تتطلع الأوساط السياسية في بيروت إلى ما سيحمله الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان معه، في زيارته المزمعة الإثنين المقبل، فيمَ لم تبدِ المصادر تفاؤلاً بإمكان حدوث أي اختراق قريب، معبّرة عن شكوك واضحة حيال قدرة لودريان على التوصّل إلى توافق سياسي تحديداً حول فكرة الحوار التي يطرحها بشأن حالة الشغور العتيد بقصر بعبدا.
إلى ذلك، سيشكل الأسبوع الآتي محطة مفصلية من شأن خلاصاتها رسم اتجاهات المأزق السياسي الذي سيصبح أكثر دراماتيكية مع الشغور في حاكمية مصرف لبنان بعد انتهاء ولاية الحاكم الحالي رياض سلامة بحلول الأول من آب.
ويتوقع المراقبون أن تنطلق طروحات لودريان للحوار من وضع “التوازن السلبي” الذي انتهت إليه جلسة انتخاب الرئيس في 14 حزيران الفائت.
ومن ثم، وفي شأن الملفات على طاولة لودريان، وكما سلف الذكر، فيتصدرها ملف المقعد الرئاسي، الذي سيلحقه فراغاً، مقعد حاكمية مصرف لبنان.
وقد برزت بهذين الملفين تصريحات هامة أهمها موقف (عين التينة) على لسان الرئيس نبيه بري، الذي أكد رداً على سؤال من أحد الصحافيين حول اتفاق الطائف ورغبة البعض بالانقلاب عليه رفضه المطلق لأي مسّ بهذا الاتفاق قائلاً: “عشنا ومتنا حتى أنجزنا هذا الاتفاق وأقول لمَن يريد تغييره فليقعد عاقل أحسن له”. وأضاف إن “دعوات البعض لتغيير النظام يضع لبنان في مهب مخاطر لا تُحمد عقباها”. وسأل هل طبقنا الطائف كي ندعو إلى تغييره؟ فلنطبق هذا الاتفاق بكل بنوده لاسيما الإصلاحية منها.
أما عن مأزق انتخاب رئيس الجمهورية، فقد قال بري: أن لا حل في ملف الرئاسة إلا الحوار، مكررا رفضه العبث باتفاق الطائف، وداعياً إلى استكمال ما لم ينفّذ منه من إصلاحات، خصوصاً لجهة قانون انتخاب خارج القيد الطائفي، وكذا إنشاء مجلس الشيوخ.
حاكمية مصرف لبنان…إلى فراغ جديد
مع إن ملف خلافة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بات محسوما لجهة عدم تعيين حاكم جديد قبل انتخاب رئيس الجمهورية العتيد، وعدم التمديد حتما لسلامة، وتاليا تنفيذ ما ينص عليه قانون النقد والتسليف في هذه الحالة بتسلم النائب الأول للحاكم المسؤولية بدءًا من الأول من آب، يبدو أن مسلسل المفاجآت المتصلة مباشرة أو مداورة بهذا الملف يتضمن حلقات يومية متواصلة.
فعن أزمة حاكمية مصرف لبنان، قال الرئيس بري إن “هناك مبدأ في كل دول العالم بأن الضرورات تبيح المحظورات وهناك نص دستوري يتحدّث عن المعنى الضيق لتصريف الاعمال، فتصريف الأعمال لا يعني بأي شكل من الأشكال الانحدار نحو الفراغ”.
وأشار الرئيس بري الى أن رئيس الحكومة قد اختار موقفاً آخر، وقال: “رغم أنني على موقفي بتطبيق الدستور بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال، لكنني سوف أحترم ما أعلنه رئيس الحكومة في هذا المجال لجهة أن لا تعيين ولا تمديد”.
ويرد بري بذلك على ما أعلنه دولة الرئيس ميقاتي من السراي الحكومي، حين أسقط خياري التمديد للحاكم الحالي وتعيين حاكم جديد.
في ذلك، بدأ البحث عن خيارات بديلة وتنحصر بين “اثنين”، فإما تحمل نائب الحاكم الأول وسيم منصوري المسؤولية وتسلم صلاحيات الحاكم وفق ما ينص عليه قانون النقد والتسليف، وإما الاستقالة الجماعية لنواب الحاكم تُقَدم إلى الحكومة، بحيث ترفض الأخيرة قبولها وتكلِف نائب الحاكم الأول والآخرين بتسيير الأعمال فيبقون على وضعية تصريف أعمال حتى يتم تعيين حاكم جديد.
وكرر أمس مكتب الرئيس ميقاتي تأكيده إنه “لن يُمدد لحاكم مصرف لبنان الحالي رياض سلامة في منصبه”، عندما تنتهي فترة عمله نهاية الشهر الجاري.
وقال السراي الحكومي في بيان أُرسل إلى الوكالات الإخبارية إن “للمنصب قانوناً ينصّ على أن النائب الأول للحاكم سيتولى مهام الحاكم حتى تعيين حاكم جديد”. وأضاف “القانون لا ينص على الفراغ والمؤسسات تستكمل أعمالها من خلال نائب الحاكم الأول والنواب الباقين”.
المصدر: وكالات