السيد الرئيس أطلب منكم عبر هذه الرسالة استخدام كل الوسائل الدبلوماسية المتاحة من أجل إطلاق سراحه”. هذا العنوان الأبرز في الرسالة التي بعثت بها أخت بنجامان بريير المعتقل في إيران منذ عام للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حثته فيها على بذل قصارى جهوده لكي يعود أخوها إلى أرض الوطن.
ويقبع المواطن الفرنسي (35 عاما) منذ مايو/آيار 2020 في سجن شمال شرق إيران بتهمة “التجسس والدعاية ضد النظام الإيراني”. وهي تهم يمكن أن تصل عقوبتها إلى حد الإعدام. لكن وفق أقاربه ومحاميه، بنجامان بريير كان في رحلة سياحية.
وقالت أخته بلاندين بريير “ليس لدينا اتصالات كثيرة معه. لقد تبادلنا الحديث عبر الهاتف أربع مرات فقط خلال سنة. والمكالمة الأخيرة تعود إلى ثلاثة أيام “، مضيفة “معنويات أخي متأرجحة. ففي بعض الأحيان تكون عالية وفي أحيان أخرى متدنية. باتت مدة الانتظار طويلة جدا. الوضع صعب بالنسبة له بالرغم من أنه يحظى بمعاملة جيدة في السجن. الوضع صعب أيضا بالنسبة لنا. فلا ندري متى سيتم إطلاق سراحه ولماذا يقبع في السجن منذ سنة؟”.
وأضافت ” تم اعتقال بنجامان بينما كان يزور حديقة وطنية في شمال شرق إيران. التهم التي وجهتها له السلطات الإيرانية لا أساس لها من الصحة. طبعا هو ليس عميلا سريا بل هو سائح كان يتجول هناك”. من ناحيته، قال فالون محامي بنجامان بريير: ” هذه القضية سخيفة. بنجامان قام بتجهيز مركبة من نوع “فان” لكي يزور العالم والدليل أن حسابه على إنستاغرام يشير إلى كل المناطق التي يزورها يوما بعد يوم في إيران. فكيف يمكن له أن ينشر صورا لو كان عميلا فرنسيا”.
توقف السفر على متن مركبة “فان”
المنشورات والصور التي ينشرها بنجامان على مواقع التواصل الاجتماعي هي بمثابة يوميات السفر الذي بدأه في يونيو/حزيران 2018. فقبل وصوله إلى إيران في نهاية ديسمبر/كانون الأول 2019، كان السائح الفرنسي قد زار بلدانا أخرى كبلجيكا وهولندا وألمانيا والدنمارك والسويد والنرويج، كما زار دولا في منطقة البلقان، إضافة إلى تركيا والعراق.
ويعود تاريخ نشر الصور الأخيرة من قبل بنجامان بريير إلى 26 مايو/أيار 2020 حيث “كان في منطقة خالية، لكنها تخضع للرقابة. كان يتهيأ لمغادرة إيران باتجاه تركمانستان”، حسب المحامي.
من ناحيتها، أكدت الخارجية الفرنسية أن بنجامان بريير لا يزال معتقلا في إيران، ويستفيد من “الحماية القنصلية” طبقا لاتفاقية فيينا 24 أبريل/نيسان 1963″، والتي تسمح بموجبها زيارة أي سجين. لكن يبدو أن إيران لا تحترم هذه الاتفاقية بدليل أن عائلته لم تتلق أي اتصال منه منذ سنة، وفق أخته التي أكدت أنه “بعد مرور سنة من اعتقاله، لم نستلم أية وثيقة إجرائية من قبل السلطات الإيرانية في حين لم يشهد الملف أي تطور يذكر”، مضيفة أن “السلطات الإيرانية تركت هذه القضية في غموض تام ونحن نشعر بالعجز إزاء هذا السيناريو الخيالي وغير المفهوم”.
“نحن عائلة عادية”
وحسب المحامي فالون، “بنجامان بريير وعائلته يشعرون بعزلة تامة وبغموض”، مشيرا إلى أن “الزيارات القليلة التي قام بها موظفو القنصلية الفرنسية في إيران لبنجامان بريير لا تبعث على الأمل في ظل الظرف الإيراني الراهن”، ومؤكدا أن “المواطن الفرنسي الذي يقبع في سجن فاكيلاباد بمدينة مشهد، يتم استغلاله سياسيا في قضية لا يملك فيها لا ناقة ولا جمل”.
“من البديهي أن الملاحقات القضائية الإيرانية ليست السبب وراء هذا الانتظار الطويل. المشكل هو أن أخي تحول إلى أداة لمحادثات ليس له أية علاقة بها”
وبالإضافة إلى بنجامان بريير، لا تزال أيضا المواطنة الفرنسية الإيرانية فريبة الدخاخ تقبع هي الأخرى في سجون طهران. وتم توقيفها في يونيو/حزيران 2019 وحكم عليها بالسجن خمس سنوات في مايو /أيار 2020، بتهمة “التواطؤ من أجل المساس بالأمن الوطني” و”نشر الدعاية المغرضة ضد النظام السياسي”. لكن بعدما قضت 16 شهرا في السجن، أفرج عنها وتم وضعها تحت
الإقامة الجبرية.
عملية اعتقال تتحول إلى قضية سياسية
في المقابل، أطلق سراح الباحث الفرنسي رولان مارشال في مارس/أذار 2020 بعدما كان سجينا في إيران بتهمة “التجسس”. واستعاد الباحث الفرنسي حريته في إطار صفقة تبادل السجناء وقعت بين إيران وفرنسا التي قامت بإطلاق سراح المهندس جلال روح الله هند. والسؤال هل سيعرف المواطن الفرنسي بنجامان بريير نفس المصير؟ لقد بات هذا السيناريو ممكنا خاصة بعد ما كثر الحديث مؤخرا عن إمكانية توقيع صفقة جديدة لتبادل السجناء، تشمل من جهة المواطنة الفرنسية فريبة الدخاخ والدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي المحتجز من قبل بلجيكا التي حكمت عليه بالسجن لمدة 20 عاما. وفي هذا الشأن شرح تييري كورفيل، وهو باحث في معهد العلاقات الدولية الاستراتيجية الفرنسية ومختص في الشؤون الإيرانية، هذا الوضع بالقول: “عندما تتحول عملية اعتقال إلى قضية سياسية، فهذا يمكن أن يأخذ وقتا طويلا قبل التوصل إلى تحرير الرهائن”. وأضاف: “حالة بنجامان بريير وفريبة الدخاخ و رولون مارشال هي حالات استثنائية وبالأحرى في بلد أصبح يميل أكثر نحو العنف والمنطق الأمني”. وتابع قائلا: “العلاقات بين الغرب وإيران علاقات قوى. ومنذ خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني في 2018، أصبحت القوى الراديكالية تتمتع بسلطة أكبر وأقوى وتميل أكثر إلى الحل الأمني”. وكشف مصدر دبلوماسي في الخارجية الفرنسية، لم يكشف عن هويته، أنه “منذ اعتقال بنجامان بريير، نتابع الوضع باهتمام بالغ ونحن في اتصال مستمر معه عبر سفارتنا في طهران”.