بين فكي اليمين المتطرف وعائلات الرهائن، يجد بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه محشورا تحت ثقل تهديدات بإسقاط حكومته حال عدم اجتياح رفح.
وفي الوقت ذاته، يقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بين مصر والولايات المتحدة، باعتبارهما البلدين اللذين يمارسان الضغوط عليه لوقف العملية.
ولأول مرة منذ عام 2005، توغلت آليات عسكرية إسرائيلية، أمس الثلاثاء، في الجانب الشرقي من محور فيلادلفيا الفاصل بين قطاع غزة ومصر.
ضغوط
ولا تخفي مصر غضبها مما قام به الجيش الإسرائيلي، أما واشنطن فقد سربت أنباء عن وقف تحويل مساعدات عسكرية إلى إسرائيل.
في غضون ذلك، لجأ نتنياهو إلى الاستعراض في العملية وخاصة برفع العلم الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، في خطوات استفزازية.
ولوحظ أن المتحدث بلسان رئيس الوزراء الإسرائيلي للإعلام العربي أوفير غندلمان قال في إيجازه الصحفي اليومي إن العملية الإسرائيلية في معبر رفح “مركزة ومحدودة النطاق”.
وأضاف: “تواصل قواتنا عملياتها في الطرف الفلسطيني من معبر رفح، قواتنا رفعت على المعبر الأعلام الإسرائيلية وأنزلت علم حماس”.
وتابع أن ذلك”لا يضر بإدخال المساعدات إلى القطاع، وفي إطار هذه العملية وتمهيدا لها تم إخلاء عدد كبير من السكان من المنطقة إلى مناطق آمنة في المواصي”.
وأشار غندلمان إلى أن “إسرائيل تعي الحساسية المتعلقة بإجراء عملية عسكرية قرب الحدود المصرية، نحن نؤكد أن هذه العملية لا تخالف معاهدة السلام بين البلدين على الإطلاق”.
وجاءت هذه العملية بالتوازي مع استمرار الجهود المصرية والأمريكية للتوصل إلى اتفاق هدنة في غزة.
وفي هذا الصدد قال غندلمان إن “اقتراح حماس بعيد جدا عن ثوابتنا ومواقفنا الحيوية وقد زار وفد إسرائيلي القاهرة من أجل بحث التفاصيل”.
وأضاف: “أوعز رئيس الوزراء نتنياهو إلى الوفد الإسرائيلي في القاهرة بمواصلة الإصرار بحزم على الشروط المطلوبة للإفراج عن مخطوفينا، وبمواصلة الإصرار بحزم على المطالب الضرورية لضمان أمن إسرائيل”.
رسائل أمريكية؟
في وقت سابق اليوم الأربعاء، استقبل نتنياهو في مكتبه في القدس الغربية رئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز الذي جاء لدفع التوصل إلى اتفاق هدنة.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول أمريكي رفيع قوله إن الولايات المتحدة أرجأت شحنة أسلحة إلى إسرائيل خشية استخدامها في رفح.
وقالت: “في الأسبوع الماضي، أوقفت الإدارة الأمريكية شحنة مكونة من 3500 قنبلة إلى إسرائيل بسبب مخاوف إنسانية تتعلق بعملية الجيش في رفح”.
وأضافت: “كان من المفترض أن تحتوي الشحنة على 1800 قذيفة تزن كل منها 900 كيلوغرام و1700 قذيفة تزن كل منها 225 كيلوغراما”.
واشارت إلى أن “القرار غير المسبوق الذي اتخذته واشنطن يأتي بعد أسابيع من المشاورات بين المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين حول كيفية تلبية الاحتياجات الإنسانية للمواطنين في رفح وكيفية التصرف بشكل مختلف ضد حماس هناك، مقارنة بأماكن أخرى في غزة”.
وقالت: “يعتبر هذا التأخير رسالة من الإدارة الأمريكية ذات شقين: لم يتم ذلك علناً بعد التأخير نفسه فحسب، بل إنه يكتسب زخماً وصدىً مع تقدم إسرائيل في نشاطاتها في رفح”.
واعتبرت أنه “في الواقع، فإن الولايات المتحدة تحذر إسرائيل من أن هذه ستكون عواقب أي تحرك واسع النطاق في رفح، خلافا لرأي البيت الأبيض وبدون إخلاء مقبول للسكان”.
وأضافت: “ورغم ذلك، بدا واضحا لإدارة بايدن في الأيام الأخيرة أن القادة الإسرائيليين يقتربون على ما يبدو من نقطة اتخاذ القرار بشأن مثل هذه العملية، مما اضطر واشنطن إلى دراسة شحن القذائف، وخاصة القذائف الثقيلة، خشية من أن يتم استخدامها في المناطق السكنية المزدحمة في رفح.
وأكد مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية بالقول: “لقد أرجأنا بالفعل شحنة من القذائف، ولم نتخذ قرارا نهائيا بشأن كيفية المضي قدما بخصوص هذه الشحنة”.
وأضاف المسؤول ذاته أن “موقف بلاده هو أنه لا ينبغي لإسرائيل أن تشن عملية برية واسعو النطاق في رفح”.
وتابع قائلا إن “المناقشات مع إسرائيل بشأن المسألة الإنسانية والميدانية في رفح مستمرة، ولم تتم معالجة مخاوفنا بشكل كامل. وعندما رأينا أن القادة الإسرائيليين يقتربون من نقطة اتخاذ القرار بشأن مثل هذه العملية، بدأنا في دراسة عمليات النقل المقترحة بعناية لبعض العناصر”.
وأعرب عن القلق بشكل رئيسي بشأن هدف القذائف التي تزن حوالي ألف كيلوغرام وتأثيرها في بيئة حضرية كثيفة السكان، “كما رأينا ذلك في أماكن أخرى من قطاع غزة” على حد قوله.
محور فيلادلفيا
يقع محور فيلادلفيا على الأراضي الفلسطينية بين شبه جزيرة سيناء وغزة، على طول الحدود المصرية مع القطاع.
ويمتد من البحر الأبيض المتوسط شمالا حتى معبر كرم أبو سالم جنوبا، حيث نقطة التقاء الحدود بين مصر وقطاع غزة وإسرائيل.
ويبلغ طوله نحو 14 كيلومترا وعرضه بضع مئات من الأمتار، ويدخل ضمن المنطقة “د” التي حددتها اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل بأنها تخلو من المدرعات الإسرائيلية.
المصدر: وكالات