملف قره باغ، وملف الغاز، تتقاطع المصالح بين الروس والأتراك، ومع عدم خروج المرتزقة والأجانب من الأراضي الليبية، إذ تقدرهم الأمم المتحدة بنحو 20 ألفاً، مازال الجانبان يتبعان سياسة المفاوضة عبر إطلاق النيران بالضغط في ملف لتحريك آخر، ففي أحيان كثيرة أتت ليبيا، مقابل شمال سوريا والعكس.
ورغم تواجههما في معسكرين متعارضين بليبيا قبل التسوية السياسية، منذ (نيسان/ أبريل 2019)، اقتسم البَلَدان الحاجة لإعادة التوازن في علاقاتهما مع أوروبا.
فبالنسبة لروسيا وتركيا، تعتبر هذه المسألة أكثر أهمية من التموضع في ليبيا. وتم تحقيق هذا التقارب بين البلدين وبين كل منهما مع أوروبا باستخدام ليبيا كوسيلة للمفاوضات، فيما غُيّبت مصالح الليبيين وفق المساومات وعلى حساب انقسام متفاقم البلد.
أما الآن، فكلاهما لا تريد خسارة موطىء القدم المحقق في ليبيا، ولا ورقة المساومة، لكن تركيا أكثر ترجمة لذلك على الأرض من خلال الإستهداف بالطائرات المسيرة (الدرون)، ووقوفها وراء إعلان تنظيم الإخوان في بلادهم حالة ” إعادة التموضع”، عبر تغيير اسمه وهويته وانتقاله إلى جمعية تحت اسم “الإحياء والتجديد”، وهي “مناورة إخوانية” الهدف منها تجديد الجماعة نفسها وإعادة تنظيم صفوفها للوصول إلى السلطة عبر الانتخابات القادمة، خاصة بعد تراجع شعبية الجماعة داخل ليبيا وتلقيها عدة ضربات وخسائر أدت إلى انقسامها، إضافة إلى انكشاف خططها وارتباطاتها بالتنظيمات المتطرفة والإرهابية، وإدراكها كوكيل لتركيا أن العملية السياسية سوف تستمر رغم التحديات.
كذلك، ورغم أفول (فاغنر) إلا أن روسيا ستصر على التواجد، نكاية في الأمريكيين في جهة، ولحفظ التوازن المُشار إليه أمام تركيا والأوروبيين، في جهة أخرى.