السفن الخضراء.. حلم مكلف للاقتصاد الأزرق

لم تتوقف طموحات شركات الطاقة النظيفة عن تدشين سفن تجارية عملاقة تعمل بالطاقة الجديدة أو المتجددة خلال السنوات القليلة المقبلة.

ويواجه مالكو السفن في جميع أنحاء العالم خيار كيفية التكيف مع متطلبات المنظمة البحرية الدولية، ويبحثون عن تقنيات مبتكرة وخضراء للشحن، أبرزها التكنولوجيا الخضراء في الصناعة البحرية والشحن.

وزاد حجم حركة الشحن في الخدمات اللوجستية العالمية بنسبة 101% في العشرين عاما الماضية، مع زيادة الانبعاثات بنسبة 40% فقط في نفس الفترة الزمنية. 

ونظرا للحجم الهائل للسفن والكفاءة المتزايدة باستمرار، فإن الشحن هو إلى حد بعيد وسيلة النقل الأقل انبعاثا في سلسلة التوريد، لكن الحاجة إلى تخضير وسائل النقل، جعل من البحث عن سفن خضراء هدفا.

انبعاثات السفن

تظهر بيانات المنتدى الاقتصادي العالمي، أن سفينة كبيرة ينبعث منها ما يزيد قليلاً على 1% من ثاني أكسيد الكربون لكل طن متري تقذفه الطائرات، وتنبعث قطارات السكك الحديدية 7 مرات أكثر من ثاني أكسيد الكربون المنبعث من السفن.

بينما ينبعث من الشاحنات البرية ما مقداره 16 مرة أكثر من ثاني أكسيد الكربون المنبعث من السفن، وهي أرقام تدلل على أن انبعاثات السفن تكاد لا تذكر.

يمثل الشحن حوالي 3% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. هذا ليس رقما كبيرا، تمام مثل حجم الكبريت من السفن البالغة 15% من الإجمالي والجسيمات 11% من الإجمالي.

هذه الانبعاثات ناتجة عن استخدام الوقود، والذي يمثل أكثر من 50% من تكاليف التشغيل في الشحن البحري؛ لذلك، فإن نوع الوقود المستخدم في الشحن البحري له أهمية قصوى بالنسبة للبيئة. 

هذا النوع من الوقود متوفر ورخيص للغاية، ولكنه متسخ جدا، يحتوي على الكبريت والشوائب الضارة بالبيئة لأن زيت الوقود الثقيل عبارة عن بقايا من تكرير النفط.

منذ عامين، بدأت سفن تجارية تعمل من خلال الغاز، وهو أقل تلويثا من الوقود التقليدي المستخدم منذ عقود في السفن، إذ يبلغ إجمالي عدد السفن التجارية حول العالم 94 ألف سفينة.

ويرى المنتدى الاقتصادي العالمي، أنه يجب أن تبدأ أنواع الوقود والسفن عديمة الانبعاثات في الانتشار على نطاق واسع خلال العقد القادم لتحقيق إزالة الكربون بالكامل من قطاع الشحن بحلول عام 2050.

الشحن شريان الحياة والتجارة

فقطاع الشحن هو شريان الحياة للتجارة العالمية، حيث يمثل حوالي 80% من جميع التجارة، مع توقع مزيد من النمو. ويمثل القطاع أيضا حوالي 3% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وهي كمية يمكن أن ترتفع بمقدار النصف بحلول عام 2050 إذا لم يتم ضبطها.

اعترافًا بالحاجة إلى العمل المناخي، أصدرت المنظمة البحرية الدولية (IMO) تكليفا بتخفيضات الانبعاثات بنسبة 50% لجميع السفن بحلول عام 2050.

ونظرا لأن للسفن عمرا تشغيليا يتراوح من 20 إلى 25 عاما، سيحتاج القطاع إلى تنفيذ برامج شاملة للانبعاثات الصفرية على مدار العقد المقبل. 

لكن تكلف أنواع الوقود الصفري أكثر بكثير من الوقود التقليدي، مما يزيد التكلفة الإجمالية لملكية السفن بنسبة تتراوح بين 40 و60%.

وحاليا، يعد العثور على حلول على مستوى الصناعة أمرا صعبا، نظرا للطبيعة المتنوعة والمعقدة للقطاع؛ وتتمثل إحدى طرق تسريع إزالة الكربون في تنفيذ “ممرات خضراء”: طرق تجارية محددة بين محاور الموانئ الرئيسية حيث يتم دعم حلول خالية من الانبعاثات.

الممرات الخضراء ستنشئ ظروفا مواتية لإزالة الكربون، لأنها ستسمح لصانعي السياسات بإنشاء نظام بيئي تمكيني مع تدابير تنظيمية مستهدفة وحوافز مالية وأنظمة سلامة. 

يمكن لواضعي السياسات أيضا النظر في اللوائح والحوافز لخفض تكلفة إنتاج الوقود الأخضر، والتي يمكن أن تساعد بدورها في تعبئة الطلب على الشحن الأخضر. 

المصدر: وكالات