اشتباكات في شوارع عدة مدن سودانية وروايتان رسميتان تسبحان في التغطية الإعلامية، يضعان السودان في قلب صراع مفتوح على السيطرة.
وتشهد الخرطوم ومدن أخرى اشتباكات مسلحة بين قوات من الجيش وقوات “الدعم السريع” منذ وقت مبكر، اليوم السبت، لكن القتال يتركز في الخرطوم بشكل كبير.
العاصمة الخرطوم ومطار وقاعدة مدينة مروي الجوية (شمال)، شهدت جميعا اشتباكات مسلحة بين الطرفين، اليوم السبت، بمشاركة الطيران العسكري والدبابات والمدرعات.
ومع الاشتباك العسكري العنيف، فإن نقطة الخلافات بين الطرفين وصلت إلى نقطة غير مسبوقة من التوتر الأمني، الأمر الذي يكشف عن عمق الأزمة السودانية المستمرة منذ سنوات طويلة.
رواية الجيش
سياسيا، سارع طرفا الأزمة، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، إلى إلقاء التهم بحق بعضهما البعض، فيما توالت البيانات المتبادلة حول مكاسب كل طرف.
إذ يقول الجيش السوداني إن قوات الدعم السريع هي من هاجمت مقاره وبيت الضيافة في الخرطوم، حيث يعيش قائد الجيش عبدالفتاح البرهان.
وأكد الجيش أن قوات الدعم السريع تسللت لمطار الخرطوم عبر صالة الحج والعمرة، وأحرقت بعض الطائرات وقوات الجيش تعاملت معها.
وشدد على أن كل المرافق الإستراتيجية من القيادة العامة والقوات المسلحة والقصر الرئاسي تحت سيطرة القوات المسلحة.
وفي بيانات متتالية، يعلن الجيش السوداني تحقيقه نجاحات في المعارك على الأرض، إذ أعلن أن قواته الجوية تقوم بتدمير معسكري طيبة وسوبا التابعين للدعم السريع.
ثم أعلن الجيش وقوع عدد من جنود الدعم السريع في مدينة مروي في الأسر، بالتزامن مع إعلانه تسليم قائد الدعم السريع بولاية النيل الأبيض جميع قواته ومعداته لقيادة الجيش.
رواية “الدعم السريع”
في المقابل، يروج معسكر الدعم السريع، لرواية ثانية، تفيد بأنه أجبر على القتال من قبل قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، وأن وضع القوات جيد في الاشتباكات الدائرة في مناطق متفرقة.
رواية “الدعم السريع”، تدفع أيضا بسيطرتها على جميع المقار، وأن المعركة ستحسم خلال الأيام المقبلة.
الأكثر من ذلك، أن الدعم السريع يتهم قادة الجيش بتنفيذ مخطط إجرامي يهدف إلى عودة أنصار الرئيس السابق عمر البشير للسلطة.
كما تعلن قوات الدعم السريع، مثلها مثل قيادة الجيش، عن تحقيق نجاحات ميدانية، أبرزها السيطرة على مطار جبل أولياء الحربي، ومطار مروي.
وفي وقت لاحق، أعلنت قوات الدعم السريع السيطرة على مواقع عسكرية في الفاشر بما في ذلك سلاح الإشارة والسلاح الطبي ومطار الفاشر، كما أعلنت السيطرة على اللواء الأول مشاة آلي التابع للجيش والاستيلاء على مركبات تابعة له.
وفي لحظة مشتعلة يصعب فيها التحقق من الأوضاع من مصادر مستقلة، تلف الضبابية الأجواء، ويبقى الصراع مفتوحا على سيناريوهات مفاجئة، لكن الخرطوم، كمقر الحكم المركزي، تبقى محور الصراع ومحاولات السيطرة المتبادلة.
قتلى وجرحى
اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، أعلنت بدورها السبت، مقتل 3 مدنيين وإصابة العشرات جراء الاشتباك المسلح بين قوات الجيش والدعم السريع.
وبحسب بيان صادر عن اللجنة (غير حكومية) فقد “قُتل مواطنان اثنان في مطار الخرطوم، وإصابة 5 آخرين بالرصاص الحي في مدينة الأبيض بشمال كردفان”.
وأضاف: “إصابة ضابط الجيش في مدينة أم درمان، وإصابة مواطن بشرق النيل.. وهناك إصابتان في جنوب الخرطوم، الأولى بطلق ناري في العنق والثانية طلق ناري في الساق اليمنى”.
وتابع: “توجد عشرات الإصابات التي يجري حصرها حتى هذه اللحظة من بينها إصابات غير مستقرة”.
سياق الأزمة
وخلال الفترة الماضية، أثرت خلافات الجيش وقوات الدعم السريع على توقيع الاتفاق النهائي للعملية السياسية في السودان، الذي كان مقررا في 5 أبريل/نيسان الجاري، قبل إرجائه “إلى أجل غير مسمى”.
وانطلقت في 8 يناير/كانون الثاني 2023، عملية سياسية بين الموقعين على “الاتفاق الإطاري” في 5 ديسمبر/كانون الأول 2022، وهم مجلس السيادة العسكري الحاكم وقوى مدنية أبرزها “الحرية والتغيير ـ المجلس المركزي”، بهدف التوصل إلى اتفاق يحل الأزمة السياسية.
وتهدف العملية إلى معالجة أزمة ممتدة منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، حين فرض قائد الجيش عبدالفتاح البرهان إجراءات استثنائية منها حل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعلان حالة الطوارئ.
المصدر: وكالات