تحظى الزيارة التي يبدأها رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان اليوم إلى سلطنة عمان وتستمر يوميْن باهتمام لافت، نظرا إلى الطبيعة الاستثنائية للعلاقات بين الدولتين الخليجيتين، وحرص قيادتيْ البلدين على تعزيزها والارتقاء بها في مختلف المجالات.
وهذه أول زيارة للشيخ محمد إلى مسقط منذ توليه رئاسة الإمارات، وهي تعكس حرصه على المضي قدما في تعزيز العلاقات مع السلطنة التي سبق وأن وصف الروابط معها بأنها “أخوة متجذرة وعلاقات ممتدة لا تزيدها الأيام إلا رسوخا وقوة ومحبة”.
ووفقاً لوكالة الأنباء الإماراتية “وام”، فإن الشيخ محمد سيزور عُمان “تلبية لدعوة من أخيه السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد، سلطان عمان”.
وذكرت الوكالة الإماراتية أن هذه الزيارة “تأتي انطلاقاً من العلاقات الأخوية التاريخية الراسخة التي تربط البلدين، وتعزيزاً لأواصر المحبة ووشائج القربى التي تجمع الشعبين الشقيقين”.
وأشارت الوكالة إلى أن الجانبين سيبحثان “تعزيز التعاون والتنسيق المشترك في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية والتنموية، ودفعها إلى الأمام بما يلبي تطلعات البلدين ويحقق أهدافهما إلى التنمية المستدامة”.
كما سيناقش الطرفان “مجمل التطورات الخليجية والعربية والقضايا محل الاهتمام المشترك، وجهود البلدين في إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة”.
وكانت آخر زيارة رسمية للشيخ محمد إلى سلطنة عمان في كانون الثاني/يناير 2020 عندما كان ولي عهد أبوظبي، وجاءت حينها لتقديم واجب التعازي للسلطان هيثم بن طارق في وفاة السلطان قابوس بن سعيد.
وتثير الزيارة اهتمام المتابعين بالنظر إلى ثقل الدولتين الخليجيتين على الساحة الإقليمية، وأيضا الطبيعة الاستثنائية للعلاقات بينهما.
وأكد سفير دولة الإمارات لدى عمان محمد سلطان السويدي أن الزيارة المرتقبة سيكون لها أثر إيجابي على مسيرة العلاقات المُمتدة بين البلدين، بما يتناسب مع رؤية قيادتي البلدين.
وقال السفير الإماراتي في حديث لوكالة الأنباء العُمانية إن هذه الزيارة دليل على عمق العلاقات بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، فضلًا عما يجمع قيادتي البلدين من علاقات أخوية وثيقة قلما نجد مثلها بين بلدين، ولاسيما على المستوى الاقتصادي، وهو أمر يعبّر عن الثقة المتبادلة بينهما، وهذا بفضل وعي قيادتي البلدين بخصوصية وتفرد العلاقات بين سلطنة عُمان ودولة الإمارات.
وأضاف أن البلدين يحرصان باستمرار على تشكيل رؤى وتصورات عملية بشأن مستقبل العلاقات المشتركة، مما ينعكس بالإيجاب على النواحي الاقتصادية والاستثمارية والمجتمعية، مؤكدًا على استمرار التواصل بين مسؤولي البلدين المعنيين بالنواحي الاقتصادية والتجارية، وتبادل الزيارات بين الوفود ورجال الأعمال؛ بهدف تنمية وتطوير الجوانب الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين.
وجاء الإعلان عن الزيارة التي تستغرق يومين بعد رسالة خطية أرسلها السلطان هيثم إلى الشيخ محمد، في الخامس عشر من أيلول/سبتمبر الجاري، والتي نقلها فاتك بن فهر آل سعيد المبعوث الخاص لسلطان عُمان.
وشهدت الفترة الماضية زيارات متبادلة للمسؤولين العمانيين والإماراتيين، فيما يعكس اهتمام الجانبين بتعزيز التنسيق بينهما لاسيما في القضايا ذات الاهتمام المشترك.
ولعل أبرز الزيارات التي جرت خلال الأشهر الماضية زيارة قام بها مستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان إلى مسقط، حيث استقبله السلطان هيثم، وتم خلالها بحث “العلاقات الأخوية التاريخية المتجذرة بين البلدين، ومواصلة التعاون والتنسيق المشترك بينهما، بما يحقق مصالحهما المتبادلة وتطلعات شعبيهما الشقيقين نحو التنمية المستدامة والازدهار”.
وتجمع الإمارات وعمان علاقات مجتمعية ضاربة جذورها في عمق التاريخ، وكذلك مصالح إستراتيجية شكّلت أهمية كبيرة لشعبي البلدين.
ووصف سفير عُمان لدى الإمارات أحمد بن هلال البوسعيدي زيارة الشيخ محمد إلى السلطنة بـ”التاريخية”.
وقال البوسعيدي الأحد إن الزيارة ستدفع مسيرة العمل المشترك بين الجانبين للمُضي قُدُمًا في تطوير وتعزيز مختلف مجالات التعاون بين البلدين الشقيقين.
الإمارات من أهم الشركاء التجاريين لعمان، وقد شهد حجم التبادل التجاري بينهما نموا بنحو 9 في المئة مقارنة بعام 2020
وأضاف السفير العماني، خلال تصريحات لوكالة الأنباء العُمانية، أن “العلاقات العُمانية الإماراتية متميزة وتاريخية، تربطها وشائج أخوية، وعلاقات إستراتيجية أسّس نهجها القائدان الراحلان، السُّلطان قابوس بن سعيد والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان”، معتبرا أن التواصل الأخوي المستمر بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين يُعزز هذه العلاقات التي تشهد المزيد من الارتقاء.
وأوضح أن التكامل بين سلطنة عُمان ودولة الإمارات يأتي في إطار تعزيز الفرص الاقتصادية والاستثمارية الواعدة، وتوجّه البلدين خلال الفترة المُقبلة إلى تركيز التعاون على تطوير الفرص الاستثمارية وتسهيل الإجراءات على المستثمرين في كلا البلدين، والارتقاء بمستوى العمل المشترك لتوسيع الشراكة في قطاع الأعمال في ظل تعدد وتنوع فرص الاستثمار التي يمكن أن تتحول إلى مشروعات اقتصادية تُسهم في تحقيق المصالح المشتركة وتساعد على زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين.
وتُعد الإمارات من أهم الشركاء التجاريين لعمان، فقد بلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين دولة الإمارات وسلطنة عُمان خلال العام الماضي 46 مليار درهم بنمو 9 في المئة مقارنة بعام 2020، وبلغ متوسط النمو في تجارة البلدين خلال آخر 5 سنوات نحو 10 في المئة، حسب إحصائيات تم استعراضها في الدورة الثانية من الملتقى الاقتصادي الإماراتي – العماني التي عقدت في شباط/فبراير الماضي في دبي.
ويعمل البلدان على تعزيز الأنشطة التجارية والاستثمارية بينهما وتنمية الشراكة في العديد من القطاعات الاقتصادية الحيوية بما فيها قطاع الطاقة والطاقة المتجددة وحلول المياه والخدمات المالية والدعم اللوجستي والإنشاءات والعقارات وريادة الأعمال.
كما يحرص الطرفان على تعزيز التنسيق السياسي بينهما، وسط ترجيحات بأن تكون الأزمة اليمنية وأيضا ملف إيران النووي حاضرين في مباحثات قيادتي البلدين.
المصدر: وكالات