تقترح ورقة سياسات صدرت مؤخرًا عن معهد مصرف التنمية الآسيوي، لعرضها على دول مجموعة السبع في اجتماعهم المقبل في هيروشيما، هذا الأسبوع، استراتيجية منخفضة الكربون من ثلاثة مستويات.
تتضمن الاستراتيجية المقترحة، التي حملت عنوان “تخضير اقتصادات G7 من خلال نادي مناخ أكثر شمولا”، بنودا تتعلق بالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري وتحول الطاقة وإزالة الكربون بشكل أسرع، وتوسيع مبادرة نادي المناخ، ما يمكن المجموعة من أخذ زمام المبادرة في العمل المناخي المبتكر.
سيجتمع قادة اقتصادات مجموعة السبع (G7)، كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، في هيروشيما باليابان، في قمتهم التاسعة والأربعين بدءا من الجمعة 19 مايو/أيار.
ستتطرق القمة التي تستمر ثلاثة أيام إلى كل المجالات، من المناخ والطاقة إلى الذكاء الاصطناعي، والحرب في أوكرانيا.
سيكون العمل المناخي، على رأس جدول الأعمال، مع تصاعد تأثيرات المناخ، ووصول ملف الانتقال إلى الطاقة منخفضة الكربون إلى مفترق طرق.
تعتبر سياسات مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى أمرًا بالغ الأهمية لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بسرعة للحفاظ على الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية وفقًا لاتفاقية باريس للمناخ.
تمثل مجموعة السبع أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي (GDP)، و 28٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الوقود الأحفوري و 13٪ من سكان العالم، فضلاً عن حصة كبيرة من الانبعاثات التاريخية.
كما أن لديها الوسائل المالية لمساعدة البلدان الأخرى في وضع أهداف أكثر طموحًا لإزالة الكربون.
تقترح ورقة السياسات على مجموعة السبع تبنى ثلاث مجموعات أساسية من السياسات لتوسيع الالتزامات المناخية التي تعهدت بها، وإزالة تشوهات السوق التي تعوق التحول الأخضر:
1- إزالة تشوهات السوق المنحازة للوقود الأحفوري
تقول الورقة إنه يجب على جميع أعضاء مجموعة السبع البدء بتنفيذ ثلاث سياسات خضراء للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناجمة عن استخدام الوقود الأحفوري.
أولاً، يجب عليهم إلغاء جميع أشكال الدعم لاستهلاك وإنتاج الوقود الأحفوري خلال السنوات الخمس المقبلة.
وهذا من شأنه أن يوفر المال ويجعل الاقتصادات أكثر استدامة واستقلالية وأمانًا في مجال الطاقة.
ثانيًا، يجب عليهم وضع آليات أكثر شمولاً لتسعير الكربون. وتشمل هذه الآليات، ضرائب الكربون أو مخططات تداول الانبعاثات، وكلاهما يفرض فعليًا رسومًا على كل طن من الكربون المنتج.
تفرض الضريبة هذه الرسوم بشكل مباشر، في حين أن تداول الانبعاثات يضع سقفًا عامًا للتلوث ويسمح للملوثين بتداول تصاريح الانبعاثات المخصصة لهم.
يصبح السعر المتداول الناتج عن التصاريح هو تكلفة انبعاث الكربون.
على الرغم من أن العديد من اقتصادات مجموعة السبعة قد أدخلت ضرائب على الكربون وتجارة الانبعاثات للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ، إلا أن أسعار الكربون بشكل عام تظل منخفضة للغاية ولا تحفز التغييرات في السلوك، ونطاق هذه الآليات ضيق للغاية.
يرى الخبراء أنه يجب أن تصل الشركات ذات الدخل المرتفع والانبعاثات الكبيرة مثل تلك الموجودة في مجموعة السبعة إلى سعر كربون لا يقل عن 75 دولارًا لكل طن من ثاني أكسيد الكربون المنبعث وتوسيع الأسعار لتشمل المزيد من القطاعات، وذلك لكي تكون على المسار الصحيح للانبعاثات الصفرية الصافية بحلول عام 2050.
ثالثًا، يتعين على دول مجموعة السبع أن توجه الإيرادات المحصلة نحو الأولويات الخضراء، بما في ذلك الاستثمارات في البحث والتطوير في مجال الطاقة النظيفة والبنية التحتية للنقل.
كما يجب على الحكومات أن تعوض الآثار السلبية على الدخل والعمالة وعدم المساواة من خلال رفع الحد الأدنى للأجور، وتقديم مدفوعات أو إعادة تدريب العمال المشردين، واستهداف توزيعات الدخل والتخفيضات الضريبية للأسر الضعيفة.
2- نادي مناخ شامل وعالمي
تُعد مبادرة نادي المناخ التي أطلقتها مجموعة السبع خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكن من منظور عالمي، سيتوقف نجاحها على مدى فعالية مشاركة الدول الأخرى.
في قمة 2022 في ألمانيا، وافقت المجموعة على تشكيل “نادي المناخ” لتحفيز إدخال سياسات مناخية أكثر طموحًا؛ ومن المتوقع إطلاقه رسميًا في وقت لاحق من هذا العام.
تقول ورقة السياسات إن ينبغي لمجموعة الدول السبع أن توسع ناديها المناخي بإطار عمل أكثر شمولاً، لكي تكون فعالة في تشجيع الأعضاء على الحد من الانبعاثات.
يجب على نادي المناخ الاتفاق على حد أدنى لسعر الكربون لأعضائه، وفرض عقوبات على البلدان التي لا تشارك.
ستجني مجموعة السبع والعالم المزيد من الفوائد من خلال السماح للدول الأخرى بالانضمام للنادي.
لكن في نفس الوقت، يجب أن يكون الالتزام بإزالة تشوهات السوق لصالح الوقود الأحفوري هو الشرط المسبق الرئيسي لأي دولة تنضم إلى نادي المناخ.
وكحافز للدول المنضمة، يجب تحديد الحد الأدنى لأسعار الكربون عند اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية التي ستنضم للنادي.
تقترح الورقة تحديد الأسعار عند 75 دولارًا لكل طن من ثاني أكسيد الكربون المنبعث من البلدان ذات الدخل المرتفع، و 50 دولارًا للطن بالنسبة للبلدان المتوسطة الدخل و 25 دولارًا للطن بالنسبة للبلدان منخفضة الدخل.
سيؤدي هذا التباين في الحد الأدنى للأسعار إلى مزيد من التخفيف المتناسب للكربون من قبل البلدان ذات الدخل المرتفع.
يمكن للمشاركين في النادي تحقيق الحد الأدنى للسعر إما من خلال تسعير الكربون أو سياسات معادلة، مثل اللوائح التي تحد من الانبعاثات وتوسع القطاعات المشمولة والالتزامات من الولايات والمقاطعات والمدن والشركات.
في البداية ، يمكن أن تكون أرضية أسعار الكربون مخصصة فقط لتوليد الطاقة والصناعات كثيفة الكربون مثل الإسمنت والحديد والصلب والكيماويات.
في وقت لاحق، يتم توسيعه ليشمل قطاعات ومصادر أخرى من الصناعة والخدمات والنقل والزراعة.
يمكن أيضًا لكل بلد بمفرده تحديد أسعار أعلى للكربون لتحقيق تعهدات وأهداف التخفيف الأكثر طموحًا.
3- مساعدة الاقتصادات النامية على إزالة الكربون
يجب أن تذهب مجموعة الدول السبع إلى أبعد مما هو قائم الآن في ملف مساعدة الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية على تبني السياسات والاستثمارات اللازمة للمشاركة في نادي المناخ.
يستلزم ذلك توسيع نطاق مبادرات مجموعة السبعة مثل مبادرة شراكات انتقال الطاقة العادلة (JETPs) ومبادرة الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار (PGII).
شراكات انتقال الطاقة العادلة JETPs هي آلية تعاون تمويلية أنشأتها مجموعة الدول السبع G7 يساعد من خلالها المانحون في تمويل استثمارات محددة في الاقتصادات الناشئة، بهدف تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري والاعتماد المفرط على الفحم، لتسريع التحول إلى الطاقة النظيفة.
تم إنشاء أول شراكة بين أعضاء G7 وجنوب إفريقيا في COP26 في غلاسكو، المملكة المتحدة، في عام 2021.
تم إطلاق شراكتين أخريين مع إندونيسيا وفيتنام العام الماضي، ومن المقرر عقد شراكتين أخريين مع السنغال والهند.
ومع ذلك، لا تزال هذه الخطط غامضة، على سبيل المثال، تعهدت بعض أطراف مجموعة السبع، الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، بتقديم 8.5 مليار دولار في شكل مساعدات فنية ومالية لجنوب إفريقيا من أجل الكهرباء النظيفة، والسيارات الكهربائية ومشاريع الهيدروجين الخضراء، ولكن مع القليل من التفاصيل حتى الآن.
أما مبادرة الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار PGII، التي أعلن عنها في قمة 2022 في ألمانيا، تسعى إلى ضخ 600 مليار دولار في استثمارات البنية التحتية العالمية من مصادر عامة وخاصة بحلول عام 2027؛ وتعهدت الولايات المتحدة بالفعل بتقديم 200 مليار دولار، ومن المرجح أن تظهر تفاصيل أخرى حول تنفيذ المبادرة في قمة هيروشيما.
تقترح الورقة أن تعطي الأولوية للاستثمارات التي تكمل وتدعم تلك المبادرات، على أن يشمل ذلك تحسين شبكات النقل لدعم الطاقة النظيفة، وتنمية حضرية أكثر استدامة، وإزالة الكربون من الصناعات وإنشاء شبكات شحن للسيارات الكهربائية.
وفي مقابل التزام الدول الشريكة بتبني تسعير الكربون والسياسات الأخرى اللازمة للانضمام إلى نادي المناخ، يجب على مجموعة الدول السبع أن تساعدهم في التمويل وتصميم السياسات المناخية وتنفيذها.
ويمكن تنسيق ذلك من خلال شراكة البنك الدولي لتسهيل تنفيذ الأسواق، والتي تهدف إلى وضع سياسات وبرامج تسعير الكربون في ما لا يقل عن 30 من الاقتصادات الناشئة والنامية؛ ومن شأن دعم مجموعة الدول الصناعية السبع أن يمكِّن من جلب المزيد من البلدان.
ترى الورقة أيضًا أنه من الناحية المثالية، ينبغي تصميم مثل هذه السياسات لتحقيق أهداف التخفيف من حدة الفقر والتنمية وتخفيف حدة المناخ في آن واحد، لا سيما في المناطق الريفية.
وتقترح سياستان واعدتان تتمثلان في مبادلة دعم الوقود الأحفوري لتوفير التوسع في خدمات الطاقة المتجددة في المناطق الريفية المحرومة ؛ واستخدام عائدات تسعير الكربون لتمويل الحلول القائمة على الطبيعة، مثل زراعة الغابات، التي تخلق فرص العمل وسبل العيش في المناطق الفقيرة.
وختمت الورقة توصياتها مؤكدة على أن تنفيذ هذه الوسائل المقترحة، سيهيئ الظروف لنادٍ مناخي شامل ويمكن مجموعة السبع من تسريع التحول المنخفض الكربون لاقتصاداتها وتشجيع المزيد من الدول على فعل الشيء نفسه.
المصدر: وكالات