يبدو أن النظام في مصر فقد حماسته تجاه إجراء الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أواخر نيسان الماضي، أو ربما كان من البداية مجرد “بالون إختبار” لردة فعل الإدارة الأميركية، ومؤسسات التمويل الدولية، تجاه القاهرة الرازحة تحت وطأة أزمة إقتصادية كبيرة، وشروط إقراض صعبة، ودور إقليمي مطلوب منها أداءه، تجاه إسرائيل، من جهة، والحرب بين موسكو وكييف، من جهة أخرى.
ولعل “التعطيل” الذي أصاب دعوة الحوار المشكوك فيها سلفاً من جانب المعارضة، بات أمراً تدلل عليه شواهد عدة من بينها، عدم نشر وسائل الإعلام الموالية للنظام أي تفاصيل حول مبادرة السيسي، وتعليق العديد من السياسيين والنشطاء من بينهم أعضاء من حزب الكرامة المعارض أي تواصل لهم في الحوار حتى الإفراج عن المعتقلين برز من بينهم اسم يحيى حسين عضو الحركة المدنية المحبوس احتياطياً على ذمة قضية نشر أخبار كاذبة، رغم وجود أسماء أخرى بارزة أُفرِج عنها.
بهذا الصدد، أفادت مصادر قريبة من دوائر الإدارة المصرية، أن تصاعد المطالب السياسية للمعارضة بات يقف للحيلولة دون مضي الفريق المحيط بالسيسي في مسألة الحوار بجدية خشية تطور تلك المطالب إلى ما يهدد وجود النخبة الحالية كإجراء انتخابات رئاسية مبكرة عن 2030، أو تعديلات دستورية.
وفي المقابل، فإن ثمة “مبادرة موازية” دعت إليها شخصيات بارزة من المعارضة المصرية أبرزهم محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية الذي أيد دعوة السيسي ولكن على حرف، وأيمن نور الذي فر منذ سنوات إلى تركيا، وكذلك، المعارض ممدوح حمزة.
السياسيون الثلاثة على ما يبدو قرروا عمل “حوار موازِ” للذي دعا إليه رأس النظام في مصر، إذ يشككون في قدرة الأكاديمية الوطنية للشباب على إدارة الحوار.
وفي هذا السياق، انتقد (السادات) إسناد إدارة الحوار إلى الأكاديمية مطالباً بأن يُدار من جانب مجلس الشيوخ، ودعمته في ذلك بشدة جماعة الإخوان المسلمون، عبر قنواتها الإعلامية.
ولما كانت العديد من التقارير قد أفادت بأن الحوار جاء بالأساس بناء على نصيحة من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للنظام المصري، من أجل الإبقاء على مصالحها مع السيسي، فلا عجب إذاً أن يكون محمد أنور السادات صاحب الإتصالات الجيدة مع أعضاء الكونغرس الأميركي منذ سنوات، وصاحب دعوة إجراء حوار وطني سابقة هو مَن يتحدث بصوت عالِ لإبراز نفسه مع آخرين كفاعلين بارزين على الساحة السياسية المصرية، بغض النظر عن مصلحة النظام، لأن المصالح الشخصية لرؤساء الأحزاب الورقية من وجهة نظر المحللين، رأت لنفسها فرصة بهذا المجال.
وفي وقت سابق، وقع عدد من الإعلاميين والسياسيين والنشطاء الحقوقيين المصريين على عريضة مطالب تستهدف بناء الثقة واختبار حسن نية النظام وجديته حول بدء مرحلة سياسية جديدة، وذلك في أعقاب تصريحات رئيس النظام عبد الفتاح السيسي حول مبادرة “الحوار الوطني، ورغم ذلك، فقد أصبح الحديث عن ” الحوار الوطني” ضبابياً للغاية.