سلاسل الإمدادات في 2023.. الحكومات تتحرك لقتل “أكبر مُحرض على التضخم”

تتجه حكومات العالم إلى التدخل الصريح للقضاء على أزمة سلاسل الإمداد باعتبارها أحد العوامل الرئيسية لغول التضخم الجامح.

ولم تتوقف جائحة كورونا عن توجيه ضربات إلى الاقتصاد العالمي من بوابة تعطيل سلاسل الإمدادات القادمة من الصين، أكبر مصدر للسلع حول العالم.

وعلى الرغم من التعافي التدريجي لسلاسل الإمدادات الصينية، خلال الشهرين الماضي والجاري، إلا أن صناعة سلاسل الإمدادات ما تزال تواجه عقبات ستنتقل إلى العام الجديد.

في الوقت الحالي، ينصب الكثير من التركيز على موسم العطلات القادم، حيث يشجع كبار تجار التجزئة مثل أمازون المستخدمين بشدة على بدء التسوق مبكرا، ولكن كيف تبدو الأشياء أكثر صعوبة في المستقبل؟

 التدخل الحكومي

يكشف تقرير من شركة الأبحاث والبيانات IHS صدر في أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، احتمال تدخل الحكومات حول العالم في صناعة سلاسل التوريد خلال الفترة المقبلة، حيث قد تتسبب الأحداث الجيوسياسية وارتفاع التضخم وعقبات أخرى في حدوث مشكلات.

وجاء في التقرير أن “إحدى الطرق التي تبدأ بها الحكومات في الاستجابة للتحديات التي تطرحها هذه الديناميكيات، هي النظر عن كثب إلى سلاسل التوريد ومرونة سلسلة التوريد كضرورة حتمية للأمن القومي”.

وأدت الحرب في أوكرانيا إلى اعتبار مسألة سلاسل الإمدادات، قضية أمن قومي تتدخل الدولة في مختلف مفاصلها، تجنبا لأية انقطاعات تؤثر على وفرة إمدادات السلع الخام والنهائية إلى الأسواق.

وفعلا قام الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول في شرق آسيا، بعقد اتفاقيات لتشكيل تحالفات تعمل في فترات تعطل سلاسل إمدادات السلع في حالة المخاطر الصحية أو الاقتصادية أو الجيوسياسية أو المناخية.

شح الإمدادات

لم يكن العام الجاري مقتصرا على شح السلع، بل إن العديد من السلع كانت متوفرة بدرجات تفوق حاجة السوق، وهو أحد التجليات الناتجة عن تشوه سلاسل الإمدادات، وفرة سلع في أماكن بالعالم وشح لنفس السلع في أماكن أخرى.

في 2023، ومع ارتفاع المخاوف من حدوث ركود، فإن سلاسل الإمدادات قد تصاب بأزمة مرتبطة بفائض المعروض الناتج عن شح الطلب، إذ من المرجح أن ينخفض طلب المستهلك في الأشهر القادمة. وهذا يمكن أن يجعل الأمور أكثر صعوبة بالنسبة لصناعة الشحن / التوريد على مستوى مختلف.

لا تحسن في سوق العمل

قضايا العمل التي ابتليت بها العديد من الشركات خلال العام الماضي، ستكون منتشرة بنفس القدر خلال العام 2023، إن لم يكن أكثر.

ففي صناعة الشحن، كما هو الحال في العديد من الصناعات، يسعى العمال إلى زيادات في الأجور لمواكبة التضخم؛ تم اتخاذ إجراءات عمالية، بما في ذلك الإضرابات، في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وجنوب إفريقيا وكوريا الجنوبية.

أضف إلى ذلك تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية (تشكل البلدان الاثنان معا ما يقرب من 15% من جميع سفن التجارة العالمية، وفقًا لغرفة الشحن الدولية). 

ويمكن أن تفرض الصين عمليات إغلاق جديدة لـ COVID في عام 2023 كجزء من سياستها الخالية من COVID، والتي من شأنها أن تسبب المزيد من المشاكل وزيادة الازدحام.

فائض من السفن

من المتوقع أن يشهد العام المقبل اندفاعًا في السفن الجديدة؛ إذ أن حوالي 28% من سعة الأسطول المركب قيد الطلب ومن المتوقع تسليم أقل من نصف ذلك بقليل على مدار العام المقبل، وفقًا لـ ING. 

يمكن أن يؤدي ذلك إلى خفض أسعار الحاويات، وبالتالي خفض تكاليف الشحن، لكن ذلك قد يسبب أزمة على المدى المتوسط لشركات الشحن، الباحثة عن تحقيق أرباح أكبر.

تغير المناخ

في حين أن القضايا الجيوسياسية والعمالية هي مخاوف كبيرة، يمكن أن تشكل قضايا المناخ البيئي عقبة ملحوظة أمام شركات الشحن. 

تؤثر المستويات المنخفضة في مياه ألمانيا على النشاط الاقتصادي؛ وفي الولايات المتحدة، يشهد نهر المسيسيبي انخفاضا في مستويات المياه، مما أدى إلى ازدحام أكثر من 100 سفينة خلال 2022، وقد يتكرر الأمر في 2023.

هناك موجات حارة في الصين وأصبحت الأعاصير أقوى من أي وقت مضى؛ كل هذه تمثل فرصة لتعطيل سلاسل التوريد في جميع أنحاء العالم.

المصدر: وكالات