أغلق منذ ساعات معبر كرم أبو سالم الحدودي إثر هجوم تبنته كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس قالت أنه استهدف قاعدة للجيش الاسرائيلي بصواريخ الرجوم ١١٤مم؛ البيان المذكور أعلن إطلاق الصواريخ قصيرة المدى في منطقة لم تكن من قبل مسرحا للعمليات العسكرية ضد إسرائيل؛ وتل أبيب بدورها سارعت بإعلان أسماء ورتب قتلاها وكأن الطرفين اتفقا على إسقاط الهدنة وتوتير الأوساط.
وفيم بقيت المعابر الأخرى مفتوحة؛ أسفر الهجوم عن تضييق الحصار على نحو مليوني نازح يعيشون ظروف انسانية كارثية. وفي جهة أخرى؛ أبدى مراقبون تخوفهم مما يحمله هذا الحادث من دلالات زمانية ومكانية وتأثيرات على مسارات التفاوض بشأن الهدنة ووقف القتال بقطاع غزة لاسيما رفح؛ إذ يحمل رفضا ضمنيا من حماس لكل طروحات التفاوض من جانب (حماس) وينذر بكارثة انسانية محققة.
الأوساط التفاوضية حملت تفاؤلا كبيرا خلال الأيام والساعات المنصرمة؛ ولكن مع إعلان تل أبيب مقتل ثلاثة رقباء عاد الوضع إلى حالة كبيرة من التعقيد وبات الاقتراب من هدنة تضع حدا لمعاناة النازحين أمرا بعيد المنال على ما يبدو.
إلى ذلك؛ صرح مصدر مصري مسؤول أن أسرائيل أبلغت السلطات في القاهرة بإغلاق معبر كرم أبو سالم من جانبها إلى أجل غير معلوم في حين أفادت مصر بأن معبر رفح مفتوح ومستمر بالعمل. وتنفذ القوات الجوية الإسرائيلية غارات فاشية منذ ساعات؛ وبالتالي فهي عودة إلى نقطة الصفر.
ومن ثم؛ تكشف عملية معبر كرم أبو سالم الحدودي النقاب عن الأهداف المشبوهة لحركة تحكم قطاع غزة منذ العام ٢٠٠٧ اذ أنها تنفذ أهداف الاحتلال وتقوض أي تحرك نحو السلام وعملية كرم أبو سالم هي في نظر المراقبين فتح مسرح عملياتي جديد وهي أيضا بداية لفصل الحرب في رفح إذ ترفع أي حرج عن حكومة نتنياهو لبدء عمليته في رفح كونه أصبح صاحب ثأر. حماس تدرك جيدا ماذا تفعل إذ تفرغ القضية المركزية عربيا من مضامينها كما تشارك إسرائيل في ارتكاب إبادة جماعية مكتملة الأركان.
ويرى محللون أن عملية “كرم أبو سالم” جاءت لتكشف أن قيادة حماس تتصرف بعيدا عن القراءة السياسية الدقيقة لتطورات الحرب العدوانية، وبدأ، وكأنها بتلك العملية تستدرج تسريع عملية غزو رفح لغايات غير معلنة، ما يضع علامات سوداء على سلوك لن يجلب سوى مزيد من جرائم حرب وإبادة جديدة. وقدمت عملية كرم أبو سالم، خدمة مجانية وهدية ذهبية لحكومة الفاشية اليهودية، لتسقط عنها أشكال “الضغط” العلنية لتأجيل عملية غزو رفح قدر الممكن، وذهبت لاستدراج غير واضح الهدف المباشر، لكسر تلك الحلقة الضاغطة، التي تشكلت من أطراف عربية ودولية وباتت العنوان الأبرز تحذيرا من عواقبها.
ويدفعنا ذلك إلى طرح التساؤل الأهم حالياً .. لماذا لا تريد حماس إنهاء الحرب؟
قبل الحرب كانت شكاوى الفلسطينيين من حماس تعلو أصواتها مؤكدين أن قادة الحركة لم ينحرفوا عن مبدأهم الأساسي المتمثل في إعطاء الأولوية لتحقيق مصالحهم الخاصة على حساب شعبهم، وحتى بعد الحرب المدمرة، مازال القادة الحمساويون يماطلون في قبول أي مقترح لوقف إطلاق النار والهدنة، ويستمرون في تنمية ثرواتهم الخاصة خارج القطاع المنكوب. ويٌعزَى لهذا السبب أن مسألة شعبية حركة حماس التي تسيطر على القطاع الفلسطيني منذ العام 2007، ما تزال موضع شك. ويرى مراقبون أن الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها سكان قطاع غزة، أسهمت بدورها في تراجع شعبية حماس.
نسب الثقة في حماس متراجعة لدى الفلسطينيين !
قبل بضعة أسابيع، كشف استطلاع رأي نشره، المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية -مؤسسة أكاديمية علمية بحثية مستقلة غير ربحية وغير حكومية- أن 55 بالمئة من الفلسطينيين (58 في المئة في الضفة و52 في المئة في القطاع) يفضلون حكم حماس بعد انتهاء الحرب.
وجاءت تلك النسبة أقل عن تلك التي سُجلت في البحث السابق الذي أجراه المركز ذاته قبل 3 أشهر، إذ كانت النتيجة حينها تشير إلى أن 60 في المئة من الفلسطينيين يفضلون حكم حماس بعد الحرب.
لكن اللافت هو ارتفاع النسبة لدى سكان غزة تحديداً من 38 في المئة في كانون الثاني/ يناير إلى 52 في المئة خلال نيسان/ أبريل. وعلى مستوى الاتجاه السياسي الذي يؤيدونه في الضفة وغزة، انخفض دعم حماس من 43 في المئة إلى 34 في المئة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2024، حسب الاستطلاع الأخير الذي أجراه المركز الفلسطيني أوائل شهر آذار/ مارس الماضي ونشره منتصف نيسان/ أبريل، ومن ثم، فإن ثقة أهل القطاع متراجعة في الحركة.