مالي على طبق من ذهب لموسكو.. ألمانيا تعلق عملياتها!

تتفرغ مالي شيئا فشيئا من الوجود الأوروبي والدولي، ليحل محله الوجود الروسي بأريحية؛ حيث أعلنت ألمانيا، الجمعة، تعليق مهمة الجيش الألماني في البلاد حتى إشعار آخر. ويرى خبراء تحدثوا لموقع “سكاي نيوز عربية” ودراسة متخصصة، فإن الأمور بذلك تسير لصالح روسيا والصين، المنافسين للغرب في منطقة الساحل والصحراء الإفريقية، ويزيد فرص مخاطر الإرهاب في مالي وامتداده للمصالح الغربية.

ووفق تصريحات المتحدث باسم وزارة الدفاع الألمانية أرني كولاتز، للصحفيين، جاء تعليق العمليات العسكرية بعد رفض باماكو التصريح للقوات الألمانية بالتحليق فوق أراضيها، ومنعها رحلة تقل 110 جنود ألمان منتشرين مع بعثة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة من مغادرة البلاد. وكان من المفترض أن يحل 140 فردا آخرين محل القوات الفرنسية، لم يتمكنوا من السفر إلى مالي.

وتستضيف مالي أكبر انتشار خارجي للقوات الألمانية، ويشارك 1400 جندي في بعثة الأمم المتحدة (مينوسما) وبعثة الاتحاد الأوروبي التدريبية (EUTM). وفي وقت سابق، طردت باماكو المتحدث باسم بعثة “مينوسما”، بتهمة نشر “معلومات غير مقبولة” حول قضية احتجاز جنود من ساحل العاج في مالي.

ونتيجة توتر العلاقات مع المجلس العسكري الحاكم، توقف الاتحاد الأوروبي عن تدريب الجيش والحرس الوطني، وأعلن منسق السياسة الخارجية بالاتحاد، جوزيب بوريل، أن السلطات المالية لم تقدم ضمانات كافية بأن الجنود الماليين المدربين من الاتحاد الأوروبي لن يشاركوا في عمليات مع شركة “فاغنر” الروسية المتخصصة في توريد المقاتلين. وأنهت فرنسا مهمة قوات عملية “برخان” العسكرية في مالي مع تصاعد الخلافات مع المجلس العسكري حول تنامي نفوذ روسيا و”فاغنر”.

وأوضحت دراسة للمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية “SWP” أن جميع الدلائل تشير لأزمة قادمة في مالي، معتبرة الوضع معقدا أكثر مما هو في أفغانستان؛ لاعتماد الإرهابيين على محليين يشكون التهميش. والأخطر أنه إن انفلت الوضع في مالي، سينسحب على دول غرب إفريقيا المجاورة، بحسب الدراسة، وهي مناطق نفوذ لدول أوروبية.

وترى الدراسة الألمانية أن قراري فرنسا وألمانيا بالانسحاب علامة ضعف أوروبي أمام المنافسين مثل روسيا والصين، محذرة من أن الانسحاب لن يفيد الأوروبيين، وسيجني المنافسون المكاسب، وستكون العواقب وخيمة بزيادة نفوذ الإرهابيين. والأسبوع الماضي، قتل أكثر من 60 جنديا وشرطيا في عمليات شنتها جماعات تابعة لتنظيمي داعش والقاعدة الإرهابيين في مناطق بين مالي والنيجر، بخلاف استهداف الجيش في بوركينا فاسو في وقت سابق.

ويرى العضو المؤسس في “الحركة الوطنية لتحرير أزواد” في شمالي مالي، “بكاي أغ حمد”، أن تعليق عمل القوت الألمانية، وقبله طرد المتحدث باسم “مينوسما”، والانسحاب الفرنسي يكشف توجه المجلس العسكري في الاستقواء بروسيا.

ويصف أستاذ العلوم السياسية بجامعة باماكو، محمد أغ إسماعيل، التقارب بين باماكو وموسكو بأنه يأخذ طابع التحالف الاستراتيجي عسكريا على الأقل، مستشهدا بشحنات الأسلحة الروسية التي وصلت مؤخرا لمالي، والدعم الروسي لباماكو داخل مجلس الأمن الدولي. وبدوره، يقول الأكاديمي الموريتاني المتخصص في العلوم السياسية “بون ولد باهي” إن مالي تحولت إلى مكان لتنافس القوى الدولية بسماحها بالوجود الروسي، وأنه “لا شك أن التنافس بين اللاعب الجديد المدعوم محليا واللاعب الكلاسيكي (الغرب) يزيد فرص المخاطر”.

من جانبه، يرى رئيس مؤسسة “سلفيوم” للأبحاث، جمال شلوف، أن تعليق القوات الألمانية عملها بالتزامن مع وصول شحنة أسلحة روسية لمالي يكشف تحول منطقة الساحل والصحراء لميدان مواجهة روسية أوروبية، لن تستطيع أوروبا الصمود فيها بمفردها. وأرجع هذا إلى أن أوروبا تواجه هناك خطري الوجود الروسي ونمو الجماعات الإرهابية في آن واحد.