يُعقد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ هذا العام في شرم الشيخ، على خلفية الأحداث المناخية القاسية التي شهدتها جميع أنحاء العالم، وأزمة الطاقة التي أثارتها الحرب في أوكرانيا، والبيانات العلمية التي تؤكد أن العالم لا يفعل ما يكفي للتصدي لانبعاثات الكربون وحماية مستقبل كوكبنا.
قال الأمين العام، أنطونيو غوتيريش، إن الدورة السابعة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أو COP27، يجب أن تقدم “دفعة أولى” بشأن الحلول المناخية تتناسب مع حجم المشكلة. فهل سيكون القادة على قدر المسؤولية؟
سيبقيكم فريق أخبار الأمم المتحدة على اطلاع خلال الأسبوعين اللذين سيدور خلالهما المؤتمر الذي يبدأ رسمياً في 6 تشرين الثاني / نوفمبر، ولكن قبل أن نتوجه إلى شواطئ البحر الأحمر، قمنا بصياغة هذا الدليل الذي يضم بعض أهم الأشياء التي تحتاجون إلى معرفتها.
ما قصة كل هذهالمؤتمرات؟
مؤتمرات الأطراف هي أكبر وأهم المؤتمرات السنوية حول المناخ.
في عام 1992، نظمت الأمم المتحدة قمة الأرض في ريو دي جانيرو بالبرازيل، حيث تم اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وتم إنشاء وكالتها التنسيقية – ما نعرفه الآن باسم أمانة الأمم المتحدة لتغير المناخ.
في هذه المعاهدة، وافقت الدول على “تثبيت استقرار تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي لمنع التدخل الخطير من النشاط البشري في نظام المناخ”، وقد وقع عليها حتى الآن 197 طرفاً مختلفاً.
منذ عام 1994، عندما دخلت المعاهدة حيز التنفيذ، أقدمت الأمم المتحدة بشكل سنوي على جمع كل بلد على وجه الأرض تقريباً لحضور مؤتمرات القمة العالمية للمناخ، المعروفة باسم “COP”، والتي تعني “مؤتمر الأطراف.”
خلال هذه الاجتماعات، تفاوضت الدول على ملحقات مختلفة للمعاهدة الأصلية لوضع حدود ملزمة قانوناً للانبعاثات، على سبيل المثال، بروتوكول كيوتو في عام 1997 واتفاق بـاريس الذي اعتمد في عام 2015، حيث وافقت جميع دول العالم على تكثيف الجهود من أجل محاولة الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية فوق درجات حرارة ما قبل الصناعة، وتعزيز تمويل العمل المناخي.
يصادف هذا العام القمة السنوية السابعة والعشرين، أو COP27.
كيف يختلف COP27 عنالمؤتمراتالأخرى؟
بلغ مؤتمر COP26 العام الماضي ذروته في ميثاق غلاسكو للمناخ، الذي أتى بعد خمس سنوات على توقيع اتفاق باريس والذي أبقى هدف الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية حياً، ولكن “بنبض ضعيف”، كما أعلنت رئاسة المملكة المتحدة آنذاك.
وقد تم إحراز تقدم ليعمل اتفاق باريس بكامل طاقته، من خلال الانتهاء من التفاصيل الخاصة بتنفيذه العملي، المعروفة أيضاً باسم “كتاب قواعد باريس.“
في COP26 اتفقت الدول على تقديم التزامات أقوى هذا العام، بما في ذلك الخطط الوطنية المحدثة ذات أهداف أكثر طموحا، إلا أن 23 دولة فقط من بين 193 دولة قدمت خططها إلى الأمم المتحدة حتى الآن.
شهدت مدينة غلاسكو أيضاً العديد من التعهدات التي تم التعهد بها داخل غرف التفاوض وخارجها فيما يتعلق بالتزامات الصافي الصفري، وحماية الغابات والتمويل المناخي، من بين العديد من القضايا الأخرى.
وفقاً لبيان الرؤية الرئاسية، فإن COP27 سيكون حول الانتقال “من المفاوضات والتخطيط إلى التنفيذ” لكل هذه الوعود والتعهدات التي تم تقديمها.
فقد دعت مصر إلى اتخاذ إجراءات كاملة وشاملة وواسعة النطاق وفي الوقت المناسب على أرض الواقع.
ووفقاً للخبراء، إلى جانب مراجعة كيفية تنفيذ كتاب قواعد باريس، سيشهد المؤتمر أيضاً مفاوضات بشأن بعض النقاط العالقة فيما بعد مؤتمر غلاسكو.
وتشمل هذه القضايا تمويل “الخسائر والأضرار” حتى تتمكن البلدان الواقعة في الخطوط الأمامية للأزمة من التعامل مع عواقب تغير المناخ التي تتجاوز قدرتها على التكيف، والوفاء بالوعود لتقديم 100 مليار دولار كل عام لتمويل التكيف في الدول منخفضة الدخل من قبل الدول المتقدمة.
ستشمل المفاوضات أيضاً مناقشات فنية، على سبيل المثال، لتحديد الطريقة التي يجب أن تقيس بها الدول عملياً انبعاثاتها بحيث يكون هناك مجال متكافئ للجميع.
ستمهد كل هذه المناقشات الطريق لإجراء أول تقييم عالمي خلال مؤتمر COP 28، والذي سيقيم في عام 2023 التقدم العالمي الجماعي بشأن التخفيف والتكيف وسبل تنفيذ اتفاق باريس.
ما هي الأهداف الرئيسية للمؤتمر؟
1. التخفيف: كيف تعمل البلدان على خفض انبعاثاتها؟
يشير التخفيف من آثار تغير المناخ إلى الجهود المبذولة لتقليل أو منع انبعاث غازات الدفيئة. يمكن أن يعني التخفيف استخدام تقنيات جديدة ومصادر طاقة متجددة، أو جعل المعدات القديمة أكثر كفاءة في استخدام الطاقة، أو تغيير ممارسات الإدارة أو سلوك المستهلك.
من المتوقع أن تُظهر البلدان كيفية تخطيطها لتنفيذ نداء ميثاق غلاسكو، الذي يقضي بمراجعة خططها المناخية وإنشاء برامج عمل تتعلق بالتخفيف.
وهذا يعني تقديم أهداف أكثر طموحاً حول الانبعاثات لعام 2030، حيث قالت هيئة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ أن الخطط الحالية لا تزال غير كافية لتجنب الاحترار الكارثي.
2. التكيف: كيف ستقوم الدول بالتكيف مع تغير المناخ ومساعدة الآخرين على ذلك؟
إن تغير المناخ قائم. بالإضافة إلى بذل كل ما في وسعنا لخفض الانبعاثات وإبطاء وتيرة الاحتباس الحراري، يجب على البلدان أيضاً التكيف مع العواقب المناخية حتى تتمكن من حماية مواطنيها.
تختلف التداعيات حسب الموقع. فقد يعني ذلك خطر حدوث المزيد من الحرائق، أو الفيضانات، أو الجفاف، أو أيام أكثر حرارة أو برودة، أو ارتفاع مستوى سطح البحر.
في COP 26، اعتمد المندوبون برنامج عمل حول الهدف العالمي للتكيف المنصوص عليه في اتفاق باريس.
تم وضع الخطة لتزويد المجتمعات والدول بالمعرفة والأدوات لضمان أن إجراءات التكيف التي تتخذها، تقود العالم بالفعل نحو مستقبل أكثر مرونة مع تغير المناخ.
تتوقع رئاسة COP27 أن تقوم الدول بتحديد وتقييم التقدم الذي تحرزه نحو تعزيز المرونة ومساعدة المجتمعات الأكثر ضعفاً. وهذا يعني أن تقدم البلدان التزامات أكثر تفصيلاً وطموحاً في مكونات التكيف بخططها المناخية الوطنية.
في العام الماضي، وافقت البلدان المتقدمة على مضاعفة تمويل التكيف على الأقل، ويدعو العديد من أصحاب المصلحة إلى مستويات أكبر من تمويل التكيف لمطابقة المبالغ التي يتم إنفاقها الآن على التخفيف، على النحو المنصوص عليه في اتفاق باريس. سيكون هذا بالتأكيد موضع مناقشات كبيرة في مؤتمر شرم الشيخ.
تؤكد هيئة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ أن زيادة حجم تمويل التكيف بشكل كبير من جميع المصادر، العامة والخاصة منها، مهمة من أجل الاستجابة لمخاطر المناخ الحالية والمستقبلية. لذا، يجب أن يشارك جميع اللاعبين، بمن فيهم الحكومات والمؤسسات المالية والقطاع الخاص.
3. تمويل المناخ: الفيل الذي لا يغادر غرفة المفاوضات أبداً
سيكون تمويل المناخ موضوعاً أساسياً مجدداً خلال COP27، وهناك العديد من المناقشات المتعلقة بالتمويل مدرجة بالفعل على جدول الأعمال، فيما توجه البلدان النامية نداء قويا للدول المتقدمة لتأمين الدعم المالي المناسب والكافي، لا سيما للدول الأكثر ضعفاً.
من المحتمل أن يتم التطرق كثيرا إلى موضوع الوعد السنوي من قبل الدول المتقدمة لتقديم مبلغ 100 مليار دولار سنويا، والذي لم يتم الوفاء به. في عام 2009 في كوبنهاغن، التزمت الدول الغنية بهذا التمويل، لكن التقارير الرسمية ما زالت تظهر أن هذا الهدف لم يتحقق. يتوقع الخبراء أن يجعل COP27 هذا التعهد حقيقة واقعة أخيراً في عام 2023.
تهدف الرئاسة المصرية إلى متابعة هذه الالتزامات والتعهدات الأخرى التي تم التعهد بها في مؤتمرات الأطراف السابقة.
ما هي قضية “الخسائر والأضرار” التي نسمع عنها كثيراً؟
يتسبب تغير المناخ، من خلال الظواهر المناخية المتطرفة مثل الأعاصير المدارية والتصحر وارتفاع مستوى سطح البحر، في أضرار مكلفة للبلدان.
ولأن اشتداد هذه “الكوارث الطبيعية” ناتج عن زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومعظمها من البلدان الصناعية الغنية، فإن البلدان النامية – الأكثر تضررا في كثير من الأحيان – تجزم بضرورة حصولها على تعويضات.
تصدرت الدنمارك عناوين الصحف خلال الأسبوع رفيع المستوى الأخير للجمعية العامة للأمم المتحدة بعدما أصبحت أول دولة تعلن نيتها تقديم 13 مليون دولار للدول النامية التي عانت من أضرار بسبب تغير المناخ.
ستكون مسألة هذه مدفوعات “الخسائر والأضرار”، موضع نقاشات كبيرة على الأرجح خلال COP27، حتى لو لم يتم وضعها رسمياً على جدول الأعمال حتى الآن.
طلبت مجموعة الـ 77 والصين (التي تضم تقديرياً جميع الدول النامية) إضافتها إلى جدول الأعمال، الأمر الذي سيتطلب إجماعاً من قبل جميع الدول في اليوم الأول من المحادثات.
لقد دارت مناقشات حول إنشاء صندوق للخسائر والأضرار، ولكن لم تترجم إلى شيء ملموس حتى الآن. ويأمل الخبراء في بناء مزيد من الزخم وإنجاز الصندوق، بمن فيهم المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق تغير المناخ، إيان فراي.
وقال السيد فراي في مقابلة مع فريق أخبار الأمم المتحدة مؤخراً: “هناك دول متقدمة كبرى تشعر بالقلق الشديد حيال ذلك وتنظر إلى هذه القضية من منظور ما سيدفعه الملوث. الآن، يتعين على البلدان الأكثر تضرراً من تغير المناخ والتي تعاني من التكاليف أن تتعامل مع هذه التكاليف بنفسها. لذا، حان الوقت لأن تقف الدول الكبيرة، البلدان الرئيسية المسببة للانبعاثات، وتقول، “علينا أن نفعل شيئاً، علينا أن نقدم مساهمة لهذه البلدان الضعيفة.”
ما تأثير الحرب في أوكرانيا على كل هذا؟
وفقا لإيلانا سيد، الممثلة الدائمة لبالاو لدى الأمم المتحدة، والمفاوضة بشأن المناخ، فإن مؤتمر الأطراف هذا سيكون “مربكاً” نظراً للمشهد الاجتماعي والسياسي الحالي وأزمة الطاقة.
وأوضحت قائلة: “حدثت الحرب في أوكرانيا، لذلك هناك الكثير من الأشياء التي وافقت عليها العديد من الدول، والآن لا يمكنها فعلها. لقد تغير المشهد نتيجة للحرب.”
في الواقع، ساهم الغزو الروسي لأوكرانيا في زيادة التضخم وفاقم أزمتي الطاقة والغذاء حول العالم. اضطرت دول مثل ألمانيا إلى تقليص أهدافها المناخية على المدى القصير، في حين تم تعليق مجموعة العمل المعنية بالمناخ التاريخية بين الصين والولايات المتحدة والتي تم الإعلان عنها في غلاسكو.
من المرجح أن يشهد مؤتمر COP27 انتكاسة في التعهدات والالتزامات التي قدمتها بعض البلدان العام الماضي.
ومع ذلك، يرى المقرر الخاص إيان فراي أن الحرب يمكن أن تكون أيضاً بمثابة إنذار للدول لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة.
ويقول المقرر الخاص إن أرخص طريقة للقيام بذلك هي من خلال مصادر الطاقة المتجددة، والتي تعتبر أساسية للحد من الانبعاثات.
وقال في حديثه لأخبار الأمم المتحدة: “نرى البرتغال تتجه نحو طاقة متجددة بنسبة مئة في المائة، ونعلم أن الدنمارك تفعل ذلك أيضا، وأعتقد أن ذلك سيدفع البلدان الأخرى إلى رؤية الحاجة لأن تكون متجددة ومكتفية ذاتياً في مجال الطاقة.”
هل سيشارك المجتمع المدني في مؤتمر الأطراف أم مجرد مندوبين؟
سيقام الحدث الرئيسي في مركز شرم الشيخ الدولي للمؤتمرات في الفترة من 6 إلى 18 تشرين الثاني /نوفمبر.
حتى الآن، هناك أكثر من 30 ألفا من ممثلي الحكومات والشركات والمنظمات غير الحكومية ومجموعات المجتمع المدني مسجلون لحضور المؤتمر.
غالبا ما تكون الأطراف الـ 197 في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في مجموعات أو “كتل” للتفاوض بشكل جماعي، مثل مجموعة الـ 77 والصين، والمجموعة الأفريقية، والبلدان الأقل نمواً، والمنتدى الشامل، والدول الجزرية الصغيرة النامية، والتحالف المستقل لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.
كما تضم المفاوضات مراقبين بدون أدوار رسمية يجرون تدخلات ويساعدون في الحفاظ على الشفافية، بمن فيهم الوكالات الأممية والمنظمات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية والمجموعات الدينية والصحافة.
لكن إلى جانب المفاوضات الرسمية، ستكون هناك غرف اجتماعات، وأجنحة، وستعقد آلاف الأحداث الجانبية التي سيتم تقسيمها على أيام مواضيعية.
مواضيع هذا العام هي: التمويل، والعلوم، والشباب والأجيال القادمة، وإزالة الكربون، والتكيف والزراعة، والجنس، والمياه، والمجتمع المدني، والطاقة، والتنوع البيولوجي والحلول –أحدث موضوع في مؤتمر الأطراف.
كالعادة، سيُعقد المؤتمر في منطقتين – المنطقة الزرقاء والمنطقة الخضراء، اللتين تقعان هذا العام مقابل بعضهما البعض.
المنطقة الزرقاء هي مساحة تديرها الأمم المتحدة حيث يتم استضافة المفاوضات، ويجب أن يتم إصدار بطاقات لجميع الحاضرين من قبل أمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ للدخول إليها.
هذا العام سيكون هناك 156 جناحا داخل المنطقة الزرقاء، أي ضعف العدد الذي كان في غلاسكو. سيتم تمثيل العديد من الوكالات الأممية والبلدان والمناطق، وسيكون هناك أيضاً لأول مرة جناح للشباب والأغذية الزراعية.
تدار المنطقة الخضراء من قبل الحكومة المصرية وهي مفتوحة للجمهور المسجل. وستشمل أحداثا ومعارض وورش عمل محادثات لتعزيز الحوار والوعي والتعليم والالتزام بالعمل المناخي.
وفقا للرئاسة، ستكون المنطقة الخضراء بمثابة منصة يمكن لمجتمع الأعمال والشباب والمجتمعات المدنية والسكان الأصليين والأوساط الأكاديمية والفنانين ومجتمعات الأزياء من جميع أنحاء العالم التعبير عن أنفسهم وإسماع أصواتهم.
ستشمل المنطقة الخضراء هذا العام أيضاً “منطقة احتجاج” خاصة، وصالة خارجية ضخمة ومساحة شرفة.
المصدر: أخبار الأمم المتحدة