أثبت علماء المناخ من اليابان والولايات المتحدة في أثناء عمليات التنقيب في محيط بحيرة بايكال أن المناطق الجنوبية من سيبيريا كانت مأهولة بالإنسان العاقل الأول منذ حوالي 45 ألف عام.
أفادت بذلك الخدمة الصحفية لجامعة “كانساس” الجمعة 24 سبتمبر.
وأوضح تيد جويبل، الأستاذ بجامعة “كانساس” في لورانس الأمريكية والذي نقلت الخدمة الصحفية بالجامعة عنه قوله: “أظهرت حفرياتنا بالقرب من شواطئ بحيرة بايكال وتحليل عينات حبوب اللقاح الأحفورية أنه منذ حوالي 40 -45 ألف عام ساد مناخ دافئ بشكل غير عادي في المنطقة المجاورة لبحيرة بايكال. وتنتمي إلى هذا العصر البقايا التي تم اكتشافها شرق بايكال في بلدة أوست-إيشيم. ويشير الحمض النووي الخاص بها بوضوح إلى أنها تنتمي إلى الإنسان العاقل، وليس إلى إنسان النياندرتال”.
وحسب علماء الأنثروبولوجيا، غادر أول إنسان كروماجنون إفريقيا منذ حوالي 100-130 ألف عام، وبعد ذلك بدأت تلك القبيلة في الانتشار بجميع أنحاء آسيا وأوروبا. وإن مسألة متى وعلى أي طريق جرت هذه الهجرات تسبب الآن الكثير من الجدل، وغالبا ما تعود تلك المشكلة إلى أن جزءا كبيرا من أوروبا وسيبيريا والشرق الأقصى كان مغطى آنذاك، كما اعتقد العلماء، بالأنهار الجليدية، التي كانت تتراجع وتتقدم بشكل دوري.
واستطاع البروفيسور جوبيل وزملاؤه حل لغز مناخ العصر الذي دخل فيه البشر جنوب سيبيريا لأول مرة. وقد توصلوا إلى هذا الاكتشاف خلال عمليات التنقيب التي أجراها علماء المناخ اليابانيون والأمريكيون قبالة الشواطئ الجنوبية لبحيرة بايكال. وخلال هذه البعثة الأثرية درس العلماء تكوين وبنية رواسب الطمي الطويلة المدى التي تشكلت في قاع بحيرة بايكال والأحواض المائية المجاورة لها على مدى عشرات آلاف من السنين.
وأوضح الباحثون أن طبقات الطمي السيبيري القديم تحتوي على عدد كبير من جزيئات حبوب اللقاح النباتية التي يختلف شكلها وحجمها وخصائصها الأخرى إلى حد بعيد بالنسبة إلى مختلف أنواع النباتات. ويجعل ذلك من الممكن الكشف عن تكوين الأنواع وتحديد الظروف المناخية الدقيقة التي نمت فيها بالقرب من شواطئ حوض مائي ما.
وأشار التحليل الذي أجراه العلماء إلى أنه منذ حوالي 40-45 ألف عام كان بالقرب من الشواطئ الجنوبية لبحيرة بايكال مناخ رطب ودافئ نسبيا للعصر الجليدي. وكان مستوى هطول الأمطار مطابقا للمستوى الحالي، وكان متوسط درجات الحرارة في يوليو أقل بمقدار 3 درجات مئوية فقط عما هو عليه اليوم. كما حدث احترار مماثل في جنوب سيبيريا منذ حوالي 72-78 ألف عام، وأيضا منذ 53 ألف عام.
وكما يقول الباحثون، فإن ارتفاع درجة الحرارة منذ 40-45 ألف عام له أهمية خاصة، حيث أن بقايا إنسان أوست-إيشيم، الذي يفترض أنه كان أقدم إنسان سيبيري، والذي تم العثور على عظامه بالقرب من بلدة أوست-إيشيم عام 2008، يعود تاريخها إلى نفس العصر تقريبا. وعلى ما يبدو، ساعد “ذوبان الجليد” أسلاف هذا الإنسان على التوغل إلى جنوب سيبيريا، الذي كان آنذاك مغطى بالغابات من الصنوبر والتنوب والأرز السيبيري.
وتدل نتائج التنقيب هذه، حسب البروفيسور جوبيل وزملائه، على أن الهجرات الأولية للبشر إلى سيبيريا حدثت بسبب “ذوبان الجليد”، وليس نتيجة لتبريد المناخ في أوروبا، والذي يفترض أنه حدث منذ 38-40 ألف عام بعد الانفجارات البركانية الهائلة في إيطاليا. ويأمل العلماء أن تؤكد الدراسات اللاحقة هذه الفرضية ونتائج التنقيب التي حصلوا عليها.
المصدر: وكالات