الأنصار ذهبي في اليوبيل الذهبي لـ«دربي» كرة القدم اللبنانية حيث أضاف لقب كأس لبنان إلى لقب الدوري اللبناني، محققاً «الثنائية» للمرة الـ11 في تاريخه، وذلك بعد تغلّبه على غريمه التقليدي النجمة (3-1) بركلات الترجيح إثر تعادلهما (1-1) في الوقت الأصليلم يكن لقب مسابقة كأس لبنان ليفلت من يدي الأنصار هذه المرّة، ففي «الدربي» الرقم 100 رسمياً بين قطبَي الكرة اللبنانية، أكد «الزعيم» أنه العاشق الأول للألقاب والأرقام بإحرازه اللقب الـ15 في المسابقة، بعدما كان قد حمل كأس الدوري للمرة الـ14 في تاريخه قبل أسابيع قليلة.
الانصار القياسي استفاد من دون شك من حسمه المواجهة الختامية الأولى مع النجمة في الدوري، فدخل بثقةٍ أكبر إلى النزال الأخير، وهو أمر بدا من خلال تحركات لاعبيه وتفاعلهم مع كل مواجهة ثنائية على أرض الملعب مع لاعبي النجمة المنقوصين من عناصر مؤثرة، بفعل غياب خالد تكه جي وعلي طنيش «سيسي» بسبب الإصابة.
ثقة لاعبي «الأخضر» تجلّت بوضوح من خلال الهدف الذي سجله نادر مطر في الدقيقة 23 عندما تقدّم بالكرة إلى مشارف منطقة الجزاء وأطلقها صاروخية إلى يمين الحارس علي حلال. هذا المشهد كان أول المشاهد القاسية على الجماهير النجماوية التي شاهدت نجم الأمس يسجّل في شباك «النبيذي» ويمنح الغريم التقليدي التقدّم وراحة أكبر في اللقاء. هدف مطر الجميل أكد مكسب الأنصار وخسارة النجمة للاعبٍ مؤثر في المباريات الكبيرة، وأكد أيضاً مدى العمل الكبير الذي قامت به الإدارة الأنصارية لجمع توليفة كبيرة من النجوم القادرين على البروز في المحطات المهمة. مطر كان حاضراً في هذه المحطة ليعوّض غياب زملائه الآخرين عن التألق الاعتيادي، وعلى رأسهم النجم حسن معتوق الذي لم يكن موفقاً في المباراة. لكن بلا شك ورغم الهدف الذي سجله علي حمام ليعادل النتيجة في الدقيقة 84 بكرة رأسية، لم يكن لاعبو النجمة على مستوى التحدي، وهو أمر عكسته ركلات الترجيح التي كشفت عن أفضلية ذهنية للأنصاريين ومن خلفهم الحارس نزيه أسعد الذي تصدى للركلة الأولى التي نفّذها القائد عباس عطوي، وللركلة الثالثة التي أهدرها علي علاء الدين، بينما سدّد ادمون شحادة بعيداً من الخشبات الثلاث (سجل للأنصار معتوق وجهاد أيوب ونصار نصار).
لقاء الأمس حمل أكثر من رقمٍ لافت للأنصار فهو حقق الفوز للمرة الـ15 في 19 مباراة نهائية خاضها في الكأس، بينما خسر النجمة النهائي للمرة التاسعة مقابل 6 انتصارات أهدته عدداً متساوياً بالألقاب مع العهد الذي خرج أمامه من الدور ربع النهائي بعدما بسط سيطرته على آخر نسختين. كما أن «الدوبليه» رقم 11 في تاريخ الأنصار أعادت جمهوره إلى ذكريات الزمن الجميل عندما احتكر ألقاب الكرة اللبنانية على مختلف أنواعها، مسجّلاً رقماً لافتاً أيضاً كون اللقب الـ15 جاء في ظرف 33 سنة (1988 -2021)، ومجدداً على حساب النجمة الذي تلقى خسارته العاشرة أمام خصمه في الكأس مقابل 4 انتصارات فقط.
بطبيعة الحال، كان تفوّق الأنصار منطقياً هذه المرّة أيضاً، فالنجمة عرف ربما منذ بداية الموسم بأنه قد يخرج خالي الوفاض، إذ أن التركيز في عمله كان على ترميم التشكيلة ومنح فرصة أكبر للاعبين الشبان، وهو أمر ظهر من خلال الاعتماد على مهدي زين ومحمود سبليني على حساب عطوي ومحمد غدار مثلاً، وهما من فئة اللاعبين التاريخيين في هذا النادي العريق. لكن أيضاً يفترض بالشبان أن يثقوا بقدراتهم في حال أرادوا الفوز بالألقاب في المواسم المقبلة، إذ أن الضغوط كانت واضحة عليهم منذ صافرة البداية وحتى ركلات الترجيح، وهو ما لم يواجهه الأنصار الذي استغل انكفاء منافسه وعدم تكثيفه لعدد لاعبيه في الثلث الهجومي، ليبسط أفضليته على أرض الملعب من خلال تفوّقه في منتصف الميدان بفضل مطر، أيوب، وحسن شعيتو «موني».
عزّز الأنصار العديد من أرقامه بفوزه بالكأس أبرزها تتويجه بالثنائية للمرة الـ 11 في تاريخه
لكن كلمة الضغوط لم تعُد بعيدة عن الأنصاريين منذ اللحظة الأولى لخروجهم من ملعب مجمع الرئيس فؤاد شهاب الرياضي في جونية، إذ سيحملون الراية اللبنانية في مسابقة كأس الاتحاد الآسيوي في الموسمين الحالي والمقبل، ما يعني أنه يفترض بهم العمل بجديّة أكبر لعدم الخروج بصورة سلبية من المحفل القاري، وهو أمر يبدأ الآن وتكمن صعوبته في هذه المرحلة بالتحديد بعد الكلام عن عدم القدرة على ضم لاعبين أجانب وفشل عودة الهداف السنغالي الحاج مالك إلى الفريق البيروتي لتعزيز صفوفه، وبالتالي قوته الهجومية وحضوره الخارجي. محطة قارية سيستفيد منها اللاعبون المحليون بالتأكيد لأنها ستعطيهم فرصة كبيرة للاحتكاك بفرقٍ تعاقدت مع أجانب واستعدّت للتحدي، لكن الأكيد أن الجمهور الأنصاري أصبح نهماً أكثر من أي وقتٍ مضى لرؤية فريقه محتفلاً بالانتصارات، مستعيداً أيضاً أيام الزمن الجميل عندما تألق الأنصار خارجياً بفضل لاعبيه اللبنانيين قبل الأجانب الذين استقدمهم إلى صفوفه.
إذاً صفحة طويت من عمر كرة القدم اللبنانية، والموسم الاستثنائي الحافل اختُتم بأفضل صورة ممكنة على مختلف المستويات. أما ما آلت إليه النتائج وما تركته منصة التتويج من صور، فستكون لها انعكاساتها على الموسم المقبل حيث سيسعى الكل لسحب البساط من تحت قدمي «الزعيم» تماماً كما سعى الجميع لإنزال العهد عن عرشه، وهو ما حصل بتوقيع الأنصار دون أيّ أحدٍ سواه.