دخلت الحرب الأوكرانية مرحلة جديدة من الصراع إذ باتت تطفو ملامح استراتيجية الاغتيالات، للتأثير على سير العمليات العسكرية، بعد مقتل قادة عسكريين ومدنيين روس؛ أبرزهم الصحفية الروسية داريا دوغينا، ابنة ألسكندر دوغينا، الملقب بـ”عقل بوتن”، وفق تقارير روسية وغربية.
وعقب مقتل دوغينا، أعلنت السلطات الروسية، الأربعاء، اغتيال إيفان سوشكو، رئيس الإدارة العسكرية والمدنية لمدينة ميخائيلوفكا، شرقي أوكرانيا، بانفجار لغم بسيارته.
وقال فلاديمير روغوف، عضو مجلس إدارة منطقة زابوريجيا، في بيان، إن رئيس إدارة ميخائيلوفكا، إيفان سوشكو، تم اغتياله في تفجير سيارة متعمد، تم زرع عبوة ناسفة تحت المقعد في سيارته.
ويرى خبراء عسكريون أن تلك الحوادث هي رسالة لموسكو وتؤشر على فشل أي حلول سياسية مستقبلية، كما تهدف إلى إظهار قدرة أوكرانيا على استفزاز روسيا وتنفيذ عمليات بقلب موسكو.
فوضى الاغتيالات
ووفق تقارير روسية، فإن سياق الحرب دخل مرحلة استهداف مسؤولين وبخاصة مناطق الشرق الأوكراني:
- ففي 14 أغسطس الجاري، تعرض عمدة بيرديانسك، ألكسندر ولينكو، لمحاولة اغتيال وتم إحباطها، وكانت بإشراف مباشر من جهاز الأمن الأوكراني.
- وفي 6 أغسطس، تم اغتيال نائب رئيس إدارة نوفا كاخوفكا في منطقة خيرسون، فيتالي جورا، بإطلاق النار عليه من قبل مسلحين مجهولين قرب منزله، وفقًا لوكالة “تاس” الروسية.
- وفي 22 مايو، أصيب أندريه شيفتشيك، عمدة مدينة إنرغودار، بمنطقة زابوروجيه، واثنان من مرافقيه في انفجار عبوة ناسفة يدوية الصنع بمدخل منزله.
ماذا يعني “تكتيك الاغتيالات” برأي الخبراء؟
تقول صحيفة “نيويورك تايمز”، إن مقتل داريا دوغينا يعيد للأذهان فوضى التسعينيات والاغتيالات السياسية التي أعقبت تفكك الاتحاد السوفييتي.
وأكدت الصحيفة الأميركية أن استهداف أنصار بوتن، ليس جديدًا، فقد قُتل الصحفي الأوكراني البارز، أولي بوزينا، المؤيد للكرملين عام 2015 في جريمة لم تكشف ملابساتها حتى الآن، مشيرة إلى أن “مقتل داريا دوغينا فتح باب الاغتيالات السياسية بين روسيا وأوكرانيا”.
رسالة لروسيا
هزّت عملية اغتيال الصحفية الروسية المجتمع الروسي بأكمله، على خلفية الجريمة نفسها، وحول ما إذا كانت داريا (30 عامًا) هي التي تم استهدافها أم أن والدها ألكسندر دوغينا (60 عامًا) هو الذي كان مستهدفًا من الاغتيال.
وتشير أصابع الاتهام الروسية إلى ناتاليا فوفك، ضابطة الاستخبارات الأوكرانية، التي ولدت في مدينة ماريوبول عام 1976، بتنفيذ قتل دوغينا، والهروب إلى إستونيا ومنها إلى النمسا.
يقول الخبير العسكري الروسي فلاديمير إيغور، إنها “رسالة لروسيا، وعمل مدروس ومخطط بعناية، وتنفيذ مثل تلك العمليات يحتاج إلى محترفين”.
ويضيف أنه: “لأوكرانيا مصلحة من وراء تنفيذ الحادث لبث روح الإحباط بالدخل الروسي ولخلق صورة جديدة حول قدرتها على ضرب قلب موسكو، خاصة أن الحادث جاء في أعقاب التفجيرات الأخيرة التي هّزت شبه جزيرة القرم، والاستفزازات بمحيط مفاعل زابوريجيا النووي، وواقعة تسميم الجنود الروس”.
ولفت إلى أن الحوادث تشي بأن الصراع سيشتد، والتحول الحرب إلى استراتيجية الانتقام، لأن النزاع بين روسيا وأوكرانيا وحلفائها من الغرب هو فكري في الأساس بطله ألسكندر دوغينا الذي يؤرخ لـ”الحركة الأوراسية الجديدة”.
ويردف: “هناك من يحاول إشعال الحرب وصب الزيت على النار، وإطالة أمد الصراع لاستنزاف أوروبا وروسيا في آن واحد، وتلك الحوادث سيكون لها أثر عكسي على العملية العسكرية، ولن تكون هناك حلول سلمية في المستقبل القريب”.