على وقع خلافات ليست مبنية على إرث الماضي لا تزال فرنسا وألمانيا تتمسكان بمعاهدة المصالحة بينهما التي “غيرت وجه أوروبا”.
وأحيت فرنسا وألمانيا، الأحد، الذكرى الـ60 (اليوبيل الماسي)، لتوقيع معاهدة المصالحة بين البلدين، التي يطلق عليها “معاهدة الإليزيه” وهي الوثيقة التي وضعت خارطة طريق للتعاون الثنائي بين البلدين، وأكدا أن “مستقبل أوروبا يعتمد على المحرك الفرنسي-الألماني”.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتز، خلال احتفال أقيم في باريس مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن “المستقبل، على غرار الماضي، يعتمد على التعاون بين بلدينا كمحرك لأوروبا موحدة”.
ووصف شولتز “المحرك الفرنسي-الألماني” بأنه “آلية تسوية تتيح تحويل الخلافات والمصالح المتباينة إلى عمل متطابق”.
ما هي معاهدة الإليزيه؟
هي معاهدة وقعها المستشار الألماني الأسبق كونراد أديناور، والرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديغول، في 2 يوليو/تموز 1963، بهدف إقامة مجالس تنسيق بين البلدين في السياسة الخارجية، والأمن، والثقافة، والشباب.
وقرَّبت تلك الاتفاقية البلدين الجارين بعد عقود طويلة من العداء والحروب التي راح ضحيتها عشرات الآلاف.
وكان دي جول يحاول بهذه المعاهدة منع التحالف الأنجلوساكسوني مع ألمانيا على حساب فرنسا، كما أنه كان على قناعة بأن الولايات المتحدة ستتخلى عن أوروبا في حال النزاع النووي.
احتفال على وقع الخلافات
ويحاول البلدان تخطي خلافاتهما، وعقد الاجتماع السنوي لمجلس الوزراء المشترك بعد تأجيله عدة أشهر، وكان من المقرر أن يُعقد في الخريف الماضي.
ويقيم البلدان بهذه المناسبة احتفالية كبيرة يشارك فيها قادة البلدين والحكومتين وبرلمانيون وسياسيون آخرون بجامعة السوربون، حيث يضع رئيسا البرلمانين إكليلا من الزهور في مقبرة العظماء “ضريح البانثيون”.
وقالت متحدثة باسم الإليزيه إن اجتماع مجلس وزراء الدولتين الذي سيعقد في القصر الرئاسي، سيناقش مجالات الدفاع والصناعة والطاقة والنقل وإصلاح الاتحاد الأوروبي والهجرة.
وكانت فرنسا رفضت المبادرة الدفاعية “سكاي شيلد” التي اقترحها رئيس الوزراء الألماني بإقامة نظام دفاع جوي أوروبي، بعد العملية العسكرية الروسية لأوكرانيا، رغم إعلان 14 دولة أوروبية رغبتها في الانضمام للمبادرة.
ويعود خلاف ماكرون وشولتز بشأن منظومة الدفاع الجوية إلى أن ألمانيا تعول في صواريخ الردع على أنظمة “أيريس تي” الألمانية ونظام باتريوت الأمريكي، أو نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي “آرو 3″، بينما يرغب ماكرون في الاعتماد على نظام الدفاع الجوي المشترك مع إيطاليا “سامب تي”، للاعتماد بشكل أكبر على القدرات الأوروبية.
وخلال القمة الأوروبية في بروكسل شن ماكرون هجوما على ألمانيا، قائلا: “ليس من الجيد لبرلين ولا لأوروبا أن تعزل ألمانيا نفسها”.
كما أعلن ماكرون بمفرده أوائل يناير/كانون الثاني أن فرنسا ستزود أوكرانيا بالدبابات الخفيفة، قبل يوم من إعلان ألمانيا وأمريكيا أن البلدين سيسلمان مركبات قتالية أمريكية وألمانية الصنع إلى كييف.
وما أبرز الخلاف إعلان ماكرون بشكل فردي للأمر، رغم أنه كان من المفترض أن يصدر رؤساء الدول الثلاث إعلانا مشتركا.
ورغم الخلافات إلا أن شولتز وماكرون تعهدا بدعم أوكرانيا “مادام ذلك ضروريًا وبشكل ثابت”.
وقال شولتز: “نتعهد بدعم أوكرانيا معا، بوصفنا أوروبيين، بهدف الدفاع عن مشروعنا للسلام الأوروبي
فيما قال ماكرون إنه “بعد 24 فبراير/ شباط، لم ينقسم اتحادنا ولم يتنصل من مسؤولياته”.
المصدر: وكالات