ورد في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية، دراسة حول احتمالات المواجهة العسكرية، بمضيق تايوان،
جاء فيها:
خلّفت زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى العاصمة التايوانية تايبيه في وقت سابق من الشهر تداعيات سياسية متتالية امتدت لما وراء مضيق تايوان في جميع أنحاء آسيا تقريباً، خاصة جنوب شرقي آسيا. وفي حين أسعدت زيارة بيلوسي سكان تايوان وقادتها، فإنها أثارت غضب الصين.
ومنذ ذلك الحين، عمدت سلطات بكين، التي تعتبر تايوان جزءاً لا يتجزأ من التراب الصيني، إلى عرض قدراتها العسكرية… إذ ردت الصين بتنفيذ أكبر تدريبات عسكرية لها على الإطلاق، وطوّقت خلالها الجزيرة وأغلقت بشكل أساسي ممرات الشحن والسفر الجوي. ومع هذا، بعد زيارة بيلوسي، وصل وفد من المشرّعين الأميركيين إلى تايوان في زيارة استغرقت يومين التقوا خلالها بالرئيسة تساي إنغ ون، وهي ثاني مجموعة رفيعة المستوى تزور الدولة – الجزيرة وسط تصاعد التوترات العسكرية في المنطقة.
باتت نانسي بيلوسي أول رئيس لمجلس النواب في الولايات المتحدة وأعلى مسؤول أميركي يزور تايوان منذ 25 سنة، داخلة بذلك في تحدٍ أمام الحزب الشيوعي الصيني الذي يعتبر تايوان جزءاً من أراضي الصين. وللعلم، يتجنب المسؤولون الأميركيون بوجه عام أي تحركات قد تؤدي إلى اندلاع صراع عسكري بين الصين وتايوان قد يؤدي إلى توريط الولايات المتحدة. ولكن حول الزيارة وتداعياتها تظاهرت واشنطن بأنها لم ترتكب أي خطأ، وأن رد فعل بكين مبالَغ فيه. ولا سيما أن تايوان كانت محطة في جولة بيلوسي في الشرق الأقصى شملت أيضاً اليابان وكوريا وماليزيا وسنغافورة.
كذلك، في خضم التوتر، أعلنت واشنطن أنها ستبدأ مفاوضات تجارية رسمية مع تايبيه، وكان قد كشف عن المبادرة الأميركية ـ التايوانية حول تجارة القرن الحادي والعشرين لأول مرة في يونيو (حزيران) الماضي، وقالت نائبة الممثل التجاري للولايات المتحدة سارا بيانكي في بيان «نخطط لمتابعة جدول زمني طموح… من شأنه أن يساعد في بناء اقتصاد أكثر عدلاً وازدهاراً ومرونة في القرن الحادي والعشرين». وبهذا الصدد، بلغت قيمة التجارة بين الولايات المتحدة وتايوان نحو 106 مليارات دولار عام 2020.
فيما يخص الرئيس الصيني شي جينبينغ، أعرب أستاذ الدراسات الدولية الهندي، هارش في بانت، عن اعتقاده بأن الأمر لم يخلُ من بُعد شخصي، بالنظر إلى تاريخ بيلوسي المناوئ للصين. وبعد مطالبة بكين علناً بإلغاء هذه الزيارة، لم يعد هناك خيار أمام بكين سوى التصعيد. وما يستحق الإشارة هنا أن تحولاً ملحوظاً طرأ على سياسة بكين في محاولتها اجتذاب تايوان بعيداً من خلال التعاون والمشاركة؛ ذلك أن العلاقات الاقتصادية بين الجانبين ازدهرت، وبرزت الأجزاء الرئيسية من الصين كوجهة جذابة للشباب التايواني. لكن الرئيس شي يشعر بأنه في عجلة من أمره، وليس لديه وقت للتعاون والمشاركة ما لم يسجل الإنجاز التاريخي المتمثل في إعادة توحيد البلاد باسمه.