بعودة قواتها من السودان… الإدارة المصرية تصنع نجاحا مدويا في إدارة الأزمات

رغم تصاعد دموية الأحداث في السودان منذ مطلِع الأسبوع الجاري، وحالة القلق والاضطراب التي تعتري جميع دول العالم من جراء تردي الأوضاع الإنسانية هناك، ومحاولات كل دولة الحفاظ على سلامة مواطنيها الموجودين وسط الأزمة، سطرت القاهرة، فصلا جديدا من النجاح في إدارة أزمة إجلاء رعاياها، والذي تم باحترافية عالية، تضمنت تنسيق وتضافر كبير بين الأجهزة الرسمية عبر مسارين متوازيين، بين الأمن والسياسة.


فبحسب مصادر مطلعة، تم منذ مساء أمس الأربعاء إجلاء القوات المصرية على مجموعتين، المجموعة الاولى تشكلت من 177جندي مصري، تم نقلهم من مروي إلى قاعدة دنقلة، ثم إلى القاهرة على طائرات تابعة للجيش المصري، أما المجموعة التانية فقد جرى نقلها من مروي إلى العاصمة للخرطوم، وتحديدأً للملحقية العسكرية المصرية.


أما الفاعلون في هذه العملية المتكاملة التي تابعها عن كثب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فهم عناصر من القوات الخاصة التابعة لجهاز الاستخبارات، وأخرى تنتمي للجيش، (على المستوى الأمني)، وبالتزامن، كانت الخارجية المصرية أيضاً، تجري كافة الاتصالات الممكنة مع الأطراف السودانية، وكذا مع الوسيط الإماراتي، والصليب الأحمر الدولي، وهو ما صنع تناغم كبير حول أزمة عصيبة في 177 منزل وأسرة إلى فرحة بالعودة الحميدة إلى أرض الوطن، مع مقدم عيد الفطر المبارك.


ليست المرة الأولى
ليست هذه الأزمة الأولى التي تديرها القاهرة بهذا القدر من الإجراءات المنضبطة التي وصفها مراقبو المشهد بشديدة الدقة، فيمَ تعاني دول أخرى مثل ألمانيا والولايات المتحدة، وغيرهما قصوراً في استعادة الرعايا.


ويجدر بالذكر أن السجل المصري في إدارة هكذا مسائل معقدة بات حافلا إبان السنوات الأخيرة، ففي شباط/ فبراير الفائت، أعلنت الخارجية المصرية تحرير ستة أقباط جرى اختطافهم على يد جماعات مسلحة في الأراضي الليبية، وهناك أيضاً وفي العام 2017، كان الجيش المصري، قد نجح في تحرير 13 من مواطنيه بعد أن قامت عناصر مسلحة باختطافهم، ومطالبة ذويهم بدفع فدية مالية، ولذلك يحظى جيش مصر بثقة ودعم كبير من الرأي العام إذ أنه الأول على مستوى جيوش الشرق الأوسط بحسب التصنيف السنوي غلوبال فاير بور”.


وفي ذلك جاءت بعض الدول العربية في مراكز متقدمة في القائمة النهائية التي ضمت 145 دولة، ولكن تصدر الجيش المصري قائمة الدول العربية، متبوعا بالسعودية ثم الجزائر.


وأشار التصنيف المذكور إلى أن مصر من أكبر 15 قوة عسكرية عالمية، فيما حافظت السعودية على مركزها الـ22 عالميا، بينما جاءت ثانية على مستوى الجيوش العربية، بعد مصر، ويرى غالبية المصريين أن العقيدة والرابط العتيد بينهم وبين الجيش أحد أسباب هذا التصدر المناطقي، والدولي.


إدارة ناجعة لأزمة كوفيد-19، وعودة المصريين من أوكرانيا
في العام 2020، إبان جائحة كوفيد-19، قامت مصر عبر شركة طيرانها الرسمية “إيجيبت إير”، ووزارات الخارجية، والهجرة، والسياحة، والصحة بإجراء “عملية متكاملة” مماثلة، استعادت خلالها أيضاً المواطنين المصريين من مختلف الدول، ومن وسط صرامة إغلاقات الحجر الصحي الذي احتجز الملايين، حول العالم، في منازلهم.


وبعد عامين تحديداً في شباط وآذار من العام المنصرم 2022، ومع تفجر الشرارة الأولى للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، لم تغب السلطات المصرية طويلا عن 3200 طالباً كانوا يدرسون هناك، فعادوا إلى البلاد، وأُلحِقوا بالجامعات والمعاهد في أرجاء البلاد، وهو الأمر الذي يعطي مؤشراً مطمئناً، حول نظرائهم ممَن يدرسون في جامعات السودان.


وفي هذا الشأن أيضاً، يتضح التنسيق عالي المستوى بين المؤسسات الرسمية في مصر، فقد أهابت وزيرة الهجرة بالجالية والطلاب الالتزام بالتعليمات الصادرة من وزارة الخارجية المصرية، ومتابعة صفحات وزارة الهجرة التي ستقوم بنشر كل المستجدات بصورة دائمة، متمنية السلامة للجالية المصرية وللأشقاء في السودان.


وأهابت وزارة التعليم العالي بالطلاب ضرورة التواصل مع السفارة المصرية بالخرطوم، في حال احتياجهم لأي دعم أو في حال تعرضهم لأية مخاطر تهدد سلامتهم.


وكانت السفارة المصرية في الخرطوم طالبت المواطنين المصريين المُقيمين في السودان، بتوخي أقصى درجات الحيطة والحذر، والابتعاد عن مناطق التوترات والتقليل من التحركات غير الضرورية والتزام المنازل لحين استقرار الأوضاع.


وأكدت بدورها استقرار أوضاع الطلاب المصريين، وأنها على تواصل دائم مع الطلاب على مدار الساعة لحين انتهاء الأوضاع الراهنة.
وأخيرا، يمكن القول بأن الدولة في مصر تمتلك من عناصر القوة والقدرة الشاملة ما يعينها على حماية مواطنيها، بمؤشرات باتت ظاهرة للرأي العام العالمي، وليس الإقليمي فقط.

المصدر: وكالات