مع تصاعد الأحداث في غزة، أٌشير إلى أنه ثمة تناقض في موقف القاهرة، فعلى الرغم من أنها تظهر حالة القوي للفلسطينيين إلا أنها في نفس الوقت قامت باعتقال المواطنين على خلفية إظهار الدعم لغزة.
هذا، وقد أخلت السلطات المصرية سبيل عدد من المواطنين الذين رفعوا علم فلسطين في مناطق متفرقة من العاصمة القاهرة، وأبقت على بعضهم قيد الاحتجاز، بحسب ما أفاد محامون حقوقيون، ونشر نشطاء على صفحات مواقع التواصل.
وروى حازم حسام الدين، وهو محامي مركز حقوقي مصري – لم يرغب في ذكر اسمه- أن أسرة “أحمد علاء” الذي اعتقل يوم 14 مايو، بعد أن حضر صلاة الجمعة بأحد مساجد حي الدقي، كان يسير في الشارع وهو يرفع علم فلسطين دون أن يردد أي شعارات، ولم يكن جزءاً من مجموعة عند القبض عليه.
وقال حسام الدين: “بعد التواصل مع علاء في مركز الشرطة، اكتشفت أن مواطنين آخرين معتقلون أيضاً بالسبب نفسه، وهو إظهار التضامن مع غزة”.
وتعليقاً على التطورات القانونية، قال إنه ينتظر مراجعة النيابة لمعرفة التهم الموجهة ضد علاء وآخرين، وأشار إلى أنه كان من المفترض أن تنظر النيابة في القضية يوم الاعتقال، وأضاف أنهم مازالوا محتجزين بشكل غير قانوني في مركز الشرطة.
وكانت الشرطة المصرية اعتقلت الصحفية المصرية “نور الهدى زكي” لفترة وجيزة يوم 13 مايو، على خلفية التضامن مع الشعب الفلسطيني في ميدان التحرير ورفع العلم الفلسطيني، وأُطلق سراحها بعد ساعات.
وقالت “زكي” أنها تعرضت لسوء المعاملة، والتهديد بالنقل إلى السجن، وأضافت أن قوات الأمن احتجزتها لساعات داخل مبنى سكني في ميدان التحرير، قبل أن يتلقى الضابط المسئول عن اعتقالها اتصالاً هاتفياً بالإفراج الفوري عنها.
وقال محام آخر طلب عدم نشر اسمه إن هناك قرابة 17 معتقلاً جميعهم من القُصَر في مركز شرطة بوسط القاهرة، وقال أنهم اعتقلوا جميعاً لتضامنهم مع فلسطين، واحتجاجهم برفع العلم الفلسطيني، وأن أحدهم اعتقل بتهمة “حرق العلم الإسرائيلي” بحسب محضر الشرطة، ويعتبر المحامي هذه الخطوة محاولة من قبل الأجهزة الأمنية لتوجيه أي تهمة ضد الشباب الذين أبدوا تضامناً مع فلسطين، وأدانوا الإعتداءات على قطاع غزة.
وأشار المحامي إلى أن قضايا المعتقلين ظلت قيد النظر في قسم الشرطة قبل اتخاذ أي اجراء بحقهم، سواء بالإفراج، أو بأن تتم إحالتهم إلى النيابة لمزيد من التحقيق، أو وضعهم رهن الإعتقال بشكل غير قانوني، وأضاف أن القانون ينص على إحالة الموقوفين إلى النيابة العامة خلال 24 ساعة من القبض عليهم وبعضهم ظل هناك أكثر من ثلاثة أيام.
وأتت هذه الإعتقالات بحق المتضامنين مع فلسطين والفلسطينيين، في وقت أعربت فيه الخارجية المصرية عن إدانتها الواضحة للقصف الإسرائيلي على قطاع غزة، ومحاولات إخلاء حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية.
وفي حديثه خلال الاجتماع الافتراضي لمجلس الأمن يوم 16 مايو، أدان وزير الخارجية المصري سامح شكري الإجراءات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، وقال إنه لن يكون هناك أي سلام في غياب حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وندد بالتهجير القسري ومصادرة المنازل في القدس.
وفي إطار التحركات المصرية، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن مبادرة بتخصيص مبلغ 500 مليون دولار لإعادة إعمار غزة، وقال أن شركات المقاولات المصرية ستشارك في عملية إعادة الإعمار.
فيمَ اعتقلت السلطات المصرية الشاب “عمر أحمد مرسي”، الذي لا يعرف مصيره حتى الآن، ولم يعد عمر إلى منزله منذ ذلك الحين، ولا تعرف والدته عنه أي معلومة، رغم سؤالها وعدداً من المحامين الحقوقيين عنه في قسم شرطة قصر النيل، الذي أنكر وجوده لديه.
وانتشر وسم على صفحات تويتر يطالب بالكشف عن مصير مرسي، حيث دشّن مغردون مصريون وسم #عمرمرسيفين، للتضامن مع الشاب الذي اختفى يوم الجمعة الماضي، بعد أن أخبر والدته بأنه سينزل لصلاة الجمعة في مسجد عمر مكرم المطل على ميدان التحرير وسط القاهرة، وسيقف، ولو وحيداً، في الميدان، حاملاً علم فلسطين، للتظاهر ضد الاعتداءات الصهيونية على الفلسطينيين.
كما ألقت القوات المصرية القبض على الطبيب “حسام الدين شعبان”، أخصائي جراحة العظام في مستشفى قصر العيني بالقاهرة، وعضو الفريق الطبي المتطوع لعلاج المصابين الفلسطينيين في قطاع غزة، بدعوى “إفشاء أسرار عسكرية”، على خلفية نشره بعض التغريدات على موقع “تويتر”، لسرد تفاصيل رحلته من القاهرة إلى مدينة رفح المصرية.
وكانت أجهزة الأمن المصرية، قد شنت حملة مكبرة على الأسواق الشعبية في مناطق العتبة والموسكي والأزهر في وسط القاهرة، لمصادرة أعلام دولة فلسطين، والتحذير من تعرض بائعيها لعقوبتي الحبس والغرامة. وذلك لقطع الطريق على تنظيم أية وقفات تضامنية للتنديد بجرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني.
واعتبر مغردون اختفاء مرسي، وما حدث مع نور الهدى زكي وآخرين، يدحض ادعاءات أذرع إعلامية تابعة للحكومة المصرية، تروّج عن تضامنها مع القضية الفلسطينية.