الحوار الوطني المصري..اجراءات متلاحقة وتلويح بالإنسحاب من الحركة المدنية

تستعد مصر لإطلاق المناقشات الفعلية لجلسات الحوار الوطني، الذي تعوّل عليه لإعادة بناء جسور الثقة، بين القوى السياسية، والحزبية على اختلاف توجهاتها، سيما تلك التي أثبتت تواجدها بعد الإطاحة بحكم تنظيم الإخوان، في العام 2013.
في ذلك، قال منسق عام مجلس أمناء الحوار الوطني، ضياء رشوان، نهاية أيلول، إن الأيام والأسابيع القليلة المقبلة ستشهد انطلاقة جلسات الحوار الوطني.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد دعا في 26 نيسان/أبريل الماضي، إلى إجراء حوار وطني حول مختلف القضايا، وتلبية للدعوة تم تشكيل مجلس أمناء للحوار، الذي عقد حتى الآن 8 اجتماعات لوضع قواعد ومحاور الحوار، وتشكيل لجانه المختلفة.
ولاحقا أكد السيسي أن الاستثناء الوحيد هو مشاركة جماعة الإخوان المسلمين، كما أعلن منسق الحوار ضياء رشوان أن الحوار لن يناقش تعديل الدستور.
إجرائياً، انتهى المجلس من وضع قواعد لإدارة الحوار الوطني في جلساته، وتحديد 3 محاور رئيسية، (سياسي واقتصادي ومجتمعي).
وبالسياق، قُسم كل محور إلى عدد من اللجان الفرعية، واستغرقت هذه المرحلة أخذت وقتاً طويلاً، على صعيد تحديد لجان الحوار، ولائحة عمل مجلس أمنائه، مما جعل البعض، خاصة من قوى المعارضة، يشعر بأن حركاته بطيئة، وأن الخطوات التحضيرية استغرقت وقتاً “أكثر مما يلزم”.
بعبارة أخرى، يرى المنتقدون أن الحوار لم يتقدم للإمام بسبب الإجراءات التنظيمية المتعددة التي أخذت وقتاً طويلاً نسبياً لا تتحمله الظروف والتحديات الراهنة.
وذهبت أصوات معارضة أيضاً، إلى أن الحوار الوطني إجمالاً، ما هو إلا “تمثيلية” من النظام المصري لمغازلة الخارج، والحصول على القروض من المؤسسات التمويلية الدولية، إضافة إلى رأب الصدع مع القوى الكبرى، ومنها الولايات المتحدة، وإدارة الرئيس الديمقراطي، جو بايدن.
أما داخلياً، فيرى مراقبون أن الحوار المزمع إقامته، هو في واقع الأمر، خطة لإلهاء المواطنين، عن الأزمة الاقتصادية الآنية.
وفي المقابل، عدد البعض المخرجات الإيجابية غير المباشرة، التي تتمثل في التحسن الملموس -رغم محدوديته- في تحريك الحياة السياسية والحزبية بعد سنوات من الإغلاق، وإطلاق سراح بعض معتقلي الرأي.
وبالعودة لمعارضيه، وفي مؤشر جديد على الإشكاليات المتواصلة التي يواجهها الحوار الوطني المصري، وبالتوازي مع تصريحات مجلس الأمناء خاصته، ولجانه، أعلنت “الحركة المدنية الديمقراطية” في بيان لها أيلول اعتراضها على تباطؤ إجراءات إخلاء سبيل المحبوسين على ذمة قضايا الرأي، واعتماد سياسة التقتير في أعداد مَن يتم إخلاء سبيلهم.
بدوره، قال القيادي في الحركة المدنية والمرشح الرئاسي الأسبق حمدين صباحي إن الحركة تقدم موقفها ليعلم الشعب المصري “أننا نريد الحوار ولكن إذا ضُيق علينا هذا الطريق فنحن أبرياء والسلطة هي المسؤولة”، موضحاً أن “الحركة المدنية طالما وجدت إلى الحوار سبيلا فسوف تناضل من أجل ذلك، فالخيار بين الحوار وبين الانفجار”.
وترافق هذا الموقف الملوح بالإنسحاب من الحركة المدنية، مع بيان مشترك حددت خلاله 5 منظمات حقوقية مستقلة 8 مطالب قالت إنه يتعين تنفيذها قبل إجراء الحوار الوطني، وأن من شأنها المساهمة في تهيئة المناخ السياسي لحوار جدي يمهد لبناء ثقة المواطن المفقودة في سلطات ومؤسسات الدولة ودستورها ومبدأ حكم القانون.
وجاء الإفراج الفوري عن جميع سجناء الرأي على رأس المطالب، مع الوقف الفوري لجميع أشكال التعذيب والمعاملة القاسية وإحالة مرتكبيها للمحاكمة، والرفع الفوري للقيود الأمنية على نشاط الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والجمعيات الأهلية والمنظمات الحقوقية المستقلة، ووقف كل أشكال الرقابة الأمنية على وسائل الإعلام.
والمنظمات الموقعة على البيان هي: مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، ومركز النديم، ومسار-مجتمع التقنية والقانون، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان.