أعلنت الحكومة التركية أنها ستبدأ العمل بمشروع قناة اسطنبول في حزيران من العام المقبل، ومن المقرر أن تربط هذه القناة بين البحر الأسود من الشمال وبحر مرمرة من الجنوب لمسافة 45 كيلومتراً عبر بحيرات ومزارع وبلدات على الطرف الغربي من مدينة إسطنبول.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، الشهر المنصرم، إن المشروع سوف يجذب بالتأكيد المستثمرين والدائنين عند طرح المناقصات في وقت قريب، وإن هناك بالفعل اهتماماً بالمناقصة التي ستكون مفتوحة للجميع بما في ذلك الشركات التركية والأوروبية والأميركية والصينية، مضيفاً أنه «مشروع مربح ونحن واثقون من أنه سيمضي قدماً.
بالمقابل، حذرت المعارضة التركية الداعمين الأجانب المحتملين لمشروع قناة إسطنبول من الإقدام على تمويله، وفي ذلك، وجه كمال كليتشدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، تحذيراً إلى هؤلاء الداعمين المحتملين للمشروع الذي يتبناه إردوجان ويدافع عنه بشدة، فيمَ تقول المعارضة إنه سيتسبب بأضرار بيئية خطيرة، قائلاً إنه «لن يلتفت إليهم» إذا خسر الرئيس إردوغان بانتخابات 2023.
وقال كليتشدار أوغلو، في مقابلة تلفزيونية: إذا شاركت دولة أجنبية في هذا العطاء، فسنبتعد عنها عندما نتسلم السلطة، ولن ندفع لها إطلاقاً.
كما حذر البنوك المحلية من تقديم قروض للمشروع، الذي يتكلف أكثر من 20 مليار دولار، ويسعى إردوجان لإنجازه بحلول عام 2023 الذي سيشهد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ويوافق أيضاً الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية.
في سياق متصل، أحجمت بنوك تركية كبرى عن تمويل مشروع قناة إسطنبول بسبب مخاوف بيئية ومخاطر الاستثمار على مشروع البناء الضخم.
وأفادت مصادر مصرفية تركية إن اتفاقية الاستدامة العالمية التي وقعتها 6 من أكبر البنوك التركية تشكل عائقاً أمام تمويل قناة إسطنبول، التي وصفها إردوجان بالمشروع المجنون، عندما طرحه قبل 10 سنوات.
ووقعت 6 بنوك تركية، بما في ذلك «جارانتي بنك وإي س بنك ويابي كريدي»، المبادئ المدعومة من الأمم المتحدة لإطار العمل المصرفي المسؤول الذي يدعو الموقعين إلى تجنب إلحاق الضرر
بالناس والكوكب.
ونوه مصرفيون إنه بالنسبة لمعظم البنوك التركية، خصوصاً المقرضين ممن لديهم داعمون أوروبيون والمتورطون في قروض جماعية، من المرجح أن تكون المخاطر عالية للغاية، مؤكدين أن الاضطلاع بمثل هذا المشروع الضخم قد يحد من قدرة البنوك على تنفيذ مزيد من القروض الجماعية.
وهناك أيضاً خطر من احتمال نسف المشروع في مرحلة لاحقة، حيث لا يمكن لأي بنك تركي، لا حكومي ولا خاص، المشاركة، مشيرة إلى أن القناة ستدمر النظام البيئي البحري والأحواض التي توفر ما يقرب من ثلث المياه العذبة في إسطنبول، وفقاً لاتحاد غرف المهندسين والمعماريين الأتراك.
دعاية ودعاية مضادة:
يقول إردوغان إن القناة ستحمي مضيق البوسفور، الذي يمر عبر قلب إسطنبول، عن طريق تحويل حركة المرور، لكن رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو وغرفة المهندسين وغالبية المواطنين يعارضون المشروع لأسباب بيئية، قائلين إنه سيدمر النظام البيئي البحري والموارد التي توفر ما يقرب من ثلث المياه العذبة في المدينة.
كذلك، أصدر أكثر من 100 أدميرال بحري تركي متقاعدين، آذار المنصرم، بياناً حذروا فيه من المساس باتفاقية مونترو في إطار ترتيبات إنشاء قناة إسطنبول، داعين الجيش للقيام بدوره في حماية الاتفاقية، وهو ما تسبب في ملاحقتهم قضائياً، بعد أن اتهمهم حزب العدالة والتنمية الحاكم ورئيسه بالتلويح بالانقلاب.
مخاوف دولية أيضاً:
أعربت روسيا عن عدم ارتياحها بشأن المشروع لأسباب أمنية تتعلق بالسماح بتجاوز اتفاقية “مونترو” للعام 1936 التي تنظم حركة السفن في البحر الأسود عبر مضيقي البوسفور والدردنيل في تركيا، حيث ستفتح القناة ممراً ثانياً إلى البحر الأسود، الذي يضم أسطولاً بحرياً روسياً.