“حماس” وتكنولوجيا الهجوم.. نداء استيقاظ لـ”الناتو”؟

ارتدادات هجوم حماس ضد بلدات إسرائيلية، في السابع من الشهر الجاري، ما زالت تتعالى أصداؤها وتبعث برسائل استيقاظ.

ففي الوقت الذي يحاول فيه (الناتو) المساعدة في تعزيز صناعة الدفاع عبر الأطلسي لإنتاج المزيد من الذخيرة والقنابل الذكية، فإن هجوم حماس، الذي اخترق الجدار الحدودي الإسرائيلي، ترك البعض في التحالف يشعرون بالقلق من الاعتماد بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي.

تقول مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، إنه قبل أسبوع واحد فقط من تسلل مسلحي حماس عبر السياج الحدودي بين قطاع غزة وإسرائيل، كان جنرال إسرائيلي يُطلع أكبر ضابط عسكري في حلف شمال الأطلسي (الناتو) على دفاعات البلاد المتطورة.

وأثناء سيرها عبر معسكر “رعيم” في جنوب إسرائيل، أطلعت القوات الإسرائيلية الأدميرال روب باور، الرئيس الهولندي للجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي، على كل ما حشدوه على طول الحدود البالغة 32 ميلا لوقف أي تسلل للحدود.

تحشيدات شملت الطائرات بدون طيار، والكاميرات، والروبوتات، فضلا عن جدار طويل يمتد عميقا في الأرض، وأجهزة استشعار للزلازل لمعرفة ما إذا كان أي شخص يحفر نفقا تحته.

استيقاظ

وبحسب “فورين بوليسي”، بدا باور مذعورا من الطريقة التي تهربت بها حماس من نظام المراقبة الإسرائيلي المتطور.

وأضافت أنه “بالنسبة لحلف شمال الأطلسي، الذي يكثف جهوده في مجال الذكاء الاصطناعي، والدفاع السيبراني، والتكنولوجيا الجديدة التي يمكنها ربط قادة التحالف في بلجيكا مع الرماة على حدود الجهة الشرقية مع روسيا، كانت الهجمات في إسرائيل بمثابة دعوة للاستيقاظ”.

وقال باور في مقابلة أجريت معه يوم الخميس الماضي، على هامش اجتماعات وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي: “لم يكن هناك أي تحذير” في إشارة لهجوم حماس.

ولم يكن أي من مسؤولي الناتو والدبلوماسيين الأمريكيين والأوروبيين الذين تحدثت إليهم “فورين بوليسي”، والذين يزيد عددهم عن ستة، يقفز إلى استنتاجات حول كيفية حدوث ذلك.

لكن الصدمة الناجمة عن الهجوم، وفشل وكالات الاستخبارات في كل من الولايات المتحدة وإسرائيل في التقاط علامات الهجوم، دفعت إلى إجراء محاسبة ذاتية جماعية في جميع أنحاء مقر الناتو. بحسب المجلة ذاتها.

وتحدث مسؤول عسكري من بلدان الشمال الأوروبي، لـ”فورين بوليسي” شريطة عدم الكشف عن هويته: “التركيز تحول”، في الوقت الذي كان فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يزور مقر الحلف في بروكسل لعرض لحشد الدعم لبلاده في الحرب مع روسيا، والتي اندلعت في فبراير/شباط 2022.

“كيف يمكننا أن نجمع بين البشر والبرمجيات لإنشاء تأثير معزز دون أن نفقد السيطرة على الموقف؟” يتساءل مسؤول كبير في الناتو، شريطة عدم الكشف عن هويته بناءً على القواعد الأساسية التي وضعها الحلف.

وسبق أن كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية عن كيفية نجاح مسلحي حماس في التسلل إلى عمق الأراضي الإسرائيلية، ونفذوا الهجوم المباغت الذي ترك قادة الجيش والمستوى السياسي في البلاد في حالة ارتباك.

وذكرت الصحيفة الإسرائيلية أن مسلحي حماس دمروا في الهجوم الذي بدأ صباح السابع من الشهر الجاري، أسلحة وأنظمة اتصالات، وأضرموا النار في نقاط المراقبة.

ولفتت إلى أن الضرر الذي لحق بأنظمة الاتصالات أدى إلى تعطيل القدرة على التواصل بشكل فعال مع القوات في المنطقة ومن المحتمل أنه مكّن المزيد من المسلحين من دخول إسرائيل، كما ساعد في عبور سكان مدنيين في القطاع إلى الأراضي الإسرائيلية.

وعن شرارة الهجوم، ذكرت الصحيفة أنه بدأ بوابل كثيف من الصواريخ على مدن في جنوب ووسط إسرائيل بما في ذلك تل أبيب والمناطق المحيطة بها، والتي تم استخدامها كغطاء للمسلحين للتسلل برا، وجوا باستخدام الطائرات الشراعية، ومن البحر.

وشملت الموجة الأولى، الهجوم على معبر إيرز بين القطاع وإسرائيل والذي تم تدميره. ومن هناك، تم فتح البوابات على طول الحدود للسماح للمركبات بالدخول من غزة وعبور الحقول الزراعية إلى البلدات الإسرائيلية في غلاف القطاع.

ثم جاء اقتحام الموقع الاستيطاني في ناحال عوز شرقي غزة، ومن هناك عبر المزيد من المسلحين من نقطتين أخريين على طول الحدود، بما في ذلك من الأنفاق التي قادتهم بالقرب من الحاجز.

وفي تلك النقطة، قام المسلحون بتفجير عبوات ناسفة لإزالة الأسوار والبوابات دون أية مقاومة أثناء دخولهم البلدات الإسرائيلية القريبة من الحدود.

تكنولوجيا وتكتيكات

ويبذل حلف شمال الأطلسي قصارى جهده في استخدام التكنولوجيات المتقدمة، ويستفيد من الشركات الناشئة والقطاع الخاص لتعزيز قدراته في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمية، والاستشعار، والمراقبة.

ولكن كما أظهر الهجوم المفاجئ على إسرائيل، فإن الحلول ذات التكنولوجيا المنخفضة يمكن أن تحبط حتى الجيوش ذات التكنولوجيا المتقدمة.

وذكرت المجلة الأمريكية أن “حماس تستخدم تكتيكات غير نظامية، مثل تجريد أنابيب المياه من الأرض وتحويلها إلى صواريخ، وحفر الأنفاق، وشراء طائرات بدون طيار جاهزة للاستخدام.

وفي هذا الصدد، قال المسؤول الكبير في حلف شمال الأطلسي: “الكثير من التكنولوجيا التي يستخدمونها (حماس) ليست جديدة أو رائدة”. “إنه ما يمتلكه الناس في درج مطبخهم المنزلي”.

وبالنسبة لهؤلاء، قد يكون من السابق لأوانه تعلم الدروس من حرب مضى عليها أسبوع.

لكن باور، رئيس اللجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي، قال إن الجماعات المقاتلة في الحرب يجب أن تعترف بأخطائها.

وأضاف “نحن دائما على استعداد للنظر إلى أدائنا، والسبب في ذلك هو أننا إذا فشلنا، فسيُقتل الكثير من الأشخاص”.

المصدر: وكالات