الأم تيريزا هي مُؤَسسة جماعة الإرساليات الخيرية لمساعدة الفقراء. تُعَد واحدة من أعظم الشخصيات الإنسانية في القرن العشرين، وتم منحها لقب تيريزا قديسة كلكتا في عام 2016.
السيرة الذاتية لـ الأم تيريزا
وُلِدَت الأم تيريزا في مدينة سكوبيه بمقدونيا، عام 1810. وقامت بالتدريس في الهند لمدة 17 عامًا، قبل أن تُكَرِّس حياتها لرعاية المرضى والفقراء عام 1946. قامت بتأسيس دور رعاية للمرضى، مراكز للمكفوفين وكبار السن وذوي الإعاقة، ومستعمرة للجذام من خلال مؤسسة الإرساليات الخيرية.
في عام 1979 حصلت على جائزة نوبل للسلام؛ نتيجة لأعمالها الإنسانية.
تُوفيَّت في أيلول/سبتمبر، عام 1997، وتم تأبينها في تشرين الأول/أكتوبر عام 2003، وفي أيلول/سبتمبر 2016، منحها الأب فرانسيس Pope Francis لقب تيريزا قديسة كلكتا.
بدايات الأم تيريزا
وُلِدَت الراهبة الكاثوليكية تيريزا في السادس والعشرين من أغسطس، عام 1910، بمدينة سكوبيه، العاصمة الحالية لجمهورية مقدونيا. في اليوم التالي، تم تعميدها باسم أجنيس جونكسا بوجاكسيو Agnes Gonxha Bojaxhiu. كان والدها، نيكولا Nikola ودرانافيل بوجاكسيو Dranafile Bojaxhiu، ينحدران من أصولٍ ألبانية. كان والدها رجل أعمال، عَمِلَ مقاولاً للبناء وتاجرًا للأدوية والسلع الأخرى. عائلتها كاثوليكية مُتدينة، وكان والدها نيكولا مُشارِكًا فعَّالاً في الكنيسة والسياسة المحلية، ومن مؤيدي استقلال ألبانيا.
في عام 1919 وعندما كان عُمر أجنيس ثمانية أعوامٍ فقط، مَرِضَ والدها فجأةً ثُمَّ تُوفِّيَ. بينما مازال سبب موته مجهولاً، إلا أن الكثير من التوقعات تُشير إلى أن أعداءه السياسيون قتلوه بالسُّم. بعد وفاة والدها، تعلَّقت أجنيس بشدة بوالدتها، والتي كانت امرأة مُتَدَيّنة وعطوفة، وغرست في ابنتها الالتزام العميق تجاه الأعمال الخيرية.
وعلى الرغم من كونها غير غنية، إلا أن والدتها درانا بوجاكسيو وجَّهت دعوة مفتوحة لفقراء المدينة لتناول الطعام مع عائلتها. وكانت تنصح ابنتها، وتقول لها: “صغيرتي، لا تتناولي لقمة من الطعام أبدًا إلا إذا شاركتيها مع الآخرين”. وعندما كانت أجنيس تسأل: “مَنْ هؤلاء الذين يتناولون الطعام معنا؟” كانت والدتها تُجيب دائمًا: “بعضهم من أقاربنا، والبعض الآخر من شعبنا”.
حياة الأم تيريزا الشخصية
أما من حيث ديانة الأم تيريزا ومعتقداتها وطائفتها الأصلية ، فقد ولدت لعائلة مسيحية كاثوليكية.
حقائق عن الأم تيريزا
في إحدى رحلاتها، أخذت الطعام المتبقي من الطائرة وأعطته للفقراء
كان لدى مبشرين الأم تيريزا للجمعيات الخيرية وقت وفاتها 610 بعثة في 123 بلدًا بما في ذلك مساكن ومنازل المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز والجذام والسل ومطابخ الحساء وبرامج الإرشاد للأطفال والأسر ودور الأيتام والمدارس.
ثمن ثوبها الأزرق دولار واحد فقطز
رفضت مأدبة شرف نوبل التقليدية، وطلبت بدلَا من ذلك أن تعطى 192 ألف دولار لمساعدة الفقراء من الهند.
أشهر أقوال الأم تيريزا
لا تنتظروا تحرُّك الحُكَّام، بل تحركوا بأنفسكم.
— الأم تيريزا
احتفظوا ببهجة حب الإله في قلوبكم وشاركوا هذه البهجة مع كل من تلتقون به، خاصةً عائلاتكم.
— الأم تيريزا
الأشياء الصغيرة حتمًا صغيرة، لكن الإيمان بالأشياء الصغيرة شيءٌ عظيم.
— الأم تيريزا
إذا أردنا فعلاً أن نُحِب، علينا أن نتعلَّم التسامح.
— الأم تيريزا
تحدَّث معهم برفق، دعهم يستشعروا اللطف في وجهك، في عينيك، في ابتسامتك، وفي حرارة تحيتك. لا تعطِ اهتمامك فقط، بل قلبك أيضًا.
— الأم تيريزا
في عصرنا الحالي يبدو أن الجميع في عجلة رهيبة، متلهفون لتحقيق إنجازات أعظم، وثروات أكبر وما إلى ذلك، حتى أن الأبناء يقضون القليل جدًا من الوقت مع آبائهم. والآباء يقضون القليل جدًا من الوقت مع بعضهم البعض، والخلل في السلام العالمي يبدأ من المنزل.
— الأم تيريزا
هناك احتياج فظيع للحُب. جميعنا يُعاني من ألم الوحدة، ويجب أن نتحلَّى بالشجاعة للاعتراف بهذا الأمر. قد يكون أحد أفراد عائلتك فقيرًا، ابحث عن الفقراء، وابذل لهم المحبة.
— الأم تيريزا
وفاة الأم تيريزا
بعد عدة سنوات عانت فيها من تدهُّور حالتها الصحية بسبب مشاكل القلب والرئة والكلية، تُوفيَّت الأم تيريزا في الخامس من أيلول/سبتمبر، عام 1997، عن عُمْرٍ يُناهز السابعة والثمانون.
وظلَّت حياة الأم تيريزا في دائرة الضوء حتى بعد موتها، ففي عام 2003 تم نشر مجموعة من رسائلها الخاصة والتي كشفت عن كارثة إيمانية كانت تعاني منها خلال الخمسين عامٍ الأخيرة من حياتها.
ففي إحدى رسائلها اليائسة إلى صديقٍ ثقة، قالت: “أين إيماني؟ حتى في أعماق وجداني لا يوجد شيء، سوى الفراغ والظلام. إلهي، كم هو مؤلم هذا الألم الخفي! لقد فقدت إيماني، لا أجرؤ على التفوه بالكلمات والأفكار التي تتزاحم بقلبي، وتجعلني أعاني آلامًا مُبرحة”.
إنجازات الأم تيريزا
التحقت أجنيس بمدرسة ابتدائية تابعة للدير، ثُمَّ في المرحلة الثانوية التحقت بمدرسة تديرها الدولة. أثناء طفولتها، كانت تُغني مع فرقة القلب المقدس المحلية وكان يُطلَب منها الأداء الفردي في بعض الأحيان. في الثانية عشر من عُمْرها وأثناء رحلة الحج السنوية التي كان يُنظمها المجمع إلى كنيسة العذراء السوداء Church of the Black Madonna في فيتينا بكوسوفو حاليًا، شعرت أجنيس برغبتها في تكريس حياتها لخدمة الكنيسة.
وبعد ذلك بست سنوات، في عام 1928، قررت أجنيس البالغة من العُمْر ثمانية عشر عامًا آنذاك أن تُصْبِح راهبة، وسافرت إلى إيرلندا للانضمام إلى الأخوات لوريتو في معهد العذراء المباركة مريم في دبلن. وهناك حصلت على لقب “الأخت ماري تيريزا Sister Mary Teresa” تبعًا للقديسة تيريز من ليزيو Saint Thérèse of Lisieux.
وبعد مرور عام، سافرت الأخت ماري تيريزا إلى بلدة دارجيلنج بالهند؛ لتعلُّم الرهبنة. ثُمَّ أُرْسِلَت بعد ذلك إلى كلكتا، حيث تم إسناد إليها مهمة التدريس بمدرسة القديسة ماري الثانوية للفتيات، وهي مدرسة يديرها الأخوات لوريتو ومُخصصة لتعليم الفتيات من أفقر الأسر البنغالية في المدينة. تعلَّمت الأخت تيريزا اللغة البنغالية والهندية بطلاقة، بينما كانت تُدَرِّس التاريخ والجغرافيا، وكرَّست نفسها لتهوين حِدَّة الفقر على الفتيات من خلال التعليم.
في 24 مايو، 1937، اتخذت العهد الأخير للالتزام بحياة الفقر والعفة والطاعة. وكما هي العادة لراهبات لوريتو، فقد مُنِحَت لقب “الأم” بعد اتخاذها العهد الأخير، ومِن ثَمَّ عُرِفَت باسم “الأم تيريزا”. واصلت الأم تيريزا التدريس بمدرسة القديسة ماري، وفي عام 1944 أصبحت مديرة المدرسة.
في 10 أيلول/سبتمبر، 1946، اتخذت قرار ترك التدريس وعزمت على العمل في أحياء كلكتا الفقيرة؛ لمساعدة أشد الناس فقرًا ومرضًا هناك.
ولكن لم تستطع ترك منصبها في الدير بدون إذن رسمي؛ لأنها كانت اتخذت عهدًا بالطاعة. وبعد مرور قُرابة العام والنصف، حصلت أخيرًا على الموافقة في كانون الثاني/يناير 1948، وفي أغسطس من نفس العام، تركت دير لوريتو وبدأت التجوُّل في المدينة، مُرتديةً الساري ذو اللون الأزرق والأبيض، والذي استمرت في ارتدائه طوال حياتها. وبعد التدريب على أساسيات الطب لمدة ستة أشهر، بدأت رحلتها لأول مرة في أحياء كلكتا الفقيرة، ولم يكن لديها سوى هدفٍ واحدٍ وهو بحسب قولها: “مساعدة المنبوذين، المكروهين، والذين لا يهتم بشأنهم أحد”.
بدأت الأم تيريزا باتخاذ خطوات فعَّالة لمساعدة فقراء المدينة، فقد انشأت مدرسة في الهواء الطَلْق، ومسكنًا للفقراء المُعْدَمين بإحدى المباني المهجورة، والتي كانت قد أقنعت إدارة المدينة بالتبرع به لصالح مشاريعها الخيرية. في تشرين الأول/أكتوبر 1950، أسست جماعة “الإرساليات الخيرية” بانضمام عدة عضوات، أغلبهن مدرسات أو طالبات سابقات في مدرسة القديسة ماري.
مع زيادة تدفق التبرعات من أنحاء الهند والعالم، وسَعَّت الأم تيريزا من نطاق أهدافها الخيرية. وخلال حقبة الخمسينات والستينات، أسست مستعمرةً للجذام، دارًا للأيتام، دار حضانة، عيادة عائلية وسلسلة من العيادات الصحية المتنقلة.
في عام 1971، سافرت الأم تيريزا إلى مدينة نيويورك لافتتاح أوَّل دار خيرية لها في أمريكا. وفي صيف 1982، سافرت سرًا إلى بيروت بلبنان، حيث ساعدت الأطفال المسيحيين والمسلمين خلال الحرب. في عام 1985، عادت الأم تيريزا إلى نيويورك وألقت كلمة خلال الاحتفال بالذكرى الأربعين لإنشاء الأمم المتحدة. أثناء تواجدها هناك، افتتحت دارًا لرعاية مصابي الإيدز.
في فبراير 1965، منح الأب بولس السادس Pope Paul VI لجمعية “الإرساليات الخيرية” الإذن بالتوسُّع والانتشار عالميًا، لا في الهند فحسب. ومع وفاة الأم تيريزا في عام 1997، كان عدد أعضاء جمعية “الإرساليات الخيرية” قد بلغ أكثر من 4000 عضوًا، بالإضافة إلى آلاف المتطوعين، مع أكثر من 610 فرعًا في 123 دولة حول العالم.
كما حصلت على جوهرة الهند، أعلى وسام شرفي هناك، إلى جانب حصولها على القلادة الذهبية للاتحاد السوفيتي أثناء لجنة السلام السوفيتيية. في عام 1979، حصلت الأم تيريزا على جائزة نوبل للسلام؛ اعترافًا بمجهوداتها في مساعدة الإنسانية المُعَذَّبة.
المصدر: وكالات