نشر مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة دراسة لتقييم أوضاع أسواق النفط العالمية في ظل رفع العقوبات على غيران، بالإضافة إى تزايد الطلب العالمي نسبة إلى المعروض من انتاج النفط اليومي العالمي حيث أشارت الدراسة إلى ترقب مشترو النفط الخام عودة إمدادات النفط الإيراني مجدداً إلى الأسواق الدولية في ظل تقدم المفاوضات الجارية بين إيران وأطراف مجموعة “4+1″، والتي تضم روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية التي تشارك بشكل غير مباشر، بشأن البرنامج النووي الإيراني. وأبدت واشنطن مؤخراً استعدادها لرفع العقوبات على مختلف الأنشطة الاقتصادية في إيران، إذا ما التزمت الأخيرة ببنود الاتفاق النووي المبرم معها في عام 2015، ما دفع طهران لإعادة تأهيل حقول الخام، واستعادة العلاقات مع عملائها تمهيداً لزيادة الإنتاج ورفع مبيعات الصادرات. وأشارت الدراسة إلى أن الترجيحات تُفيد أن إيران ستزيد صادراتها من الخام إلى ما يربو على 1.5 مليون برميل يومياً في الربع الأول من عام 2022.
كما أجرت مجموعة “4+1” جولات من المفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي، على نحو أدى إلى تقارب وجهات النظر بينهما، ووعدت واشنطن بإلغاء الحظر الاقتصادي والتجاري المفروض على طهران، إذا ما قلصت الأخيرة عملية تخصيب اليورانيوم، وسهّلت مهمة وكالة الطاقة الذرية في تفتيش المواقع النووية الإيرانية.
وفي 8 آيار الجاري، صرح الرئيس الإيراني حسن روحاني بأن رفع كافة العقوبات الاقتصادية على إيران بما في ذلك النفط والشحن والبنوك والتأمين وغيرها باتت وشيكة، ولايزال هناك مجموعة من التفاصيل التي سيتم بحثها مع أطراف مجموعة العمل المشتركة.
وعلى أية حال، فالمفاوضات بين الجانبين تمثل نهجاً أكثر انفتاحاً نحو إيجاد صيغة مرضية للعمل بشأن البرنامج النووي الإيراني، بعد أن تبنت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب سياسة الضغوط القصوى على طهران، وفرضت عقوبات اقتصادية على الأخيرة أنتجت خسائر فادحة تقدر بنحو 100 مليار دولار حتى أوائل عام 2021.
كما ألقت الدراسة الضوء على جهود الحكومة الإيرانية التي تبذلها لوضع قطاع النفط على أهبة الاستعداد لرفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية المفروضة عليه بعد الوصول إلى صفقة محتملة بشأن الاتفاق النووي. وبدورها، تقوم حالياً شركة النفط الوطنية الإيرانية برفع معدلات الضخ بحقول النفط وصيانتها من أجل زيادة الإنتاج إلى مستويات ما قبل العقوبات الأمريكية. حيث كان الإنتاج الإيراني من الخام انخفض إلى
1.9 مليون برميل يومياً بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني في مايو 2018، وانخفضت الصادرات للأسواق الدولية إلى ما يقترب من نصف مليون برميل يومياً.
ووفقاً لبعض الترجيحات، يمكن أن تعود إيران إلى مستوى إنتاج ما قبل العقوبات الذي يقترب من 4 ملايين برميل يومياً في غضون ثلاثة أشهر وإن كان هذا متفائلاً للغاية، ما سيمكنها من زيادة مبيعاتها تدريجياً من الخام لعملائها في آسيا وأوروبا. ولدى إيران أيضاً مخزون عائم من النفط والمكثفات يبلغ حوالي 70 مليون برميل، سيكون عليها تصريفه أولاً.
وتبدو الحكومة الإيرانية متفائلة للغاية حيال استعادة حصتها السوقية من النفط في غضون وقت قصير للغاية. وفي تصريح سابق، أكد نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانجيري أن إيران سترفع صادراتها النفطية إلى 2.5 مليون برميل يومياً بمجرد رفع العقوبات الاقتصادية على البلاد.
ومن أجل استعادة عملائها سريعاً، أجرت إيران مباحثات أولية مع عدد من مصافي تكرير النفط في آسيا وأوروبا للتأكد من استعدادها لاستقبال الخام الإيراني بمجرد رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية. وعلى هذا النحو، أجرت شركات تكرير أوروبية وهندية مؤخراً مفاوضات مع شركة النفط الإيرانية الحكومية بشأن استئناف المشتريات في الفترة المقبلة. وكشفت شركات التكرير الهندية مؤخراً، وعلى رأسها بهارات بتروليوم المحدودة وهندوستان بتروليوم المحدودة، عن خططها للتعاقد مجدداً مع إيران لاستيراد الخام، في خطوة قد تخدم توجهاتها نحو تنويع إمدادات النفط والحصول على أسعار الخام بتسهيلات واضحة.
من دون شك، يمثل إحراز تقدم في المفاوضات بين إيران ومجموعة “4+1” بشأن البرنامج النووي دفعة قوية لقطاع النفط الإيراني، إذ ستعمل بمثابة حافز لإيران لزيادة صادراتها من النفط الخام للأسواق الدولية. وكانت مبيعات إيران من الخام ارتفعت إلى أكثر من 700 ألف برميل يومياً في شهري مارس وإبريل الماضيين، وهو مستوى قياسي مقارنة بأقل من نصف مليون برميل يومياً في أواخر عام 2020.
وإذا ما تم تخفيف العقوبات الاقتصادية على إيران قبل نهاية العام، سيكون بمقدورها تصدير ما نحوه 1.5 مليون برميل يومياً في نهاية العام وفق بعض الترجيحات، ويتوازى مع ذلك زيادة الإنتاج بمقدار مليون برميل يومياً إلى ما يزيد قليلاً عن 3 ملايين برميل يومياً، قبل أن تستعيد كامل إنتاجها في عام 2022.
وستتمكن من استعادة كامل حصتها السوقية- نظرياً- مع رفع العقوبات الاقتصادية كلية عليها، بما في ذلك الحظر المفروض على أنشطة التجارة والشحن والتأمين والخدمات المالية التي تشارك فيها الكيانات الإيرانية. ولكن، على نحو عملي، لن يكون ذلك بالأمر اليسير في ظل تباطؤ مستويات الطلب على الخام في القارة الآسيوية بسبب جائحة كورونا.
ولكن بشكل عام، ستفرض عودة الإمدادات الإيرانية للأسواق الدولية ضغوطاً جديدة على جهود منظمة أوبك الرامية لدعم استقرار الأسواق واستعادة توازنها، والمحافظة على الأسعار عند مستويات تتخطى 60 دولاراً للبرميل، وبما يعمل على استقرار أوضاعها المالية نسبياً.