يختصران إحداثيات التاريخ ويقلبان الأدوار على رقعة الجيوسياسيا الصعبة، ليقفا متواجهين في مشهدين متناظرين بين الأمس واليوم.
ريشي سوناك رئيس حكومة بريطانيا، وحمزة يوسف القائد الجديد لاسكتلندا والحامل لراية الاستقلال عن المملكة المتحدة، يقفان اليوم وجها لوجه في مناقشات تحدد مصير المملكة المتحدة.
سوناك المنحدر من أصول هندية، مؤيد شرس لقطع الحبل السري عن القارة الأم، والثاني سليل عائلة باكستانية مهاجرة، مدافع بقوة عن راية الانفصال عن البلد الأم.
وما بين الأم الأولى والثانية، ينحصر مصير المملكة المتحدة في يد اثنين من أبناء المهاجرين من بلدين خضعا لما يعرف بالتاج البريطاني: الهند وباكستان.
توليفة غريبة تضع بريطانيا اليوم بين يدى اثنين من أبناء المهاجرين القادمين من دولتين دخلتا قائمة المستعمرات البريطانية، وتقلب معادلة منحت في وقت ما القيادة وتقسيم العالم للتاج البريطاني.
لكنها اليوم، تعود في حركة دوران عبر الزمن والأحداث، لتسلم المشعل لاثنين من أبناء البلدين ليديرا زمام الأمور بعقل الحاضر وخلفية الماضي البعيد.
لا للانفصال
رغم تأكيد تطلعه للعمل مع زعيم الحزب الوطني الاسكتلندي الجديد حمزة يوسف، إلا أن سوناك يرفض الدعوة التي أطلقها الأخير لإجراء استفتاء جديد على الاستقلال.
في تصريحات إعلامية سابقة، قال متحدّث باسم سوناك إنّ الاسكتلنديين وكل البريطانيين يريدون من السياسيين أن “يركزوا على القضايا التي تهمهم أكثر من أي شيء آخر”، مشيرا إلى “خفض التضخّم ومعالجة ارتفاع مستوى المعيشة وتراكم عمل (المستشفيات)” .
وأمس الإثنين، اختار الاستقلاليون الاسكتلنديون حمزة يوسف لخلافة نيكولا ستورجن في زعامة الحزب وبالتالي رئاسة الوزراء، في خطوة تجعل من يوسف أول مسلم في تاريخ المقاطعة يتبوّأ هذا المنصب بإطلاق وعد بقيادة اسكتلندا لتحقيق الاستقلال “في هذا الجيل”.
لكنّ الدعم للاستقلال وهو في صلب برنامج الحزب الوطني الاسكتلندي (يسار)، يراوح مكانه.
وقضية الاستقلال أعيد إطلاقها بسبب بريكست بشكل خاص لأن 62% من الاسكتلنديين عارضوا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ورأى الحزب الوطني الاسكتلندي في قطيعة مع لندن وسيلة للعودة إلى الاتحاد الأوروبي.
وبحسب يوسف، فقد تمّ تكريس الكثير من الوقت للتأكيد على فشل الحكومة البريطانية في لندن وليس ما يكفي لخلق رؤية لاسكتلندا مستقلة، متعهدا بإطلاق حركة شعبية في سبيل حق تقرير المصير.
في المقابل، يؤيد سوناك بشراسة البريكست، ويرى أن الاتفاق حمل معه إنجازات مهمة ووفر فرصا هائلة بعد 3 سنوات من دخوله حيز التنفيذ.
وظهرت الهند وباكستان بعد حل التاج البريطاني في تاريخ دونته المجلدات بمداد قفز بالسنوات إلى القرن الحادي والعشرين ليكتب مقاربة تبدو في ظاهرها خارجة عن ضوابط المنطق مع أنها في باطنها لم تخرج عن منطق العدالة التاريخية.
حصلت بريطانيا على فرصتها قبل سنوات طويلة لكن مصيرها اليوم معلق بين يدي شابين يجبران عجلة التاريخ على الدوران عكسيا لخلق تناظر يعدل عقارب زمن يبدو مصرا على بعثرة خيارات القيادة.
المصدر: وكالات