في يومها الخامس والعشرين، ما زالت الأزمة السودانية حبيسة الانسداد السياسي والتصعيد الميداني بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وسط محاولات إقليمية ودولية لحلحلتها.
ففيما يستمر الطرفان في مفاوضات جدة التي لم تحرز تقدمًا كبيرًا -حتى الآن- كان التصعيد الميداني وسيلتهما لانتزاع السيطرة على منطقة هنا أو هناك.
تصعيد ميداني في بعض مناطق العاصمة السودانية الخرطوم، تزامن مع اتهامات من الطرفين لبعضهما، بالمسؤولية عن استهداف منشآت طبية، وارتكاب أعمال “نهب وسرقة” وسط الأحياء السكنية.
وضع أثار المزيد من المخاوف بشأن مستقبل الأزمة، خاصة بعد اشتراط القائد العام للجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، إخراج قوات الدعم السريع من المناطق السكنية، لتطبيق أي وقف لإطلاق النار في السودان على “أسس صحيحة”.
فماذا قال الطرفان؟
القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية، قالت في بيان اطلعت “العين الإخبارية” على نسخة منه، إن الموقف العملياتي مستقر في جميع ولايات البلاد، عدا بعض الاشتباكات مع مجموعات من قوات الدعم السريع في بعض أجزاء العاصمة.
وأكد الجيش السوداني في بيانه، أن قواته اشتبكت مع مجموعة من قوات الدعم السريع في منطقة بحري، زاعمًا تدمير أربع عربات مسلحة وفرار عناصر الدعم السريع.
واتهم الجيش، قوات الدعم السريع بالاستمرار في أعمال “نهب البنوك والمحلات التجارية، وسرقة ممتلكات المواطنين في أماكن تمركزاتها وسط الأحياء السكنية بالعاصمة”، على حد قوله، زاعمًا أن عناصر الدعم السريع “اعتدت على محطة جمارك الحاويات في سوبا، ونهبت عددًا كبيرًا من محتوياتها، إضافة إلى مخازن اليونيسيف”.
وفيما قال إن القوات المسلحة ترصد تحركات لعناصر من الدعم السريع، طالب المواطنين بالابتعاد عن مناطق الاشتباكات وتجنب الاقتراب من أي أجسام معدنية غير معروفة لحين وصول الأطقم الفنية للتعامل معها.
وجدد الدعوة لعناصر قوات الدعم السريع بـ”الكف عن التمادي في مؤامرة التمرد، والاستفادة من عفو القائد العام والتبليغ لأقرب وحدة عسكرية”.
ماذا قال الدعم السريع؟
في المقابل، لم تتطرق قوات الدعم السريع على الوضع الميداني، مكتفية بقولها: “تتوالى انتصاراتنا في الميدان وتتزايد حالة الانهيار في صفوف الجيش”.
وزعم بيان قوات الدعم السريع أنها “لا تسعى لكسر شوكة القوات المسلحة السودانية، أو تسعد بإذلال جنودنا البواسل في الجيش، لكننا وكما أعلنا منذ اليوم الأول لنشوب هذه الحرب إننا ندافع عن أنفسنا”.
وادعت قوات الدعم السريع انضمام بعض عناصر الجيش السوداني إلى صفوفها، قائلة: “تود قيادة قوات الدعم السريع كذلك أن ترحب بركب المنضمين من شرفاء القوات المسلحة لخيار الشعب السوداني الذين سلموا أنفسهم اليوم وأمس، وتدعو بقية الشرفاء إلى اللحاق بإخوانهم”.
ماذا عن موقف المستشفيات؟
وزارة الصحة ولاية الخرطوم، أعربت في بيان صادر عنها، عن أسفها لخروج مستشفى أحمد قاسم ببحري عن الخدمة، بسبب انقطاع تام للتيار الكهربائي لليوم الخامس على التوالي وانقطاع للمياه منذ قيام “الحرب حتى الآن”.
وأوضحت وزارة الصحة ولاية الخرطوم، أن هناك “غيابًا تامًا لوزارة الصحة والجهات الرسمية للدولة”، مشيرة إلى “انقطاع الإمداد الطبي للمستشفى بالكامل “.
ودقت وزارة الصحة ولاية الخرطوم ناقوس الخطر بعد خروج مستشفى أحمد قاسم من الخدمة، مطالبة بالتدخل العاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
مفاوضات جدة
لم تحرز مفاوضات وقف إطلاق النار بين الطرفين المتحاربين في السودان والمنعقدة في جدة “تقدما كبيرا”، بحسب دبلوماسي سعودي.
ما أشار إليه الدبلوماسي السعودي، تحدث عنه قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان قائلا إن المفاوضات الجارية في السعودية مع قوات الدعم السريع لن تجدي نفعا بدون وقف إطلاق النار.
وأضاف البرهان أنه يمكن بحث تسوية الصراع بعد التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في الخرطوم محذرا من أن الحرب ستنتشر إلى باقي أنحاء البلاد إذا حدث تصدع في العاصمة.
وفي محاولة أفريقية لإنقاذ مفاوضات جدة، دخل الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، رئيس جزر القمر غزالي عثماني، على خط الأزمة، باتصال هاتفي مع البرهان، بحثا خلاله مسار تلك المباحثات.
وقال بيان صادر عن مجلس السيادة مساء الإثنين، إن الطرفين تطرقا إلى “جهود حل الأزمة في السودان، لاسيما المفاوضات الجارية حالياً في مدينة جدة في السعودية”.
وقال قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، إن “حكومة السودان ترحب بأي مبادرة من شأنها وقف النهب والسلب وتخريب البنية التحتية في البلاد”.
فيما أكد رئيس الاتحاد الإفريقي دعمه لمفاوضات جدة، تعهدًا بإرسال مبعوث خاص من الاتحاد الأفريقي للمشاركة فيها، إضافة إلى تعيين مبعوث خاص له إلى السودان.
ودعا رئيس جزر القمر إلى ضرورة وقف إطلاق النار، وفتح المسارات الآمنة للمساعدات الإنسانية حتى تصل لمستحقيها.
المصدر: وكالات