السعال وسيلان الأنف والتهاب الحلق والإنفلونزا والكورونا أو غيرها تنتشر في ألمانيا ويعرف كل شخص، آخر مريضًا في الوقت الحالي.
كما تسجل شركات التأمين الصحي عددًا أعلى من المتوسط للإجازات المرضية، وتدفع موجة التهابات الجهاز التنفسي لدى الأطفال المستشفيات وأطباء الأطفال إلى الحد الأقصى، لكن أيضا الأدوية المهمة غير متوفرة.
وما يزيد الأمر صعوبة الأمر أن أدوية للأطفال على وجه الخصوص، مثل أدوية خفض الحرارة أو أدوية السعال والمضادات الحيوية، نادرًا ما تتوفر في الصيدليات.
وعلى وجه التجديد، تعاني ألمانيا شح كبير في أدوية حفض الحرارة ومسكنات الألم والمضادات الحيوية والعقاقير المضادة للسرطان أو حتى الأدوية الخافضة للضغط والسكري.
ويحصي المعهد الفيدرالي للأدوية والأجهزة الطبية حاليًا 313 دواءً غير موجودة في الأسواق، ونظرا لأن إبلاغ المعهد عن اختناقات الإمداد أمر طوعي، فإن الرقم الحقيقي أكبر من ذلك بكثير.
أما في النمسا، تكافح الصيدليات حاليًا مع اختناقات في عملية استيراد الأدوية، بينما تجتاح موجة نزلات البرد والفيروسات التنفسية البلاد.
الأزمة في طريق التصعيد
وفقًا لرئيس غرفة الصيادلة النمساوية، أولريكه مورش-إدلماير، لم يتم الوصول إلى ذروة الأزمة بعد، ويتوقع أن يتزايد شح الأدوية في الفترة المقبلة، لافتا إلى أن 500 دواء رئيسي غير موجود في السوق في الوقت الحالي.
إدلماير قال أيضا في تصريحات تابعتها “العين الإخبارية”، “يوجد حاليًا نقص في بعض المضادات الحيوية ومسكنات الألم، ومن الصعب العثور على هذه الأدوية رغم محاولة الصيدليات وتجار التجزئة مساعدة بعضهم البعض”.
ووفق ما نقلته صحيفة هويته النمساوية عن الطبيبة المقيمة في فيينا، ناغمي كاماليان، فإن “العاصمة الأدوية تتضرر بشكل خاص من نقص الأدوية في ظل تزايد مرضى الالتهاب الرئوي بمعدلات أكثر من أي وقت مضى”.
ولفتت الطبيبة أنها تفحص ما يصل إلى 400 مريض في مركزها الطبي كل يوم، كما وصفت الطبيبة، وهي نائب رئيس قسم الأطباء المقيمين في نقابة الأطباء في فيينا، نقص الأدوية الحالي بأنه “كارثة”.
وتابعت “أتصل بالصيدليات لساعات كل يوم لأعرف ما هي الأنواع المتواجدة من الأدوية، حتى يتمكن مرضاي من الحصول على أفضل رعاية ممكنة.”
ضربة مزدوجة
فيما كشف استطلاع أجرته صحيفة دير ستاندرد النمساوية لآراء خبراء، أن النقص الحالي للأدوية يعود، من ضمن أسباب أخرى، إلى الطلب المرتفع للغاية والناتج عن الوضع الصحي في البلاد، خاصة مع تفشي ثلاث موجات من المرض: الأنفلونزا، والفيروس المخلوي التنفسي، وكورونا.
أما السبب الآخر، فيتعلق بمشاكل في سلاسل الإمداد، إذ يتم تصنيع الأدوية المهمة، والتي انتهت مدة حماية براءة الاختراع الخاصة بها، بشكل حصري تقريبًا في آسيا، وخاصة في الهند أو الصين، بسبب انخفاض تكاليف الإنتاج.
وبالنسبة للعديد من الأدوية الأخرى التي تعاني شحا، تأتي المكونات النشطة للأدوية من آسيا، ثم تحدث الخطوة الأخيرة، وهي إنتاج الدواء على شكل أقراص أو شراب، في مصانع أوروبية، كما توضح سيلفيا هوفينجر، المديرة الإدارية لجمعية الصناعات الكيميائية في غرفة التجارة النمساوية، وهي مسؤول أيضًا عن صناعة الأدوية.
وعلى سبيل المثال، تصدرت حقيقة وجود مصنع بنسلين واحد فقط في الاتحاد الأوروبي، وبالتحديد في كوندل في تيرول بالنمسا، عناوين الصحف خلال جائحة كورونا، ولم يتغير هذا الوضع منذ ذلك الحين.
كما أن سلاسل توريد الأدوية من آسيا بطيئة في العادة، وازداد هذا البطئ في السنوات الأخيرة بسبب قيود كورونا في الصين، وفرض الهند حظرا على تصدير بعض الأدوية بسبب الجائحة.
محاولات لحل الأزمة
ويحاول الاتحاد الأوروبي التحرك لحل أزمة الأدوية في الكثير من بلدانه، لكن هذه التحركات لن تؤتي ثمارها قريبا، إذ من المقرر افتتاح مصنع آخر للمضادات الحيوية في كوندل بالنمسا في عام 2024.
وبالإضافة إلى ذلك، يجري العمل في الاتحاد الأوروبي لتحسين تبادل المعلومات بين البلدان في مجال صناعة الأدوية، كما يتم التخطيط لمواقع تخزين للأدوية في دول الاتحاد الأوروبي.
وفي ألمانيا، يريد وزير الصحة، كارل لوترباخ الآن ضمان تجاوز أزمة شح الأدوية المهمة، ويقوم بتغيير قواعد التسعير.
ووفق القواعد التي ينوي لوترباخ تنفيذها، ستدفع شركات التأمين الصحي مبالغ أكبر بكثير على أدوية الأطفال من ذي قبل. يجب أن ينطبق هذا على كل من الأدوية المعلبة وتلك التي تخلطها الصيدليات.
وقال وزير الصحة يوم الثلاثاء الماضي للصحفيين في برلين “سنزيل هذه الأدوية من قائمة الأسعار الثابتة حتى يمكن بيعها بتكلفة أعلى”، وأبلغنا شركات التأمين الصحي بذلك بالفعل.
لوتارباخ قال إن الأسعار ستزيد بمقدار مرة ونص عن الأسعار السابقة، إذ أنه يرجع”مشكلة الإمداد الحادة” في ألمانيا إلى حقيقة أن الأدوية “غالبًا ما تُباع بسعر أرخص في الأراضي الألمانية منها في الخارج”.
ووفق تقرير أوغسبورغر ألغماينه الألمانية، فإن هناك وجه آخر للأزمة الحالية، هو اعتماد ألمانيا على مورد واحد فقط في الهند أو الصين لبعض الأدوية.
لذلك، تتضمن استراتيجية وزير الصحة الألمانية تنويع مصادر الأدوية على المدى الطويل، بحيث تتضمن المناقصات الخاصة بأدوية السرطان أو المضادات الحيوية المهمة، على سبيل المثال، عمليات شراء جزئية من أوروبا. كما يتم التخطيط لنظام إنذار مبكر للأدوية التي تنفذ.
المصدر: وكالات