لا تزال تركيا تحصي عدد القتلى والمصابين في زلزال مدمر وقع فجر الإثنين، جنوب شرق البلاد، في وقت تبحث الدولة عن تعزيز اقتصادها.
تركيا التي تعتبر اليوم إحدى الوجهات السياحية على مستوى الإقليم والعالم، وعاصمة لصناعة النسيج، وبدأت تحقق خطوات مهمة في الصناعات العسكرية، تواجه كارثة طبيعية، تكررت للمرة الثانية في غضون 24 عاما.
ويعود أسوأ زلزال تعرضت له البلاد قبل زلزال اليوم البالغة قوته 7.8 درجة على مقياس ريختر، إلى عام 1999 بأكثر من 7.9 درجة على مقياس ريختر، بحسب البيانات التاريخية للكوارث الطبيعية.
ويعني ذلك، أن تركيا قد تواجه صعوبات في عمليات الجذب الاستثماري طويل الأجل، بسبب احتمالية تعرضها إلى أكثر من عاصفة زلزالية خلال العقود المقبلة.
وتتسبب الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات والأعاصير المدارية في أضرار جسيمة، ويبدو أنها ضارة بالاقتصاد أكثر من أي قطاعات أخرى.
بالنسبة للشركات في تركيا، تدمر الكوارث الطبيعية الأصول الملموسة مثل المباني والمعدات -وكذلك رأس المال البشري- وبالتالي تؤدي إلى تدهور قدرتها الإنتاجية. قد تكون هذه الآثار السلبية في بعض الأحيان قاتلة للشركات وتؤدي إلى إجبارها على الإغلاق.
واقترب مركز الزلزال في تركيا هذه المرة، من إحدى عواصم الإنتاج والصناعة الرئيسية في البلاد، وهي مدينة غازي عنتاب، التي اقتربت لتكون العاصمة الصناعية لتركيا، بسبب آلاف المصانع المقامة هناك.
وبحسب بيانات تركية رسمية، فقد توقف الإنتاج على نحو واسع في مدينة غازي عنتاب تخوفا من حدوث هزات ارتدادية خلال الساعات القادمة.
قطاع السياحة في تركيا، قد يتأثر خلال فترة قصيرة الأمد لا تتعدى أسابيع قليلة، لحين استعادة الثقة وعودة استقرار الحياة الاقتصادية في عموم البلاد، إلا أن مناطق جنوب شرق تركيا التي شهدت الزلزال، تعتبر من أقل المناطق جذبا للسياح.
لكن في المقابل، يشير تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي، أن الكوارث الطبيعية قد تعزز النمو؛ إذ تتمثل إحدى الآليات المحتملة وراء هذا التأثير الإيجابي في تعزيز إنتاجية قطاع الشركات في الاقتصاد.
كذلك، قد تشهد المناطق التركية إعادة إعمار فورية يرافقها تعزيز في أنشطة بقطاعات البنى التحتية على وجه الخصوص.
وفي الساعة الأولى من فتح سوق الأسهم في بورصة إسطنبول اليوم الإثنين، فقد تراجع المؤشر الرئيسي بنسبة 1.8% وسط تضارب المعلومات حول حجم الخسائر التي تعرضت لها البلاد في جنوب شرق البلاد، والارتدادات على الشركات المدرجة.
في وقت لاحق اليوم، أوقفت بورصة إسطنبول للأوراق المالية التركية تداول أسهم 8 شركات حتى تصدر بيانات بشأن تأثيرات الزلزال.
وتم إيقاف التداول على أسهم 8 شركات هم: ساسا بوليستر، وإيسدمير، وبوسا، وبيليسي ياتريم، وسانكو بازارلاما، وهاتيكس، وأرسان تيكستيل، وروبنيس تيكستيل.
** غازي عنتاب (عاصمة الصناعة)
لا توجد في تركيا العديد من المدن التي تتمتع بصناعة واقتصاد قويين، مثل غازي عنتاب، التي تقع في الجزء الجنوبي الشرقي من البلاد.
لعبت المدينة دورا مهما في الاقتصاد التركي بمؤسساتها الصناعية وبنيتها التحتية التجارية، وقد احتلت مكانتها بين مجموعة المدن القليلة التي تساهم بشكل أكبر في إيرادات الدولة بعد مدن مثل إسطنبول وكوجالي.
تم تطوير الصناعة في المدينة لدرجة أن عدد الشركات الصناعية الكبيرة التي تم إنشاؤها هناك، تمثل 4% من الصناعة التركية بشكل عام، والصناعات الصغيرة تشكل 6%.
وتُعرف المدينة بأنها مركز اقتصادي في مناطق شرق وجنوب شرق الأناضول؛ بالإضافة إلى المنشآت الكبيرة الحجم، يوجد بالمدينة متاجر وورش تصنيع صغيرة؛ من المعروف أنها مركز إنتاج مهم ورائد في تركيا للعديد من القطاعات.
تعمل في المنطقة شركات في ثمانية قطاعات مختلفة، هي المواد الخام، والمنسوجات، والكيماويات والبلاستيك، والآلات والمعادن، ومقاولو السيارات من الباطن، ومقاولو البناء، والجلود والمنتجات الجلدية المصنعة، وصناعات منتجات الورق والخشب.
وغازي عنتاب هي رابع أكبر محافظة من حيث حجم صادراتها بإجمالي 5012 شركة توظف 180 ألف شخص في المحافظة؛ وأهداف غازي عنتاب لعام 2023 (الذكرى المئوية للجمهورية) هي 30 مليار دولار في الصادرات وعدد العمالة 350 ألف.
موانئ تركيا تتضرر
وتضررت حركة الملاحة بالموانئ التركية إثر الزلزال، حيث توقف حركة الملاحة في ميناء جيهان التركي، بحسب بيان هيئة الملاحة البحرية التركية اليوم الإثنين.
وأوضحت الهيئة أن ميناء إسكندرون الواقع في إقليم خطاي بجنوب البلاد تضرر جراء الزلزال القوي.
وبعد عمليات التفتيش لرصد الأضرار، قالت الهيئة على تويتر إن العمليات مستمرة في موانئ بجانب إسكندرون.
هبوط قياسي لليرة
وصلت الليرة التركية في التعاملات المبكرة اليوم الإثنين إلى مستوى منخفض قياسي جديد أمام الدولار مسجلة 18.85 إذ تتعرض العملة التركية لضغوط بسبب قوة الدولار والمخاطر الجيوسياسية.
وتعرضت عملات الأسواق الناشئة لضغوط كبيرة بعد أن ارتفع الدولار ارتفاعا حادا يوم الجمعة في أعقاب تقرير وظائف قوي في الولايات المتحدة مما يشير إلى أن مجلس الاحتياطي الاتحادي (المركزي الأمريكي) قد يبقى على مسار التشديد النقدي لفترة أطول.
كما تترقب الأسواق تبعات الزلزال الذي ضرب وسط تركيا وشمال غرب سوريا اليوم الإثنين وبلغت قوته 7.8 درجة وتسبب حتى الآن في مقتل نحو 300 شخص وإصابة المئات مع انهيار بنايات في أنحاء المنطقة.
وبحلول الساعة 0700 بتوقيت غرينتش عوضت الليرة خسائرها وعادت للتداول عند مستوى مستقر.
وكانت المرة السابقة التي وصلت فيها الليرة التركية لانخفاض قياسي في 26 ديسمبر/ كانون الأول عندما هوت إلى 18.844 أمام الدولار. وفقدت العملة نحو واحد بالمئة من قيمتها منذ بداية العام.
المصدر: وكالات