في أعقاب المصافحة غير المسبوقة بين الرئيسين المصري والتركي في الدوحة خلال حضورهما افتتاح مونديال قطر، والإعلان عن بداية تطوير العلاقات الثنائية بين الجانبين، عاد ملف المصالحة بين القاهرة وأنقرة، من جديد إلى الواجهة، وساد الرعب والارتباك داخل صفوف جماعة الإخوان وعناصرها في تركيا، وسط استعدادات كبيرة لإعادة توفيق أوضاعهم خلال المرحلة القصيرة المقبلة.
تجربة السنوات التسع، منذ العام 2013، كشفت عن توازنات مختلفة لصالح الجانب المصري، ومن ثم، فإن ما كان صالحا أمس ربما لم يعد صالحا اليوم، لاسيما بعد أن فقدت الجماعة مكانتها بسبب الانقسامات المتجذرة، وانتهاج العنف، وتفشي مؤشرات الفساد بين أعضائها، وهذا ما يبدو أنه وقر في إدراك تركيا، ودفعها لتغيير سلوكها السياسي مناطقيا سواء تجاه القاهرة أو دمشق، بالنظر إلى مصالحها في الشمال، مع نظام الأسد، مناوئة لقوات سوريا الديمقراطية “قسد”، على طريق تعديل “اتفاق أضنة”.
وعودٌ على شأن الإخوان المسلمين، ففي الأيام القليلة الفائتة، زادت مخاوف الجماعة أكثر بعد صدور تصريحات إيجابية من مسؤولين أتراك تطالب بمزيد من ترميم العلاقات مع مصر ووقف العدائيات معها، فأصبح جل ما تخشاه الجماعة، هو تسليم السلطات التركية لعناصر الجماعة المطلوبين إلى القاهرة، كبادرة على رغبة أنقرة، في سرعة التطبيع مع مصر.
إزاء ذلك، قرر قادة الجماعة وبشكل رسمي وقف أي انتقادات لمصر قد تؤثر سلبا على التقارب المحتمل حدوثه بين القاهرة وأنقرة، ومنعا لأي إحراج للقيادة التركية، وفي السياق، عمد أعضاء الجماعة أيضا إلى، تغيير أسماء الكيانات التي تحمل مسميات تعبر عنها مثل جمعية “رابعة” والكيانات التي كانت تندد بما حدث في مصر من الإطاحة بحكم الإخوان مثل “برلمانيون ضد الانقلاب” و”طلاب ضد الانقلاب” وغيرها، فضلا عن تعليق استخدام “شعار رابعة” في أي احتفالية أو مؤتمر خاص بالجماعة يقام على الأراضي التركية.
يشار إلى أن تركيا كانت أعلنت استئناف اتصالاتها الدبلوماسية مع مصر العام المنصرم، واتفقت الدولتان على مواصلة تلك المشاورات والتأكيد على رغبتهما في تحقيق تقدم في النقاش، والحاجة لاتخاذ خطوات إضافية لتحسين العلاقات بينهما وإزالة كافة أوجه الخلافات، وفي ظل نهجها البراغماتي، يُرجح أن تستمر أنقرة باتخاذ مزيد من الإجراءات ضد الجماعة التي باتت منقسمة إلى ثلاث جبهات، وبالمقابل، يظل مرجحا أن تستقبل أوروبا مزيدا من الإخوان، وعوائلهم، وأموالهم أيضاً.