من أوراق “ما بعد 30 يونيو” المصرية: خلافات “إخوان الخارج”، ومحاولات تمويل جديدة

على خلفية تطورات كبيرة بالإقليم، كان من بينها المصالحة التي تمت بمدينة العلا السعودية، مطلع العام الفائت، وما لاح في أعقابها بأجواء العلاقات المصرية- التركية، من بوادر انفتاح، نشبت حرائق في صفوف الفارين إلى الدوحة، وإسطنبول، من جماعة الإخوان المسلمين، حتى صار التنظيم دولي الأجنحة، في أضعف حالاته، وعلى الرغم من ذلك، مازال هناك مَن يصر على لعب دور (أم الصبي) لهؤلاء المتشرذمين في الدول المختلفة، وفي جهة أخرى، تكثر الإشكالات بين المحسوبين على الجماعة في الخارج، وتظهر فضائح، ومخالفات مالية، وشبهات فساد، تشي بأن جموع الأشقاء المصريين، كانوا على الحق، عندما خرجوا في الشوارع، رافضين “حكم المرشد” منذ تسعة أعوام.


ولعل من الإشكالات اللافتة بين أفراد التنظيم، الهاربين، ما وقع في السابق، بين عمرو عبد الهادي، وأيمن نور، فقد شرع الأول بنشر فضائح الثاني بشتى الطرق، كادعائه المرض خلال تواجده في قطر، بغرض لفت أنظار المسئولين هناك، وكذلك فضح عبد الهادي علاقة (نور) بكلٍ من محمد دحلان، و حزب الله، ناهيكم عن الدولة العبرية، ورفضه اعتبارها دولة معادية، وايمانه بفكرة التطبيع الكامل مع الصهاينة، إضافة إلى سلوكياته الشخصية الفاسدة التي شملت عدم سداد المستحقات و الديون الي أصحابها، فأفاد على سبيل المثال أن شقة كان نور قد اشتراها بمبلغ اثنين مليون من الدولارات، و لم يُسدد حقها لأحد أقربائه بمصر.

بهذا المجال أيضاً، دأب عبد الهادي في دفع نور إلى تحمل كل فواتيره، القديمة والجديدة، ويُعزَى السبب في تلك الاتهامات إلى قناعته، بأن نور كان وراء التضييق علي الصحفي العائد إلى مصر جمال الجمل، وأن مغادرة الجمل للأراضي التركية، كانت في مقابل بالطبع بعض المصالح التي حصل عليها نور.


وفي أوساط حظيرته الإفتراضية، والإعلامية، كذلك، حصلت مضايقات من نور لعبد الهادي مرارًا و تكرارًا عبر خلال اللجان والكتائب الالكترونية التي يقودها نور، وبوكالته الي دعاء حسن، مقدمة برنامج (المطبخ السياسي)على قناة الشرق، وتلميذته المقربة، مما حدا بعبد الهادي، للخروج عن صمته.


واتهم عبد الهادي نور عبر “تويتر” بأنه انسحب من كتابة دستور الاخوان، وانضم لجبهة الضمير التي عارضت جبهة الانقاذ، و التي كان نور أحد مؤسسيها، ثم عاير عمرو أيمن بأنه وقتما كان هو في رابعة مع الاخوان، كان نور في مجلس حقوق الانسان مع الفريق السيسي- وقتها-، ولذلك، فهو -أيمن نور- في نظره خائن، باع القضية من أجل أي منصب، ولعل كثيرين يؤيدون هذه النظرة لزعيم حزب الغد بعد ما ظهر في نغمة مغازلة نور لإدارة السيسي بعد دعوة الأخير لحوار وطني شامل، أواخر نيسان/أبريل المنصرم، والتي أظهرت رغبته في التصدر، والتواجد على باحة السياسة، مما عرضه للهجوم حيال ذلك أيضاً، ولكن من آخرين كان منهم مذيع الجزيرة السابق، والهارب إلى لندن، سامي كمال الدين.


ورأى المراقبون من أجواء تصريحات عمرو عبد الهادي و أيمن نور، أن هذه الحرب الكلامية والاليكترونية، ما هي إلا كشف لسيرة حياة أيمن نور الذي لا يؤمن بقضية بقدر ما يؤمن بمصلحته الشخصية، فهو يبيع ما يعتنقه من أفكار في سبيل أي منصب أو جاه أو حتى للبقاء في الصورة، لكن لا شك أنها ألقت بظلالها علي كم من الفضائح لا حصر له.


وفي الجهة عينها، أثبتت هذه المواجهة بما لا يدعو مجالًا للشك أن الأبواق الاعلامية للإخوان الفارين، لا تسع إلا لمصالحها فقط، وهو ما تجلى في أوساط قنوات الشرق، ومكملين، وحالة الخوف التي عصفت بالإعلاميين المعاديين للنظام المصري إثر مصالحة القاهرة، مع الدوحة، وأنقرة، ولاحت في أوساط القصر الرئاسي المصري الذي استقبل أمير قطر مؤخراً، ورغم ذلك، مازال هناك مَن مازال يصر على لعب دور (أم الصبي)، لهؤلاء من أمثال محمد ناصر، ومعتز مطر، إذ شاعت في أجواء الوسط الإعلامي العربي أن وضاح خنفر الابن الشرعي لإعلام الدوحة، مازال يصر على تمويل هؤلاء.


وخنفر لمَن لا يعرفه، هو عضو بارز ضمن جماعة يقودها أخطر الإعلاميين علي الإطلاق في حرب الظل ضد القاهرة، وهو عضو الكنيست الإسرائيلي السابق عزمى بشارة، وبشارة هو مسيحي فلسطيني من عرب 48، ادعي في البداية تبني الفكر القومي ولكنه استقر في الدوحة وأصبح مستشارا سياسيا فيها، بعد تنازله عن عضوية الكنيست الإسرائيلي طواعية عقب اكتشاف الإسرائيليين تلقيه تمويلاً من حزب الله.

وبالأخير، الأوساط متشعبة، كما الفاعلون بالنظام الدولي، إلى دول، ودويلات، وجماعات تحمل السلاح، وأخرى تحمل الميكروفونات، بل وأفراد، يكتبون تغريدات، لكن بحالة تنظيم الإخوان الذي بات الشرخ به عميقاً جداً، والأيديولوجيا مزعزعة، فقد كثرت الفضائح، وقلت الفعالية، حتى مع محاولات الإحياء والتمويل، كما أن الأخوة في مصر صاروا اليوم أكثر وعياً، ودولتهم أكثر جرأة وانفتاحاً، ومن ثم، فالمعركة أيضاً أصبحت محسومة.