بعث تراجع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عن “المظاهرات المليونية” التي دعا لانطلاقها السبت، بتوقعات حلحلة الأزمة الخانقة التي تضرب العراق، وسط الحشد والحشد المضاد بين التيار وخصومه في قوى “الإطار التنسيقي”.
ويأتي هذا وسط أنباء عن اتصالات بين قيادات في “التيار” و”الإطار” للجلوس على مائدة الحوار.
وأعلن الصدر، السبت، التجهيز لـ”زحف مليوني سلمي” من أرجاء البلاد نحو بغداد، السبت المقبل، متحدثا عن “الفرصة الأخيرة” لتحقيق التغيير المنشود في النظام القائم برمته.
وشد هذا الخطاب الانتباه وسط مخاوف من تصعيد وصدامات في الشارع، لكن الصدر فاجأ الجميع بإعلانه، الثلاثاء، تأجيل هذا “الزحف” لإشعار آخر.
وقال في بيان: “إن كنتم (الإطار التنسيقي) تراهنون على حرب أهلية فأنا أراهن على السلم الأهلي، وإن الدم العراقي غالٍ، بل أغلى من كل شيء”.
وأتى اتهامه للإطار بالمراهنة على “حرب أهلية” مع تهديد كتائب حزب الله في العراق، أحد مكونات قوى الإطار التنسيقي الموالية لإيران، بالنزول إلى الشارع “لوأد الفتنة”.
مبادرة جديدة
ويرجح خبراء عراقيون في حديثهم لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن تراجع الصدر عن “الزحف المليوني” الآن ينبئ بأنه قد يقبل بمبادرة لتجاوز الاختناق السياسي.
ويقول المحلل السياسي علي البيدر إن “هناك رغبة صدرية في الجلوس إلى طاولة الحوار، بعد تلويح الإطار التنسيقي بإمكانية عقد جلسة للبرلمان، الذي يحاصره التيار الصدري، خارج بغداد، وهو ما سيؤدي إلى تأزم المشهد بشكل أكبر، ويجعل موقف الصدر محرجا”.
ويوضح البيدر أن “الصدر أراد أيضا أن يبعث رسالة للجميع برغبته في تخفيف حدة الأزمة، فهو لا يريد إقحام جمهوره في أزمات متكررة خصوصا أن البعض قد يكون سئم التظاهرات، وتحسس الصدر هذه المؤشرات فاندفع نحو التهدئة”.
ويشهد العراق أزمة خانقة نتيجة فشل القوى السياسية في تشكيل حكومة جديدة منذ انتخابات أكتوبر الماضي، وتصاعدت الأزمة الأسبوعين الأخيرين بإعلان التيار الصدري اعتصاما مفتوحا في بغداد حتى تحقيق مطالبه الخاصة بحل البرلمان وإجراء انتخابات مكبرة، وهو ما ردت عليه قوى الإطار الموالية لطهران بدعوة أنصارها للتظاهر كذلك.
وتنحصر الخلافات الآن بين التيار والإطار حول آلية إجراء الانتخابات المبكرة، ففي حين يريد التيار أن تتولى الحكومة الحالية الإعداد للانتخابات وبالقانون الحالي، يسعى الإطار إلى تغيير الحكومة مع تعديل القانون.
وكانت قوى الإطار خسرت الانتخابات البرلمانية التي جرت بموجب هذا القانون، حيث فاز التيار الصدري بها.
لقاء الصدر والعامري
في هذه الآونة، يجري هادي العامري رئيس تحالف الفتح، أحد مكونات الإطار التنسيقي، جولة بين قوى سياسية لدعوة الجميع للحوار، وسط معلومات عن لقاء مرتقب يجمعه بالصدر.
ويقول نائب من الإطار لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “اللقاء هدفه طرح مبادرة تقوم على التوازن بين مطالب التيار والإطار، على أن تنفذ ضمن مدة محددة”، معتبرا أن اللقاء “تأخر لأكثر من مرة بسبب تصعيد بعض الأطراف، وهو ما يثير القلق.
وحسب النائب الذي طلب حجب اسمه، فإن “التواصل قائم بين العامري والصدر وإن كان على مستوى منخفض”، مشيرا إلى أن “الأجواء باتت مهيأة لإطلاق الحوار، بعد اقتناع الجميع بعدم جدوى تحركاتهم التي رموا فيها بكل أوراقهم، كالتظاهرات المليونية والاعتصامات وتطويق مبنى البرلمان”.