ضاعفت القاهرة من تحركاتها لإثبات أن حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة منبوذة محليا، وبدأت تكرس جهودها على الأطراف الأخرى الفاعلة في ليبيا لخلق أمر واقع قد يؤدي إلى التقليل من أهمية الدبيبة تدريجيا، بما يفضي إلى حدوث تغيير في موقف قوى إقليمية ودولية تتمسك بوجوده.
وقد جمعت مصر العديد من الأفرقاء الليبيين، وفي إطار ذلك، جاء لقاء رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي وقائد الجيش خليفة حفتر في القاهرة، حيث بحث الجانبان جهود التهدئة بين الأطراف الليبية والسعي لوضع ترتيبات مالية عادلة وشاملة، وتوحيد المؤسسة العسكرية لحماية الحدود، وإيجاد صيغة توافقية لإجراء الانتخابات ووضع آليات لإنجاز المصالحة، واستضافت القاهرة اجتماعا آخر ضم رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، إلى جانب المنفي وحفتر، حضره مسؤولون مصريون، بعد أن راعت “جولة تفاوضية” بين خالد المشري، وعقيلة صالح أيضاً.
ويرى المراقبون أن مصر-عبر هذه الجولات-، تستثمر في حالة السيولة التي تمر بها الأزمة الليبية وتراخي المجتمع الدولي عن التركيز على تفاصيل تطوراتها، من جراء آثار الحرب الأوكرانية، علاوة على الهدوء الحاصل في العلاقات مع تركيا المتدخلة في ليبيا، منذ سنوات، لتؤكد مصر أنها قادرة على تحقيق اختراق في الأزمة وتهميش حكومة الدبيبة، خاصة أن رعايتها للحكومة الموازية التي شكلها فتحي باشاغا بتفويض من مجلس النواب لم تحصل على تأييد داخلي وخارجي يمكنها من الصمود.
وجاءت المبادرة المصرية لجمع المنفي مع حفتر في هذا التوقيت بعد زيادة القبول الدولي والمحلي بأفكار المجلس الرئاسي للتسوية وإجراء الانتخابات، مقابل تصميم حكومة الوحدة على عدم مغادرة السلطة قبل إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.
وتحاول مصر احتواء التفافات الدبيبة حول تحركاتها، ادراكاً منها لن يعدم الوسائل التي تمكنه من تمديد خيوط التواصل مع كثير من الجهات الليبية التي تحتضنها القاهرة، وبالتوازي، كانت قد انطلقت في العاصمة الليبية طرابل ، فعاليات الملتقى التحضيري للمؤتمر الجامع للمصالحة الوطنية بإشراف المجلس الرئاسي.
وغير بعيد، عن التنسيقات المصرية رفيعة المستوى، كان رئيس مجلس النواب المصري، المستشار حنفي جبالي، قد أكد دعم بلاده الجهود من أجل التوصل إلى تسوية سياسية تنهي الأزمة الراهنة في ليبيا، بما في ذلك التوصل إلى قاعدة دستورية للانتخابات.
وأشار إلى استضافة مصر على مدار عام ونصف العام لقاءات بين رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، ورئيس مجلس الدولة خالد المشري، من أجل التوافق على القاعدة، التي ستكون نقطة انطلاق نحو بناء المؤسسات الليبية.