متسلحاً بالعلم والشهادات.. “ChatGPT” يهدد مهن عالمية كبيرة

في يناير/كانون الثاني 2023، صدر تقرير عن صحيفة “ديلي ميل” حذر من أن برنامج الذكاء الاصطناعي “ChatGPT” اجتاز بعضًا من أصعب الاختبارات المهنية في أمريكا.

وقد أثار ذلك الأمر مخاوف من أنه قد يؤدي قريبًا إلى طرد العديد من العاملين ذوي الياقات البيضاء من وظائفهم.

وتم إطلاق منشئ المحتوى الذكي اصطناعيًا، واسمه المختصر “تشات جي بي تي ChatGPT” من جانب شركة “أوبن إيه آي OpenAI” في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ومنذ ذلك الحين استحوذ على العالم وانتشر استخدامه.

ورغم إشادات واسعة، إلا أن روبوت الدردشة المدعوم بالذكاء الاصطناعي أثار إنذارات فيما يتعلق بالأخلاقيات؛ حيث يستخدمه الطلاب للغش في كتابة التكليفات.

ووفقًا لتقرير الصحيفة، يُحذر الخبراء من أنه قد يكون له آثار دائمة على الاقتصاد الأمريكي.

قدرات متزايدة

وأشار إيثان مولليك، الأستاذ المساعد في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا، إلى أن  قدرات “تشات جي بي تي” المثيرة للإعجاب بشكل متزايد في منشور حديث علي توتير. وأظهر البحث الذي نشره مولليك في فبراير/شباط الماضي أن روبوت الدردشة المدعوم بالذكاء الاصطناعي يمكنه بالفعل الحصول على درجة الماجستير في إدارة الأعمال بنجاح، وقد يكون قادرًا قريبًا على اجتياز اختبارات صعبة مثل امتحان الترخيص الطبي للولايات المتحدة وامتحان نقابة المحامين.

وسلط مولليك، الأستاذ المساعد في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا، الضوء على هذه التقارير التي استندت إلى دراسات عن قدرات “تشات جي بي تي”.

ووجدت الدراسات أن برنامج “تشات جي بي تي”، بينما لا يزال في مهده، لكنه حصل على درجة تتراوح من B إلى B- في الاختبار النهائي لاختبارات ماجستير إدارة الأعمال كما أنه كان يؤدي أيضًا أداءً جيدًا في إعداد المستندات القانونية”.

وتشير المصادر إلى أن “الجيل القادم من هذه التكنولوجيا قد يكون قادرًا على اجتياز اختبار المحاماة”.

وكتب مولليك “أعتقد أننا لم نستوعب تمامًا حقيقة أن الأوراق الأكاديمية الدقيقة قد وجدت أن تشات جي بي تي يجتاز بعضًا من أصعب الاختبارات المهنية الأمريكية”.

امتحان الترخيص المهني للمحاماة

وأشاد آخر بأداء روبوت الذكاء الاصطناعي في امتحان “الترخيص المهني للمحاماة”؛ اذ توجد فرص لاختراق كليات الحقوق بولاية ميتشيغان وشيكاغو خلال برنامج تشات جي بي تي الذي اجتاز امتحاناتهم .

وتشير منشورات أخرى إلى التقدم الذي شوهد مؤخرًا من الذكاء الاصطناعي الذي لا يزال شابًا، والذي بدأ المستخدمون الأوائل بالفعل في استخدامه لصياغة المهام وكتابة رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالعمل، كل ذلك بألوان وأنماط محددة.

وقال الملياردير مارك كوبان في مقابلة أنه لا يمكن تجاهل إنجازات برنامج الذكاء الاصطناعي تشات جي بي تي منذ إطلاقه.

ويشير أندرو كارولي، عميد كلية اس سي جونسون للأعمال بجامعة كورنيل، لصحيفة فايننشال تايمز أنه في حين أن الكثيرين قد يكون لديهم تحفظات على التكنولوجيا -التي أصبحت بدعة إنترنت مزدهرة في الأسابيع الأخيرة- إلا أنه يعتقد أن تشات جي بي تي موجود ليبقى وسوف تستمر تقنيات الذكاء الاصطناعي هذه في التحسن ولذلك يحتاج مديرو الكلية والجامعة إلى الاستثمار لتثقيف أنفسهم.

ومع اكتساب التكنولوجيا شعبية، دقت إنذارات داخل شركات مثل جوجل التي سعت إلى اعتماد الذكاء الاصطناعي لتعزيز قدرات محرك البحث الشهير الخاص بها.

 وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الإدارة التنفيذية في شركة غوغل وضعت خطط “لعرض نسخة من محرك البحث الخاص بها مع ميزات هذا العام” والكشف عن أكثر من 20 مشروعًا مدعومًا بالذكاء الاصطناعي.

ومع ذلك، زعمت المصادر منذ ذلك الحين أن المسؤولين في الشركة تبنوا تقنية الذكاء الاصطناعي بسرعة كبيرة لمصلحتهم؛ حيث أعلنت شركة جوجل عن تسريح أكثر من 12000 موظف وسط خطط للتحول إلى الذكاء الاصطناعي كمجال ذي أهمية أساسية.

وأثار هذا التسريح، وهو الأكبر في تاريخ الشركة البالغ 25 عامًا، مخاوف من أن خدمات مثل تشات جي بي تي يمكن أن تؤدي إلى تعطل عمل مؤلفي الإعلانات والصحفيين ووكلاء خدمة العملاء، وحتى الآن المحامين والأطباء.

الآلة الحاسبة والذكاء الاصطناعي

وتوضح ورقة بحثية أن تأثير شات جي بي تي سيؤثر على العالم مثل ما حدث من تأثير مع صناعة آلات حاسبة إلكترونية في عالم الشركات في أواخر الستينيات والسبعينيات.

وتشير: “قبل إدخال الآلات الحاسبة وغيرها من أجهزة الحوسبة، وظفت العديد من الشركات مئات الموظفين الذين كانت مهمتهم إجراء عمليات حسابية يدويًا مثل الضرب”.

ومن الواضح أن مثل هذه المهام أصبحت الآن آلية ، وانخفضت قيمة المهارات المرتبطة بها بشكل كبير. وبنفس الطريقة ، تعد أي أتمتة للمهارات التي يتم تدريسها في برامج ماجستير إدارة الأعمال من المحتمل أن تقلل من قيمة تعليم ماجستير إدارة الأعمال.

ويمكن استخدام برنامج تشات جي بي تي في تطبيقات العالم الحقيقي مثل التسويق الرقمي وإنشاء المحتوى عبر الإنترنت والإجابة على استفسارات خدمة العملاء أو كما وجد بعض المستخدمين، حتى للمساعدة في تصحيح الأخطاء البرمجية.

وكما هو الحال مع العديد من الابتكارات القائمة على الذكاء الاصطناعي، لا يخلو برنامج تشات جي بي تي من المشكلات حيث يميل للاستجابة “بإجابات تبدو معقولة ولكنها غير صحيحة أو غير منطقية”، وهي مشكلة تعتبر صعبة الإصلاح.

وعلى الرغم من هذه المخاوف، تظل أبحاث الذكاء الاصطناعي جذابة؛ حيث ارتفعت قيمة الاستثمار في شركات تطوير وعمليات الذكاء الاصطناعي العام الماضي إلى ما يقرب من 13 مليار دولار.

المصدر: وكالات