أشار تقرير لصحيفة “مونيتور” إلى أن أنقرة إنما تتطلع إلى إيجاد موطىء قدم في قطاع غزة، وذلك عن طريق التعاون مع القاهرة، ووفقاً لما أوردته الصحيفة فإن هذا يندرج تحت محاولة وُصِفت بكونها “الأحدث” من الجانب التركي لجذب مصر بعد أعوام من توتر العلاقات.
في ذلك، اقترح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في العاشر من الشهر الجاري، أن تتعاون بلاده مع القاهرة، بشأن الملف الفلسطيني.
وقال جاويش أوغلو للوكالة الرسمية، إن علاقات بلاده مع مصر تؤول إلى تحسن، وأضاف أن المحادثات بين الجانبين من الممكن أن تتطور بإجتماع وزيري خارجية أنقرة والقاهرة، وتعيين السفراء بالتبادل.
كما أفاد التقرير بأن تصريحات أنقرة جاءت في غضون ثلاثة أسابيع من نجاح الوساطة المصرية في التوصل لهدنة وقف إطلاق النار، ووقف الإقتتال الإسرائيلي- الفلسطيني في القطاع، بالتعاون مع
الإدارة الأميركية.
وذكرت الصحيفة أيضاً، أن حرب الأيام الإحدى عشرة، أظهرت العزلة الديبلوماسية التي يعيشها النظام التركي، فبالرغم من إجراء الرئيس رجب طيب إردوجان، سلسلة مكالمات هاتفية مع زعماء الإقليم، لوقف العدوان الإسرائيلي، إلا أن تلك الإتصالات أخفقت في تحقيق أي نتيجة على الأرض، علاوة على تعرض إردوجان لانتقادات صدرت من واشنطن، بإطلاقه تصريحات “تعادي السامية”.
بالمقابل، قال التقرير المذكور أيضاً، أن سياسة القاهرة بقيادة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي استطاعت إنتاج مبادرة “ناجعة” سواء بإتجاه وقف إطلاق النار، أو فيما يخص إعادة الإعمار، وحققت بهذا الصدد إشادة من إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن الذي هاتف نظيره المصري مرتين.
وفي الملف نفسه، تعهدت القاهرة بتقديم 500 مليون دولار لإعادة إعمار قطاع غزة قي أعقاب العدوان الإسرائيلي الخاطف، وفتحت حدودها لتقديم العلاج الطبي للفلسطينيين المصابين خلال الصراع الذي أسفر عن مقتل نحو 250، كما قام مسؤولون مصريون برحلات مكوكية بين الفلسطينيين وإسرائيل في سبيل تأمين هدوء طويل الأمد.
على صعيد آخر، برز الدور المصري إقليمياً، بشكل كبير مؤخراً، وعلى مستوى ملفات عدة، ففي الملف الفلسطيني – محل التقرير- رأى المحللون سبب تقرب بايدن للرئيس المصري عبر اتصالين هاتفيين، إلى دور مصر في إيقاف الحرب الأخيرة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، فيمَ ذهب آخرون إلى إدراك الإدارة الأميركية الجديدة لثقل دور القاهرة في منطقة الشرق الأوسط، بمقاربة أنه دور لا يمكن لواشنطن
الاستغناء عنه.
في السياق عينه، ولتفعيل هذا الإدراك الأميركي على الأرض، زار أنتوني بلينكن القاهرة من أجل تعزيز وقف إطلاق النار الذي أنهى حرباً استمرت 11 يوماً بين إسرائيل وحركة حماس، حيث لعبت مصر دوراً محورياً، وقد زار مدير المخابرات المصرية عباس كامل، قطاع غزة والتقى ممثلي الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، لتثبيت التهدئة.
زار (كامل) طرابلس الليبية أيضاً -قبل بضعة أيام-، وبهذا السياق، يمكن القول بأن مصر عملت على تسوية ذلك الملف مدى جولاته المختلفة، سيما “إعلان القاهرة” حزيران /يونيو 2020، الذي يرى فيه مراقبو المشهد مدخلاً للتسوية الحالية هناك.
ولعل هذه التحركات الكثيفة من جانب الإدارة المصرية كفيلة بتفسير سلوك أنقرة في طلبها التعاون مع القاهرة لما للأخيرة من ثقل في ملفات الإقليم، وانفتاح على الشركاء كافة، وهنا، تشير معظم الإتجاهات التحليلية إلى حالة من تصاعد الدور المصري على المستوى الدولي، ستشهدها على ما يبدو المرحلة المقبلة، خاصة بعد اجتياز القاهرة لتحديات عدة شهدتها ملفاتها الإقليمية.