الجيش الألماني يواجه التهديد الروسي: 100 مليار يورو “لا تكفي”!

أعلن المستشار الألماني أولاف شولتس على نحو مفاجئ قبل بضعة أيام، تقديم دعم مالي خاص لمرة واحدة بقيمة 100 مليار يورو للجيش، ما تزال الآمال قائمة على اقتنائها، فلسنوات خلت كانت قيادة الجيش تبحث عن بدائل تحل محل طائرات التورنادو التي عفا عليها الزمن، وتشكو نقص التجهيزات ولذلك، وفي ظل التهديد الروسي للأوروبيين، والذي تواجهه برلين بأشكال دعم شتى لكييف، أكد المستشار الألماني في خطابه على أهمية اقتناء طائرات اف-35 إذ أنها مخصصة أيضا باعتبارها “طائرات حاملة”.

على طريقة مجبر أخاك: الجيش الألماني يشتري طائرات F-35
الاجتياح الروسي لأوكرانيا قلب موازين السياسة الأمنية في ألمانيا بشكل راديكالي، لذلك حمل خطاب المستشار الألماني الذي أثار اهتمام وذهول البرلمان “البوندستاغ” وحتى أجهزة الدولة المختلفة رسائل واضحة: “نحن بحاجة إلى طائرات حديثة، وسفنا مجهزة وجنود مدربين على الوجه الأمثل”.
المفارقة كانت أن حزب شولتس، الاشتراكي الديمقراطي، كان قد عرقل في الحكومة المشتركة مع أنغيلا ميركل حتى عام 2021، مشاريع التسلح الكبيرة التي طرحت.شراء طائرات F-35 الحديثة سوف يكلف الدولة مبلغاً لا يقل عن خانتين رقميتين من المليارات المرصودة، بيد أن الأموال توفرت الآن بالرغم من السعر الباهظ .
والطائرة المقاتلة المكلفة من طراز F-35 هي واحدة من العديد من مشاريع التسلح الرئيسية التي يمكن للجيش الألماني تمويلها مع زيادة الدعم المالي غير المتوقعة.
في أوقات سالفة، توقف شراء أنظمة الأسلحة الكبيرة – الطائرات أو المروحيات أو السفن – مرارا بسبب إعادة رسم ميزانية الدفاع من سنة إلى أخرى.
وقالت كلوديا ميجور، التي ترأس مجموعة أبحاث السياسات الأمنية في معهد برلين للشؤون الدولية والأمنية في مقابلة صحافية.: “أن أبرز مشكلة واجهت الجيش هو عدم القدرة على التخطيط طويل الأمد بسبب تقلص وتغير الميزانية عبر السنوات الماضية”، وتضيف “إن فكرة الصندوق الخاص هي ضمان التمويل طويل الأجل لمشاريع المعدات الاستراتيجية الكبيرة”.

ساسة وأحزاب: لا تشتروا !F-35


جدير بالإشارة أن ثلاثة من كل أربعة المان يؤيدون الصندوق الخاص للقوات المسلحة، وتأتي الانتقادات من حزب المعارضة اليساري/ دي لينكه وأيضاً من بعض البرلمانيين من الحزبين الحاكمين الاشتراكي والخضر، ويطالب ممثلو حركة السلام بعدم شراء طائرات مقاتلة من طراز اف-35 للجيش، كما يطالبون بسحب جميع القنابل النووية الامريكية من ألمانيا.
ولا تزال هذه الوحدات النووية، التي يقدر عددها ب 20 وحدة، مخزنة في بوشل في غرب ألمانيا حتى ولو لم تؤكد الحكومة الألمانية ذلك رسمياً. وقد تم تأمين منطقة القاعدة الجوية هناك مع اقامة سياج مزدوج من الأسلاك الشائكة وكاميرات مراقبة. وعندما تقترب من البوابة، يطلب منك حراس الأمن الابتعاد. وفي مكان غير بعيد عن بوابة المدخل، وضع ناشطون لافتات تدعو الناس إلى الصلاة من أجل السلام، مطالبين بنزع السلاح وبألمانيا خالية من الأسلحة النووية، ولكن طلبهم قد يبدو غريبا في ظل المليارات الكثيرة القادمة لدعم الجيش.


خبراء ألمان: “المال وحده لا يكفي لدعم الجيش”
يفيد خبراء بأن المال وحده لا يعد كافياً لدعم الجيش الألماني، وأنه حتى الآن شراء الأسلحة والمواد يتم في كثير من الأحيان بشكل غير منظم وبيروقراطي بشكل مفرط. ويضاف إلى ذلك مصالح صناعة الأسلحة الألمانية، التي تأمل الآن في الحصول على طلبات كبيرة.
وعوداً على هذه الأسباب، فإن خبير السياسة الخارجية في الاتحاد المسيحي الديمقراطي رودريش كيسفيتر يحذر من الخطوات المتسرعة، إذا يقول: “يجب على الحكومة الاتحادية أن تنظر بعناية على ماذا تنفق المليارات وما هو الأكثر إلحاحا بالنسبة لها”، ويضيف: “أنا قلق من أنه بدون تحديد الأولويات وبدون اساس استراتيجية الأمن القومي التي أعلنتها الحكومة، سننفق الكثير من الأموال دون جدوى”.
وعلى النقيض من بعض زملائه البرلمانيين في البوندستاغ، فإن كيسفيتر يرى بصراحة أنه ضد إعادة التجنيد الإجباري.
وقد تم تعليق ذلك في عهد مستشارة الاتحاد المسيحي الديمقراطي أنغيلا ميركل في عام 2011، ذلك لأن الجيش ليس لديه القدرة على استيعاب المجندين وسيتعين عليه أولا إعادة بنائها بتكلفة باهظة.
ويوضح: ” 100 مليار سوف تختفي بسرعة كبيرة، دون أن يصبح الجيش أكثر قوة. وبالإضافة إلى ذلك، من الصعب دمج المجندين في جيش عالي التقنية، ففي نهاية الأمر، غالبا ما يستغرق التدريب على منظومات الأسلحة المعقدة وقتا أطول من الخدمة العسكرية لبضعة أشهر”.
ورغم هذه المعطيات ، يطمح الجيش الألماني لبلوغ رقم 203 آلاف جندي، وهو ما يعني 20 الف جندي أكثر مما هو عليه الحال الآن، وعلى الرغم من الحملات الإعلانية المفصلة، واجه الجيش ولا يزال مشاكل في ملء الأماكن الشاغرة، ولكن بالنظر إلى الوضع الأمني المتوتر مع مرور 100 يوم على الحرب الأوكرانية، يأمل الجيش الألماني بالحصول على مزيد من المتقدمين.
منذ الحرب الباردة وحتى 2014…ومن إستيلاء الروس على القرم إلى الآن..
ركز الجيش الألماني بشكل متزايد بُعَيد الحرب الباردة، على القيام بمهمات في الخارج، بعد الحرب الباردة، على سبيل المثال في البلقان أو أفغانستان أو مالي.
ولذلك فإن المليارات الإضافية سوف تسرع الآن عملية إعادة الهيكلة – بالعودة إلى نقطة أن هدف الجيش التركيز على الدفاع عن بلاده وحلفائه، وهو يتبع هذا الطريق منذ عام 2014، منذ ضم شبه جزيرة القرم. “ومع ذلك، فإن الموارد المالية لم تكن كافية. وهذا أمر نأمل أن يتغير الآن”.