لماذا لم يقم المجتمع الدولي الذي تؤرقه حقوق الانسان، بمحاسبة نظام الرباط منذ 13 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حين شن الجيش المغربي عملية في قرية الكركرات في منطقة الصحراء الغربية لتفكيك مخيم أقامه حوالي 60 محتجاً صحراوياً سلمياً؟!
حينها، قالت السلطات المغربية إن المخيم كان يعيق حركة المرور بين الجزء الذي تسيطر عليه المغرب من منطقة الصحراء الغربية غير المتمتع بالحكم الذاتي وموريتانيا، ولما أعلنت الرباط نجاح العملية العسكرية، واستؤنفت حركة المرور، وأعلن رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية المعلن ذاتياً، إبراهيم غالي، أن الجبهة الشعبية لتحرير ساقية الحمراء ووادي الذهب (جبهة البوليساريو) تنهي اتفاق وقف إطلاق النار الذي كان سارياً منذ عام 1991، وردت أنباء عن تبادل لإطلاق النار بين الجانبين، ومع ذلك لم يحمل أحد عاهل المغرب مسئولية إشعال فتيل الحرب، ومخالفة المواثيق والمعاهدات الدولية، لذلك، وفي هذا المقال، سنفرد مساحة لتساؤل مشروع وهو:
أين حقوق الإنسان، والحقوق الاقتصادية لشعب الصحراء؟
ففي المبتدأ، قضية شعب الصحراء ليست سياسية فحسب، ولكنها قضية حق وموارد تُسلَب من جانب النظام المغربي المعتدي دون وجه حق، وحالة الحرب كانت منتظرة بعد الخروقات التي ارتكبها المغرب سواء بخرق وقف إطلاق النار أو نهب ثروات الصحراويين أو انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة والتباطؤ في تعيين المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة من طرف المغرب، في الوقت الذي ضاعت فيه ثقة الصحراويين في الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
وتستند مشروعية ذلك إلى كون إقليم جمهورية الصحراء حيث يسكن شعب مسالم أعزل، هو إقليم غير محكوم ذاتياً، والقانون الدولي واضح بشكل صريح في هذا الشأن كما هو مدون في مواثيق الأمم المتحدة بأن الأقاليم غير المحكومة ذاتياً تستحق حسب ميثاق الاستفادة من تنظيم استفتاء تقرير المصير.
لهذا، ومن أجل الوصول للتحرر، بذل الصحراويون تضحيات، وهم يرزحون تحت الإحتلال، وقد أعقبت العملية العسكرية المغربية حملة قمع ضد النشطاء الصحراويين على أيدي الشرطة المغربية، بما في ذلك مداهمات المنازل، وزيادة المراقبة، وعمليات الاعتقال.
ومع إعادة جذور التطور الأخير في الكركرات عدة سنوات إلى الوراء عندما بدأ المغرب في بناء طريق إسفلتي في المنطقة، كان ذلك انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، وبدأ الصحراويون المؤيدون لتقرير المصير بتنظيم مظاهرات سلمية في المنطقة لتذكير المجتمع الدولي بالتزاماته بإيجاد حل لواحدة من حالات إنهاء الاستعمار القليلة التي لم تحل في العالم.
وعلى الرغم من عدم ورود أنباء تفيد بوقوع إصابات بين المدنيين في الاشتباكات، فإن التطورات الأخيرة هي تذكير صارخ بالحاجة الملحة إلى آلية مستقلة ومحايدة وفعالة لمراقبة حقوق الإنسان في الإقليم، وكذلك في مخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف، جنوب غرب الجزائر.
وعلى مدى العقد الماضي، تجاهل مجلس الأمن الدولي دعوات منظمة العفو الدولية، وغيرها، إلى إضافة عنصر حقوق الإنسان إلى بعثة المينورسو، مما من شأنه أن يسمح بمراقبة انتهاكات حقوق الإنسان والإبلاغ عنها، كما تفعل الغالبية العظمى من بعثات الأمم المتحدة المماثلة في مختلف أنحاء العالم.
ويُضاف إلى ما سبق أن الوصول إلى المنطقة في السنوات الأخيرة قد ازداد صعوبة بالنسبة للمراقبين الخارجيين، مع استمرار تدهور حالة حقوق الإنسان.
وفي 2020، منعت السلطات المغربية ما لا يقل عن 9 محامين ونشطاء وسياسيين من الوصول إلى الصحراء الغربية، كما مُنع الصحفيون أيضاَ من الوصول.
أما الكلمة السر في ذلك، فهو ثروات اللإقليم المحتل، بصدد ذلك، تقود الجبهة بشكل متزامن “معركة اقتصادية” من خلال عدد من الإجراءات القانونية، خاصة أمام محكمة العدل الأوروبية، لأن “تسهيلات الوصول إلى السوق الأوروبية” تساهم في “الإبقاء على الاستعمار” المغربي. وتسعى الجبهة إلى دفع الشركات الأوروبية التي تم تأسيسها في الصحراء الغربية إلى المغادرة.
لذلك تنحاز جبهة البوليساريو للقانون الدولي في وجه الاتفاقيات المبرمة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، وتعتمد الأسس القانونية نفسها وهي غياب سيادة المغرب، حق تقرير المصير وإظهار الطابع التمثيلي لجبهة بوليساريو بصفتها حركة تحرر وطني.
وفي أحد أبرز التحركات من أجل تحقيق ذلك على الأرض، طعنت جبهة البوليساريو أمام محكمة العدل الأوروبية بلوكسمبورغ على شرعية اتفاقيات تجارية بين التكتل الأوروبي والمغرب بشأن الصحراء الغربية آذار/مارس الماضي، حيث من المتوقع نشر قرار المحكمة في غضون أشهر.
وبالنسبة إلى جبهة بوليساريو، فإنّ الأمر يتعلق بوقف “نهب الموارد الطبيعية” للصحراء “خاصة الزراعات التصديرية والفوسفات وصيد الأسماك والسياحة”.
ومن ثم، فالعامل المالي، ومسألة نهب الموارد، بعدٌ مهم في هذه القضية، ففي 2019، صدّر المغرب إلى الاتحاد الأوروبي منتجات من الصحراء الغربية، وخاصة من الأسماك، تبلغ قيمتها ما يوازي 435 مليون يورو، بحسب دراسة نشرتها المفوضية الأوروبية في كانون الأول / ديسمبر 2020. ولم تشر الدراسة إلى أي رقم حول مادة الفوسفات التي تعدّ مورداً مهماً آخر في المنطقة، ومفاد كل ما سبق من حديث عن قمع للعُزَل ونهب للثروات أننا أمام حالة إحتلال حقيقية من المغرب لإقليم الصحراء.
وأخيراً، وبموجب القوانين والأعراف الدولية، فإن من حق الصحراويين أن يختاروا بين العيش مستقلين أحراراً في أرض أجدادهم أو الانضمام إلى المغرب، وهذا قرار