قدمت (السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات) في الجزائر إحصاءات أولية عن الانتخابات التشريعية التي جرت السبت، تفيد بأن نسبة المشاركة بلغت ما نسبته 30.20 بالمئة.
وقال رئيس الهيئة، محمد شرفي، إن نتائج الانتخابات التي شارك بها أقل من ثلث الناخبين ستعلن خلال بضعة أيام.
وقال شرفي، عبر التلفزيون الرسمي، إن الانتخابات تمت في “ظروف طيبة”، وإن الناخبين تمكنوا من الإدلاء بأصواتهم واختيار أنسب المرشحين لخدمة الجزائر.
وأوضح مردفاً، إن عملية فرز الأصوات، تتطلب وقتا كبيرا قد يصل إلى 4 أيام، بسبب تعقيد العملية الانتخابية، جراء تعدد القوائم، مقارنة بالانتخابات السابقة، بحسب تعبيره.
تراشق سياسي..وأحزاب تتبارى مَن يعلن النتيجة أولاً:
وفيمَ يتوقع إعلان النتائج النهائية خلال أيام، سارع رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري إلى إعلان تصدر حزبه ذي التوجه الإسلامي، العملية الانتخابية في غالبية الولايات والمهجر.
وتحدث (مقري) من جانبه، وعلى نحو أحادي، عن تسجيل ما أسماه محاولات واسعة لتغيير النتائج ستكون عواقبها سيئة على البلاد ومستقبل العملية السياسية والانتخابية، داعياً الرئيس عبد المجيد تبون إلى حماية الإرادة الشعبية المعبر عنها فعلياً.
في السياق عينه، اتهمت سلطة الانتخابات الجزائرية حركة “حمس” الإخوانية بالدعوة إلى زرع الفوضى، بينما قال حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم سابقا بالجزائر، مساء أمس الأحد، إنه تصدر نتائج الانتخابات النيابية، مشيراً إلى أن الجبهة ستظل القوة السياسية الأولى.
وقال أمين عام جبهة التحرير الوطني، أبو الفضل بعجي، لوسائل إعلام محلية: حسب أصداء من عدة ولايات، حل حزبنا في المركز الأول وننتظر النتائج الرسمية.
ومن جهته، نشر عبد الوهاب بن زعيم، القيادي في الحزب ذاته، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك: “الشعب يجدد الثقة في أبناء جبهة التحرير الوطني”.
تحيز إعلامي:
في سياق غير منفصل، أعلنت وزارة الإعلام الجزائرية، مساء أمس، أنها قررت سحب اعتماد قناة فرانس 24 بسبب ما أطلقت عليه التحامل المتكرر للقناة الإخبارية على الجزائر ومؤسساتها.
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن وزير الاتصال والمتحدث باسم الحكومة عمار بلحيمر قوله إن سحب هذا الاعتماد يعود أيضاً إلى تحيز صارخ للقناة وكذلك أعمال تقترب من نشاطات تحريضية وأعمال غير مهنية معادية للبلاد.
مشاركة منخفضة:
الجزائر التي تواجه أزمة مالية واقتصادية، بعد أن استهلكت أربعة أخماس احتياطياتها من النقد الأجنبي منذ العام 2013، لا تزال ماضية في إتمام إستحقاقاتها.
وبنظرة للتشريعيات التي أُجريت قبل يومين، تعد نسبة المشاركة متدنية جدا،ً سيما إذا ما قورنت مع انتخابات العام 2017 (38 في المئة)، أو انتخابات 2012 (42 في المئة)، الأمر الذي يطرح أزمة شرعية المؤسسة التشريعية بقوة، وجاء تدني نسبة المشاركة في ظل الظروف التي تشهدها البلاد وبعد دعوة الحراك الشعبي، وجزء من الأحزاب المعارضة، لمقاطعة الاستحقاق.
وكانت سلطة الانتخابات قد قالت أيضا، إن 3.78 بالمئة فقط من الناخبين، أدلوا بأصواتهم خلال أول ساعتين من التصويت، في وقت تحدثت فيه تقارير، عن خلو لجان كاملة من الناخبين، وأشار بعضها إلى أن ضعف الإقبال كان وراء قرار السلطات بتمديد عمليات التصويت لمدة ساعة.
كذلك، تبدو نسبة الإقبال المتحققة خلال هذه الانتخابات، بعيدة كل البعد عما كانت تأمله السلطة، إذ كانت تعلق الآمال على نسب مشاركة، تتراوح بين 40 و50 بالمئة على الأقل، ورغم ذلك، فإن تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، التي أدلى بها بعد إدلائه بصوته، عكست عدم اهتمامه بمدى مشاركة الجزائريين بتلك الانتخابات، إذ قال للصحافيين:”سبق أن قلت إنه بالنسبة لي، فإن نسبة المشاركة لا تهم، ما يهمني أن من يصوت عليهم الشعب لديهم الشرعية الكافية لأخذ زمام السلطة التشريعية”.
بالمقابل، يرى مراقبون أن إصرار السلطة، على تطبيق “خارطة طريقها” الانتخابية التي وضعتها، دون التفات إلى مطالب الشارع، التي مثلها الحراك الجزائري الأخير، تمثل تجاهلا لقطاع كبير من المواطنين، الذين قاطعوا الانتخابات، والذين لم يروا فيها وسيلة لتحقيق مطالب الحراك، من “إقامة دولة القانون والقضاء المستقل والانتقال الديمقراطي للسلطة”.
ورصد حقوقيون تصاعدا في أعمال القمع للمعارضين، قبل بدء هذه الانتخابات، في ظل مقاطعة قطاع كبير من الطبقة السياسية لها، خاصة تلك التي شاركت بقوة في حراك شباط المنصرم، إذ كثفت السلطات من الاعتقالات ضد المعارضين السياسيين، والناشطين في الحراك والصحافيين المستقلين والمحامين.
إذاً، ففي الوقت الذي تعتبر فيه السلطة الجزائرية أن هذه الانتخابات تمثل محطة مهمة، ضمن خارطتها الانتخابية، وأنها ستسهم في ترسيخ الديمقراطية في البلاد، يرى مقاطعوها، أنها ليست سوى مطية للسلطة، من أجل تثبيت الوضع القائم، ومصالح القائمين عليه، عبر إضفاء المشروعية التي عبدت التعديلات الدستورية الأخيرة، الطريق إليها.
وفي جهة أخرى، تسود توقعات بفوز كبير، للأحزاب الإسلامية، والقائمة بموافقة من السلطة، باعتبار أنها الأكثر تنظيما ،وحضورا في الشارع، وعلى رأسها حزب حركة مجتمع السلم، والذي يعد أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد.