يعقد قادة الاتحاد الأوروبي، الأربعاء، قمة جديدة في بروكسل على مدار يومين، تتناول، وفق محللين، 4 ملفات رئيسية أبرزها أسعار الطاقة ودعم أوكرانيا وأزمة المناخ، ومناقشة استراتيجية التكتل حيال الصين.
ويسعى قادة التكتل إلى تجاوز الانقسامات بشأن كيفية مواجهة أزمة الطاقة في أوروبا ووضع حد لخلافات استمرت أسابيع بشأن تحديد سقف لأسعار الغاز، وفشلت اجتماعات عدة عقدها وزراء الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي في كسر الجمود.
ووضع حد أقصى لأسعار الغاز هو واحد من بين مجموعة من المقترحات والمبادرات المقدمة من الدول الأوروبية للتعايش مع انخفاض إمدادات الغاز من روسيا، التي كانت توفر 40 بالمئة من احتياجات أوروبا، فضلا عن الارتفاع الهائل للأسعار، ورغم تراجع أسعار الغاز عن ذروتها للعام الجاري، فإنها لا تزال أعلى بأكثر من مئتين بالمئة مقارنة بما كانت عليه في بداية سبتمبر من العام الماضي.
وتحت ضغط من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، والتي تشعر بالقلق مع اقتراب الشتاء، أوضحت المفوضية الأوروبية، الثلاثاء، أنها ستقدم تفاصيل مقترحاتها الرامية للسيطرة على أسعار الطاقة من خلال التعامل مع عدم استقرار الأسعار في سوق الغاز:
• إصلاح مؤشر سوق الغاز “تي تي إف” الذي يعتبره المشغلون الأوروبيون معيارا مرجعيا للمعاملات، واستبداله في غضون 6 أشهر بمؤشر بديل يكون أكثر تمثيلا للإمدادات الحقيقية.
• حتى ذلك الحين، توصي بروكسل “بآلية مؤقتة” لتصحيح أسعار الغاز.
• تريد بروكسل إجبار الدول الأعضاء على الموافقة على إجراء عمليات شراء مشتركة من الغاز على مستوى الاتحاد الأوروبي للموسم المقبل لملء المخزونات، وذلك من أجل الحصول على أسعار أفضل من الموردين “الموثوق بهم”، مثل النرويج والولايات المتحدة، ومنع دول الكتلة من التنافس.
انقسام أوروبي وانتقادات لألمانيا
وضغطت بلدان في الاتحاد الأوروبي على رأسها إيطاليا من أجل تحديد سقف لأسعار واردات الغاز وانتقدت ألمانيا، أكبر قوة اقتصادية في أوروبا، لوضعها خطة بمئتي مليار يورو من أجل مساعدة الألمان على مواجهة ارتفاع الأسعار.
كما انتقد رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي ألمانيا بسبب ما يراه إنفاقا سخيا بقيمة 200 مليار يورو في صورة إعانات لحماية المستهلكين والشركات من ارتفاع تكاليف الطاقة، مؤكدا أنه “يجب التخلص من الأنانية الألمانية”.
كما حث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأحد، ألمانيا على إبداء “تضامن” أوروبي في مواجهة ارتفاع أسعار الطاقة.
وحذر الرئيس الفرنسي، في مقابلة أجرتها معه صحيفة “ليزيكو” من “إخلال بالتوازن” على صعيد التنافس يمكن أن ينجم عن الخطة الألمانية الضخمة لمساعدة الأسر والأفراد “لا يمكننا أن نمضي قدما بسياسات وطنية لأن هذا الأمر يتسبب بإخلال بالتوازن في القارة الأوروبية، قارتنا أوروبا وعلى غرار ما حصل إبان أزمة كوفيد أمام لحظة حقيقة (…) علينا أن نتحرّك بوحدة صف وتضامن”.أخبار ذات صلةإضرابات واحتجاجات.. شبح “السترات الصفراء” يقلق حكومة فرنساالدنمارك تعلن السبب وراء أضرار خطي غاز “نورد ستريم”
4 ملفات أبرزها الطاقة
المحلل الاقتصادي، جورج آدموند، قال إن أزمة الطاقة ستتصدر مناقشات القادة الأوروبيين الذين يشعرون بالقلق مع اقتراب الشتاء وكذلك تصاعد الاحتجاجات في بلادهم جراء ارتفاع الأسعار.
وأضاف آدموند لموقع “سكاي نيوز عربية”: “سيقوم قادة الاتحاد الأوروبي بتقييم حالة أسعار الطاقة وأمن العرض، بما في ذلك إجراءات تحسين السوق والتقدم في خفض الطلب، كما أنهم سيبحثون أي إجراءات أخرى يتعين اتخاذها من أجل ضبط الأسعار”.
وأكمل: “من غير المرجح أن ترضي حزمة الاتحاد الأوروبي جميع دول الاتحاد الأوروبي الـ 27، حثت معظم دول الاتحاد الأوروبي المفوضية على اقتراح حد أقصى لسعر الغاز على وجه السرعة، لكنها اختلفت بشأن تصميمه، هناك دول من بينها ألمانيا وهولندا حذرت من أن وضع سقف لأسعار الغاز قد يأتي بنتائج عكسية إذا تركت دول الاتحاد الأوروبي تكافح لجذب الإمدادات من الأسواق العالمية خلال فصل الشتاء مع ندرة الوقود الروسي”.
وأشار إلى أن هناك 3 ملفات أخرى على طاولة قادة الاتحاد الأوروبي هي التطورات المتعلقة بالعدوان الروسي على أوكرانيا، بما في ذلك تداعياتها في أوكرانيا وسبل دعم الاتحاد الأوروبي لكييف، ومناقشة استراتيجية التكتل تجاه الصين والاستعداد للقمة القادمة بين الاتحاد الأوروبي ورابطة دول جنوب شرق آسيا المقرر عقدها في ديسمبر المقبل.
ووفق آدموند سيناقش المشاركون مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ المقرر عقده في مصر (COP27) والتحضيرات للمؤتمر الخامس عشر للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ الذي سيعقد في مونتريال كانون الأول/ديسمبر القادم.
صاروخ روسي قادر على حمل رؤوس نوويةأثار إعلان الكرملين أن المناطق الأوكرانية الأربع التي ضمتها روسيا أواخر سبتمبر الماضي “تخضع بالكامل لحماية الترسانة النووية الروسية”، والذي تبعه الأربعاء، إعلان الرئيس فلاديمير بوتين الأحكام العرفية بتلك المناطق، مخاوف واسعة من دخول الحرب مرحلة جديدة قد تنطوي حتى على استخدام السلاح النووي، لا سيما مع الهجوم الأوكراني الواسع الأخير على خيرسون.
المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أكد خلال تصريحات صحفية أن “هذه الأراضي (دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوروجيا) هي أجزاء غير قابلة للانتزاع من روسيا الاتحادية، وتحظى بالقدر نفسه من الحماية شأنها شأن بقية الأراضي الروسية”.
تهديد عرضي أم وجودي؟
ويسود جدل بين المراقبين والخبراء العسكريين حول المغزى من مبدأ الحماية النووية التي أسبغها الكرملين على المناطق الأربع، ففيما يرى البعض أن هذا يعني “تهديدا صريحا ومباشرا برد نووي” على إعلان كييف تصميمها على استعادة المناطق وشنها لعمليات عسكرية مضادة في بعضها، يرى آخرون أن التلويح بورقة الحماية النووية هو “من باب الردع”.
وهؤلاء يعتقدون أن “العقيدة النووية الروسية لا تسمح باستخدام الأسلحة النووية ردا على تهديد جزئي وعرضي، كما هو حال تهديد القوات الأوكرانية لمناطق خيرسون وزابوروجيا ودونباس”.
ماذا تعني مظلة الحماية النووية الروسية؟
للإجابة عن هذا التساؤل، يقول الخبير والمحلل العسكري الأكاديمي حسن المومني، في لقاء مع موقع “سكاي نيوز عربية”:
- “هذا المفهوم يعني توفير روسيا مظلة دفاع نووية عن أراضيها والمناطق الخاضعة لسيادتها، ومن بينها المناطق التي ضمتها حديثا بعد استفتاءات، والتي هي وفق موسكو أصبحت جزءا عضويا من الخريطة الروسية.
- “معنى هذا أنه في حال تعرض الأراضي تلك للهجوم بأسلحة تقليدية أو نووية، فإنها قد تستخدم بالمقابل السلاح النووي”.
- “هذا ما عكسه بوضوح بوتين حينما أكد مؤخرا على أن روسيا في حال تعرضها لخطر وجودي، فإنها ستلجأ للخيار الدفاعي النووي، ومع دخول هذه المناطق للسيادة الروسية، فإن المظلة النووية الروسية تسري عليها حالها حال كافة مناطق وأقاليم الاتحاد الروسي الأخرى”.
أخبار ذات صلةقيادة خيرسون: صد جميع الهجمات التي شنتها القوات الأوكرانيةروسيا تحبط محاولة أوكرانية للسيطرة على محطة نووية
مظلة الناتو النووية
- “مظلات الحماية قد تتوسع لتشمل دولا أخرى، حيث يمكن لدولة نووية ما التحالف مع دولة أخرى غير نووية، وإعلان أن الأخيرة مشمولة بالمظلة النووية للدولة الأولى المالكة للسلاح الفتاك”، وفق المومني.
- “مثلا القدرات الردعية النووية للولايات المتحدة تشمل مختلف الدول الأعضاء في حلف الناتو، على اعتبار أن حصول أي اعتداء على أي دولة عضو بالناتو وفق البند الخامس لميثاقه، يستوجب ردا جماعيا من كافة دول الحلف، والدفاع عنها بكافة الوسائل، بما فيها النووية”.
- “بالتالي، فإن روسيا تصعد وتلوح بالحماية النووية لردع كييف عن المضي بتهديد واستهداف المناطق الأربع التي ضمتها موسكو، مع التشديد على أنه في حال تطور الأحداث نحو تبلور خطر وجودي على تلك المناطق، فإنها ستعمد بالفعل لاستخدام السلاح النووي، كون مظلة الحماية النووية لروسيا تشمل الآن أوتوماتيكيا كل من دونباس وخيرسون وزابوروجيا”.
أخبار ذات صلةمعركة خيرسون.. مسؤول روسي يقول إن الجيش “سيقاتل حتى الموت”“وحش نووي”..ماذا تفعل “أم الغواصات” الروسية قرب حدود الناتو؟
ماذا عن موقف الغرب؟
“ليس خافيا أن حلف الناتو كان حريصا على عدم تزويد أوكرانيا بأسلحة يطال مداها الأراضي الروسية، وبعد الاستفتاءات الأربعة فإن روسيا تعتبر أي استهداف للأراضي التي ضمتها حديثا استهدافا لعموم روسيا، فنحن أمام واقع جديد ومنعطف خطير في مجرى الحرب الدائرة على مدى 8 أشهر”، يجيب المومني.أخبار ذات صلةالناتو يتعهد بتزويد كييف بمضادات للمسيرات قريبالماذا تقصف روسيا البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا؟قائد القوات الروسية الجديد يقر بصعوبة الوضع في أوكرانياارتفاع حصيلة قتلى تحطم المقاتلة الروسية.. وموسكو تكشف السبب
ثالوث الردع النووي
من جانبه، يقول الخبير العسكري ورئيس مركز “صقر” للدراسات، مهند العزاوي، لموقع “سكاي نيوز عربية”: “الحماية النووية تعني أن المناطق الأربع التي ضمت لروسيا، والتي هي مسرح عمليات ساخن الآن، محمية بدفاعات فتاكة متى ما اقتضى الأمر، وفق الثالوث النووي البري والجوي والبحري الردعي”.
ويستطرد: “المفهوم يتعلق كذلك بضمان الأمن النووي لروسيا، عبر حماية المنشآت والقواعد من التخريب أو التسرب الإشعاعي، وحماية مختلف المناطق المحيطة بها وسكانها، حيث أن مقاطعة زابوروجيا مثلا التي هي إحدى المناطق الأربع المنضمة لروسيا، تضم واحدة من أكبر المحطات والمواقع النووية في أوروبا والعالم”
المصدر: وكالات