كانت أسعار النفط والغاز المرتفعة بشكل غير منطقي أو طبيعي هي حديث الجميع في عام 2022، وكانت أحد أكبر العوامل المساهمة في ارتفاع معدلات التضخم. النظريات الاقتصادية تشير إلى أنه عندما تصل الأسعار إلى القمة لا يوجد مكان تذهب إليه سوى النزول. وهذا هو بالضبط ما يتجه إليه النفط في الوقت الحالي.
البيانات تشير إلى أن سعر النفط الخام تراجع بشكل كبير وسط مخاوف في شأن تباطؤ الطلب على الوقود واحتمال زيادة تشديد الاحتياطي الفيدرالي السياسة النقدية ورفع أسعار الفائدة، مما يؤدي إلى زيادة مخاوف الركود، لكن في الوقت نفسه استمرت أسهم شركات الطاقة في الارتفاع.
وقد انخفض مؤشر “ستاندرد أند بورز 500” بأكثر من 17 في المئة هذا العام. على رغم هذه الخسائر العنيفة، فإن أسهم شركات “إكسون موبيل” و”هاليبرتون” و”تشيفرون” سجلت ارتفاعات بنسب بلغت نحو 45 في المئة. وترتبط أسعار النفط ومخزونات الطاقة ارتباطاً وثيقاً – لذا فإن هذا التناقض غريب وقد يعني أن أسعار الغاز المنخفضة قد لا تبقى.
81 في المئة من الشركات أعلنت عن أرباح قياسية
ما يحدث هو أن سعر خام “غرب تكساس الوسيط”، وهو المعيار الأميركي وفي الوقت نفسه يعد المحرك الرئيس لأسعار الغاز، تراجع إلى أدنى مستوى له هذا الأسبوع – أقل من 72 دولاراً للبرميل، كان يتداول فوق 120 دولاراً للبرميل في الصيف.
ويوم الخميس الماضي بلغ متوسط سعر الغاز 3.33 دولار للغالون، انخفاضاً من أعلى مستوى له في منتصف يونيو (حزيران) عند أكثر من خمسة دولارات للغالون. وكان هذا أقل بقليل من تكلفته قبل عام عندما كان المتوسط الوطني 3.34 دولار أميركي.
ولكن على رغم انخفاض أسعار الغاز فإنها لا تزال أعلى مما كانت عليه في السنوات القليلة الماضية. وقد أسهم ذلك في تحقيق أرباح قياسية في شركات الطاقة الكبرى مثل “تشيفرون” و”شل” و”هاليبترون” و”إكسون موبيل”. ومن المتوقع أن يتضاعف صافي الدخل لمنتجي النفط والغاز العالميين في عام 2022 إلى مستوى قياسي بلغ أربعة تريليونات دولار، وفقاً لبيانات حديثة لوكالة الطاقة الدولية.
خلال الربع الثالث من العام الحالي أبلغت نحو 81 في المئة من جميع شركات الطاقة المدرجة في مؤشر “ستاندرد أند بورز 500” عن أرباح أعلى من التقديرات، وهي أعلى نسبة في أي قطاع، وفقاً لبيانات “فاكتست”. وقد سجل قطاع الطاقة أعلى نسبة نمو للأرباح على أساس سنوي لجميع القطاعات الـ11 بنسبة 137.3 في المئة.
رهانات مختلفة لتجار الأسهم
وفي الوقت الذي تنخفض فيه أسعار النفط الخام يبدو أن تجار الأسهم يخوضون رهاناً مختلفاً، فهم يأملون أن قرار منظمة “أوبك” الأخير بالتمسك بتخفيضات العرض واتفاق أوروبا لوضع حد لسعر النفط الروسي عند مستوى 60 دولاراً للبرميل، سوف يحافظ على المعروض العالمي من النفط. وحتى مع انخفاض الطلب العالمي على النفط فإن أفق سوق النفط ما زال ضيقاً للغاية.
وقد لا ينخفض الطلب لكن الركود ليس معطى حتى الآن، وإعادة فتح الصين يمكن أن تزيد الطلب على الوقود. وتتكهن شركات “إكسون موبيل” و”تشيفرون” أيضاً بأن أسعار النفط الخام ستظل مرتفعة وأن الطلب سينمو.
وقبل أيام أعلنت شركة “إكسون موبيل” أنها سترفع الإنفاق الرأسمالي العام المقبل بنسبة 10 في المئة إلى ما بين 23 مليار دولار و25 مليار دولار، وذلك بهدف زيادة إنتاج النفط والغاز إلى مستوى قياسي يبلغ 4.2 مليون برميل من المكافئ النفطي يومياً بحلول نهاية عام 2027. وقالت إنها تتوقع إنفاق 14 مليار دولار في عام 2023، بإضافة ملياري دولار، أو ما يعادل نحو 14 في المئة، إلى ميزانية هذا العام.
ووفق مجموعة “بيسكوب إنفستمنت غروب” فقد يكون الاختلاف موقتاً. ففي أربعة من أصل خمسة انقسامات رئيسة بين أسعار أسهم النفط والطاقة منذ عام 1990، عاد النفط إلى الارتفاع في العام التالي، بعد موجات الخسائر التي تعرض لها.
المصدر: وكالات