People walk past a currency exchange shop displaying a giant US dollars banknote in downtown Cairo on November 3, 2016. - Egypt floated the country's pound as part of a raft of reforms, after a dollar crunch and exorbitant black market trade threatened to grind some imports to a halt. (Photo by KHALED DESOUKI / AFP)

“ضربة مزدوجة”.. قرار “أوبك +” يبرز “شبح الركود”

صاحبت انتقادات واسعة قرار “أوبك +” الأخير بخفض إنتاج النفط، في خطوة رأت فيها السعودية، التي تقود تحالف “أوبك”، تحقيقا لتوازن اقتصادي و”خطوة استباقية”، في حين يرى خبراء أنها قد تخلف أضرارا في الأسواق من شأنها أن ترفع مخاطر الركود. 

وتوقع الخبير الاقتصادي المتخصص في شؤون النفط والطاقة، عامر الشوبكي، أن ترتفع أسعار النفط بشدة بعد قرار مجموعة “أوبك+” خفض إنتاجها من النفط، فيما اعتبر الخبير الاقتصادي الأميركي، جيمس هنري، أن القرار سيضر بالنمو العالمي.

وقال هنري في تصريحات لموقع الحرة إن هذه الخطوة لن تتأثر بها الولايات المتحدة فحسب، التي عارضت تلك الخطوة، ولكن أيضا العديد من البلدان النامية، خاصة أن التوقعات الاقتصادية العامة في العالم “ليست جيدة”.

والأربعاء الماضي، أعلنت مجموعة الدول المصدرة للنفط وحلفاؤها المعروفة باسم “أوبك بلاس” التي تقودها السعودية وروسيا، خفض إنتاج النفط بواقع مليوني برميل نفط يوميا، ابتداء من تشرين الثاني/نوفمبر، وذلك بهدف إبقاء أسعار الذهب الأسود في مستويات عالية.

ورد وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، بالإشارة إلى “الشكوك” التي تحوم حول الاقتصاد العالمي وإمكان حدوث ركود، والحاجة إلى القيام بخطوات استباقية من أجل المحافظة على “استقرار السوق”.

وأثار قرار خفض الإنتاج غضب الولايات المتحدة وأعرب الرئيس الأميركي، جو بايدن، عن “خيبة أمل من قرار أوبك بلس قصير النظر”، لاسيما وأن التخفيضات هي الأكبر منذ جائحة كوفيد-19 وفاقت توقعات المحللين.

وتقول وكالة أسوشيتد برس إنه بالنظر إلى قانون العرض والطلب، “فإن هذا يمكن أن يعني شيئا واحدا فقط: ارتفاع أسعار النفط الخام ووقود الديزل والبنزين وزيوت التدفئة التي يتم إنتاجها من النفط”.

وبعد انخفاض أسعار النفط، في الأسابيع الماضية، بعد ارتفاع متواصل خلال أشهر الصيف، تتجه المجموعة لتحقيق أكبر مكاسب أسبوعية منذ مارس، وفق الوكالة.

وصعد الخام الأميركي القياسي 3.2 بالمئة، يوم الجمعة، إلى 91.31 دولار للبرميل. وارتفع خام برنت، المعيار الدولي، بنسبة 2.8 في المئة إلى 97.09 دولارا.

وكانت أسعار النفط قد ارتفعت منذ يوم الإثنين، أي قبل يومين من اجتماع المجموعة، وسط تكهنات بأن “أوبك بلاس” ستعلن عن تخفيضات، وفق وول ستريت جورنال.

وعلى المدى القريب، تميل الكفة لصالح المجموعة لأن الغرب “ليست لديه تدابير مضادة فعالة تحت تصرفه”، وفق الصحيفة. 

وتقترب الولايات المتحدة من نهاية السحوبات التاريخية المقررة من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي.

وبينما ترك البيت الأبيض الباب مفتوحا لمزيد من هذه القرارات، “فإن المزيد من السحوبات الكبيرة ستكون محفوفة بالمخاطر مع استنفاد المخزونات”، وفق دان بيكرينغ، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة بييكرينغ إنرجي ” في تغريدة على تويتر.

وفي ظل هذا الوضع، تزداد احتمالات التضخم في الولايات المتحدة، وفق جون أوثرز في بلومببيرغ، بعد أن كان هناك “شعور قوي بأن التضخم العام قد بلغ ذروته بالفعل وأن تكاليف الوقود ستنتقل قريبا من المساهمة في ارتفاع سنوي إلى انخفاض سنوي”.

ويتوقع خورخي ليون، من “ريستاد إنرجي”، في حديثه لأسوشيتد برس، أن يصل خام برنت إلى 100 دولار للبرميل بحلول ديسمبر، وهذا أعلى من توقع سابق حول 89 دولارا، وفق أسوشيتد برس.

ويتوقع الخبير الاقتصادي، عامر الشوبكي، أن تعاود أسعار النفط ارتفاعها إلى 100و120 دولارا للبرميل بنهاية العام الحالي، لكننا لا زلنا في بداية تأثر الأسواق بهذا الخفض، لأنه سيحدث الشهر المقبل”.

وقال: “الضربة كانت مزدوجة للأسواق. التخفيض كبير والمدى طويل. شهرين لنهاية العام الحالي، بالإضافة إلى عوامل ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار، منها زيادة الطلب على النفط في فصل الشتاء، بالإضافة إلى حظر النفط الروسي في أوروبا بالتزامن مع مسألة السقوف السعرية، وزيادة حركة السفر، عدا الصدمات التي قد تحدث مثل انقطاعه بسبب اضطرابات أو عوامل جوية”.

وتقول أسوشيتد برس ووول ستريت جورنال إن جزءا من التخفيض البالغ 2 مليون برميل يوميا هو فقط على الورق، لأن بعض دول “أوبك بلاس” غير قادرة على الوفاء بحصصها المقررة بالفعل.

وتتوقع الوكالة تخفيضات فعلية بقيمة حوالي 1.2 مليون برميل فقط يوميا، بينما تنقل وول ستريت جورنال عن شين كيم، رئيس تحليلات إمدادات النفط والإنتاج في “آس آند بي غلوبال كوميديتي إنسايتس” خفضا حوالي 0.7-0.8 مليون برميل.

ورغم ذلك، يتوقع ليون أن يكون لذلك تأثير “كبير” على الأسعار حول العالم. وكتب في مذكرة: “ستضيف أسعار النفط المرتفعة حتما إلى أزمة التضخم التي تكافحها البنوك المركزية العالمية، وسيؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى المزيد من حسابات زيادة أسعار الفائدة لتهدئة الاقتصاد”.

وسيؤدي ذلك، وفق الوكالة، إلى ارتفاع أسعار البنزين في جميع أنحاء العالم، وتفاقم أزمة الطاقة في أوروبا المرتبطة إلى حد كبير بالتخفيضات الروسية لإمدادات الغاز الطبيعي المستخدمة للتدفئة والكهرباء وفي المصانع.

ويغذي هذا الأمر التضخم من ناحية أن الناس سيكون لديهم أموال أقل لإنفاقها على أشياء أخرى مثل الطعام والإيجار.

ويشير هنري في حديثه لموقع الحرة إلى أن القرار سيكون له “بعض التأثير في الوقت الحالي على الاقتصاد العالمي، لأنه يتباطأ بالفعل بسبب إجراءات الاحتياطي الفيدرالي، وتباطؤ النمو في الصين، لذا فإن هذا يضيف إلى المشكلة”.

ويشير إلى أن صندوق النقد الدولي توقعا نموا عالميا بنسبة 2.7 في المئة فقط العام المقبل، وهو رقم منخفض بالنسبة لمؤسسة تميل إلى التفاؤل.

ويقول: “نحن نتجه نحو الركود”.

ويشير الشوبكي إلى أن أسعار النفط ستزيد من مشكلة التضخم التي “ستكون مستدامة لعدة أشهر”، مشيرا إلى أن العديد من مدخلات النفط تدخل في العديد من الصناعات وهي عنصر أساسي في تحديد الأسعار، ما يحبط جهود البنوك المركزية في خفض الأسعار.

وستؤدي إلى “الهرولة أسرع للركود” في العديد من البلدان، مشيرا إلى توقعات بحدوث هذا الركود في نهاية العام الحالي أو الربع الأول من العام المقبل.

ويقول هنري إن الروس “مبتهجون من هذا القرار، لأنهم يحاولون الحفاظ على أسعار النفط مرتفعة، ويواجهون محاولات وضع حد أقصى لأسعار النفط، وهو ما يعرف باسم “السقوف السعرية”.

وتسعى دول، من بينها الولايات المتحدة، إلى وضع سقوف سعرية للنفط الروسي بهدف الحفاظ على تدفق ذلك النفط إلى السوق العالمية بأسعار منخفضة. ومع ذلك، هددت روسيا بوقف عمليات التسليم إلى دول أو شركات تلتزم بهذا الحد الأقصى. 

وتقول الوكالة إن ذلك قد يؤدي إلى إخراج المزيد من النفط الروسي من السوق وبالتالي زيادة الأسعار.

ويوضح الشوبكي أن توقعات أسعار النفط هذه لا تأخذ في الاعتبار عودة إيران إلى سوق النفط أو رفع العقوبات عن النفط الفنزويلي.

ويشير هنري إلى أن اتفاقا أميركيا مع فنزويلا يمكن أن يساهم بشكل كبير في خفض أسعار النفط، موضحا: “يمكن للبلدين الاستفادة من وجود علاقات أفضل، ويمكن للمنطقة بأسرها أن تساعد في توحيد جهودها فيما يتعلق بقضايا مثل الهجرة وأسعار الطاقة”.

وكانت وكالة رويترز نقلت عن مسؤولين حكوميين وخبراء في واشنطن والخليج إن قرار مجموعة “أوبك بلاس” زاد من الضغوط على العلاقات المتوترة بالفعل بين البيت الأبيض في عهد بايدن والعائلة المالكة في السعودية، التي كانت يوما أحد أقوى حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط.

ودفع القرار بعض المشرعين الأميركيين إلى إعادة التفكير في تحالف واشنطن مع المملكة.

وطلب السيناتور البارز، بيرني ساندرز، بسحب القوات الأميركية من السعودية قائلا: “إذا أرادت السعودية أن تتعاون مع روسيا لرفع أسعار الغاز الأميركي، فيمكنها أن تجعل بوتين يدافع عن نظامها الملكي”.

وقال ساندرز: “يجب علينا سحب جميع القوات الأميركية من السعودية، والتوقف عن بيع الأسلحة لهم وإنهاء كارتل النفط الذي يحدد الأسعار”.

وغرد السيناتور الديمقراطي، كريس مورفي، قائلا: “كنت أعتقد أن الهدف الكامل من بيع الأسلحة لدول الخليج على الرغم من انتهاكاتها لحقوق الإنسان، وحرب اليمن التي لا معنى لها، والعمل ضد المصالح الأميركية في ليبيا والسودان، إلخ، هو أنه عندما تحدث أزمة دولية، سيفضل الخليج أميركا على روسيا/ الصين”.

ودعا الأحد في مقابلة إلى إعادة تقييم التحالف العسكري مع المملكة، قائلا في برنامج “حالة الاتحاد” على قناة “سي أن أن”: “نبيع كميات هائلة من الأسلحة للسعوديين… أعتقد أننا بحاجة إلى إعادة التفكير في تلك المبيعات. أعتقد أننا بحاجة إلى رفع الإعفاء الذي منحناه عن منظمة أوبك بلاس من مسؤولية تحديد الأسعار. أعتقد أننا بحاجة إلى إلقاء نظرة على وجودنا الحقيقي في الشرق الأوسط والسعودية”.

لكن وزير الخارجية السابق، مايك بومبيو، من جانبه، اعتبر في مقابلة أخرى، الأحد، أن على البلدين الحفاظ على “علاقة أمنية عميقة ومهمة”.

وقال بومبيو لبرنامج “فوكس نيوز صنداي: “لقد كانوا شريكا أمنيا مهما، ويجب أن يستمروا في ذلك. إدارة بايدن اختارت الطرف الخاطئ من العصا”.

المصدر: وكالات