على الطريق الملغم بالتحديات، تقترب الأزمة الأوكرانية من عامها الأول، وسط ضبابية في المشهد وتصعيد على الأرض، فيما تدثر طرفا الأزمة بالحلفاء، لمواجهة صقيع الشتاء.
ففيما هرعت أوكرانيا إلى الدول الأوروبية والغربية للحصول على مزيد من الدعم، بعد انتكاسات عسكرية مؤخرًا، محاولة تحويل مسار الحرب، وسعت روسيا قائمة ممثلي الاتحاد الأوروبي الممنوعين من دخول أراضيها.
فما جديد الأزمة الأوكرانية؟
أعلن قائد الجيش الأوكراني فاليري زالونجي يوم الثلاثاء أنه التقى للمرة الأولى رئيس هيئة أركان الجيوش الأمريكية مارك ميلي على خلفية مفاوضات مكثفة بشأن تزويد كييف المزيد من الأسلحة الغربية.
وقال زالونجي عبر تلغرام “لقائي الأول شخصيًا بالجنرال مارك ميلي حصل اليوم في بولندا”، مشيرًا إلى أنه شكر ميلي لدعمه “الثابت” لأوكرانيا وعدّد “الحاجات الملحّة” للجيش الأوكراني.
يأتي ذلك، فيما أعلن الرئيس فولوديمير زيلينسكي الثلاثاء، بأن بلاده حصلت على دفعة أولى تبلغ ثلاثة مليارات يورو من مجموع 18 مليارا يتوقع أن تحصل عليه من الاتحاد الأوروبي في 2023.
وكتب الرئيس الأوكراني على تويتر “تلقت أوكرانيا أول ثلاثة مليارات يورو من برنامج مالي جديد بقيمة 18 مليار يورو” لدعم الاقتصاد الأوكراني.
وشكر رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، ومجموعة السبع والعشرين على “الدعم القوي” لكييف، بعد حوالى 11 شهرًا على العملية العسكرية الروسية.
وفي منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، أقر الاتحاد الأوروبي منح هذه المساعدة المالية الجديدة لأوكرانيا، بعد مفاوضات شاقة بين الدول الأعضاء.
ووفقًا لمركز الأبحاث الأوكراني للاستراتيجيات الاقتصادية، قد تصل القيمة الإجمالية للمساعدات الغربية لأوكرانيا (المالية والعسكرية وغيرها) إلى ما مجموعه 100 مليار دولار في 2023، بينها أكثر من 40 مليارًا لقواتها المسلحة فقط.
إرسال أسلحة
لم يكن ذلك الدعم ممثلا في الأموال الأوروبية فحسب، بل إن وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي برر يوم الثلاثاء قرار المملكة المتحدة إرسال دبابات إلى أوكرانيا، بمساعدتها على “صد” الروس في شرق البلاد وجنوبها، مؤكّدا أن لندن ستدعم الأوكرانيين “حتى النصر”.
وقال الوزير البريطانية، في كلمته بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن “الرسالة التي نوجهها إلى (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين هي أننا ملتزمون الدفاع عن الأوكرانيين حتى يحققوا النصر”.
وأضاف “على بوتين أن يفهم أننا سندعمهم (الأوكرانيون) استراتيجيا حتى تنجز المهمة وأفضل شيء يمكن أن يفعله للحفاظ على أرواح قواته هو إدراك هذا الأمر”، مشيرًا إلى أن بريطانيا ستنظر في إرسال مساعدات أخرى لأوكرانيا مع تطور حاجاتها.
وكانت لندن أعلنت السبت أنها سترسل لكييف دبابات تشالنجر 2، لتكون أول بلد يسلم أوكرانيا دبابات ثقيلة غربية الصنع، من طراز تشالنجر 2 لأوكرانيا.
وزوّدت دول أوروبية كييف في السابق نسخا حديثة من دبابات سوفياتية فيما وعدت الولايات المتحدة وفرنسا بتسليمها دبابات خفيفة، مع إرسال واشنطن مدرّعات من طراز برادلي.
ألمانيا على الخط
ومن بريطانيا إلى ألمانيا، كانت أوكرانيا على مقربة من الحصول على أسطول دبابات قتالية حديثة تأمل في أن يحول مسار الحرب بعد أن قالت ألمانيا إن هذا الأمر سيكون على رأس جدول أعمال وزير دفاعها الجديد.
وتعتبر دبابات ليوبارد القتالية ألمانية الصنع، وهي العمود الفقري للجيوش في جميع أنحاء أوروبا، الخيار الوحيد المعقول والمتاح بأعداد كافية لكن لا يمكن تسليمها بدون موافقة برلين التي تمتنع عن ذلك حتى الآن.
ومع اجتماع الحلفاء الغربيين في قاعدة جوية أمريكية في ألمانيا يوم الجمعة للتعهد بتقديم دعم عسكري لأوكرانيا، تتعرض برلين لضغوط شديدة للتخلي عن اعتراضاتها هذا الأسبوع، وسيكون هذا واحدا من أهم التحولات في المساعدات الغربية حتى الآن.
والقرار متروك الآن لوزير الدفاع الألماني الجديد بوريس بيستوريوس الذي عُين اليوم الثلاثاء خلفا لكريستينه لامبريشت التي استقالت في أعقاب عثرات كان من بينها رسالة مبهجة ألقتها في رأس السنة وتناولت الحرب ووصفها معارضون بأنها تفتقر إلى التعاطف.
إلا أنه في أولى تصريحاته بعد تولي المنصب، لم يشر بيستوريوس إلى أي أسلحة لأوكرانيا وقال في بيان “أعرف أهمية المهمة… من المهم بالنسبة لي أن أشرك الجنود (في الأمر) عن كثب وأن يكونوا معي”.
وألمانيا حذرة بخصوص إقرار إرسال أسلحة خشية اعتبار هذه الخطوة تصعيدا للحرب. لكن الحلفاء يقولون إن القلق في غير محله مع عدم إظهار روسيا أي علامة على التراجع عن هجومها على جارتها.
وتجاوزت بريطانيا هذا المحظور مطلع الأسبوع وتعهدت بتقديم دبابات تشالنجر لكن ما لديها قليل جدا لا يكفي لتشكيل أساس للقوة الأوكرانية. وترى أوكرانيا أن دبابات أبرامز الأمريكية التي تعمل بمحركات توربينية تحرق الكثير من الوقود ولا تستطيع تشغيلها بأعداد كبيرة.
حزمة عقوبات
وقالت بولندا وفنلندا بالفعل إنهما سترسلان دبابات ليوبارد إذا وافقت برلين على إعادة تصديرها.
وقال الرئيس البولندي أندريه دودا اليوم الثلاثاء بالمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا “نتمنى ونحاول تنظيم دعم أكبر لأوكرانيا. نتمنى أن يقدم عدد قليل من الشركاء والحلفاء دبابات لأوكرانيا”.
من جهة أخرى، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عن نية الاتحاد الأوروبي فرض حزمة عاشرة من العقوبات ضد روسيا، مؤكدة أن حزمة الإجراءات الجديدة ستركز بشكل أساسي على سد الثغرات في التدابير المتخذة.
وأضافت أن القيود القادمة معدة لإنهاء التحايل على عقوبات الاتحاد الأوروبي وفرض عقوبات على ذلك.
كيف ردت روسيا؟
ردت روسيا على الخطوات الأوروبية، بتوسيع قائمة ممثلي الاتحاد الأوروبي الممنوعين من دخول أراضيها، بحسب وزارة الخارجية الروسية، التي قالت في بيان صادر عنها، إن الاتحاد الأوروبي يواصل محاولة الضغط على روسيا من خلال إجراءات تقييدية أحادية الجانب.
وأضافت الخارجية الروسية: “نعتبر مثل هذه الأعمال التي يقوم بها الاتحاد الأوروبي غير شرعية، وتقوض الصلاحيات القانونية الدولية لمجلس الأمن الدولي”، مشيرة إلى أن البرلمان الأوروبي ينتهج كذلك خطا عدائيا مناهضا لروسيا.
وأشارت إلى أنها وسعت قائمة ممثلي المؤسسات الأوروبية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، الممنوعين من دخول الأراضي الروسي، وفقا للقانون الفيدرالي “حول إجراءات دخول ومغادرة روسيا” الصادر بتاريخ آب/أغسطس 15 عام 1996.
وتشمل العقوبات: قادة مؤسسات القوة في دول الاتحاد الأوروبي المنخرطة في تدريب العسكريين الأوكرانيين في إطار بعثة الاتحاد الأوروبي الخاصة بتقديم المساعدة لأوكرانيا، ورؤساء المؤسسات الأوروبية الحكومية والتجارية التي تنتج وتورد المعدات العسكرية لنظام كييف، ومواطني دول الاتحاد الأوروبي، الذين يدلون بشكل منهجي بتصريحات معادية لروسيا.
وفي خطوة تصعيدية جديدة، أحال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى مجلس “الدوما” مشروع قانون يفسخ الاتفاقات المبرمة مع مجلس أوروبا، فيما أكد “الدوما”، تسجيل مشروع قانون يفسخ اتفاق عضوية روسيا في المعاهدات الدولية لمجلس أوروبا”.
المصدر: وكالات