روسيا وأوكرانيا: هل يُطّبق الجنرال سيرغي سوروفكين ما تعلمه في سوريا على أوكرانيا؟

أرسل إعلان روسيا غير المعتاد عن تعيين قائد جديد لقيادة القوات الروسية في أوكرانيا رسالة واضحة للعالم مفادها أن موسكو تسخر كل جهودها كي تفوز في هذه الحرب بأي ثمن.

وقالت وزارة الدفاع الروسية إن الجنرال في الجيش الروسي، سيرغي سوروفكين، قد عيّن “قائدا للتجمع المشترك للقوات في مناطق العملية العسكرية الخاصة”، وهذا المصطلح الذي يستخدمه الكرملين للإشارة إلى الحرب في أوكرانيا.

وجاء القرار بعد أسابيع من الهجمات المضادة الناجحة من قبل أوكرانيا، تمكنت خلالها من طرد القوات الروسية من مناطق كانت موسكو قد أعلنت أنها روسية “إلى الأبد”.

ومنذ تعيين هذا الجنرال في هذا المنصب قبل أيام قليلة تتعرض عشرات المدن والبلدات الأوكرانية لحملة قصف عنيفة بالصواريخ والمسيرات مما يعيد إلى الذاكرة ما قامت بها القوات الروسية في سوريا من عمليات قصف شاملة على المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة شملت المخابز والمرافق الصحية والمدارس حسب تقرير لمنظمة هيومان رايتس ووتش لعام 2016.

التورط في سوريا

وفقًا لسيرته الذاتية الرسمية، ولد سوروفكين في مدينة نوفوسيبيرسك، ويبلغ من العمر 55 عاما.

وكان قد خدم في صراعات دارت في تسعينيات القرن الماضي في كل من طاجيكستان والشيشان، ومؤخرا شارك في الصراع في سوريا عندما تدخلت موسكو عام 2015 لدعم حكومة الرئيس السوري، بشار الأسد.

وفي يوليو/تموز، أفادت وزارة الدفاع الروسية أن سوروفكين كان قائد قوات “الجنوب” في أوكرانيا.

وأعرب نشطاء في مجال حقوق الإنسان عن قلقهم من هذه الخطوة؛ إذ يواجه الجنرال سوروفكين مزاعم بانتهاك حقوق الإنسان في الشيشان وسوريا.

ورحب بهذا التعيين الزعيم الشيشاني وحليف الرئيس بوتين رمضان قديروف، وكذك مؤسس مجموعة فاغنر للمرتزقة، يفغيني بريغوزين.

وكان كلاهما قد دعيا الجيش الروسي إلى التحرك بشكل أكثر حزما في أوكرانيا، على الرغم من تهم ارتكاب الجيش الروسي جرائم حرب ضد المدنيين.

ظهر سيرغي سوروفيكين لأول مرة في وسائل الإعلام في أغسطس/آب عام 1991 عند محاولة انقلاب ضد الزعيم السوفيتي آنذاك، ميخائيل غورباتشوف. شارك سوروفكين، وكان نقيبا في الجيش في ذلك الوقت، في عملية للجيش ضد المتظاهرين المدنيين في وسط موسكو.

قطع المتظاهرون الطريق أمام عدد من المدرعات العسكرية ورشقوها بالحجارة والزجاجات، فأعطى سوروفيكين أوامره للمدرعات بالتقدم فدهست ثلاثة متظاهرين وقتلتهم.

فضائح

ألقي القبض على سوروفكين وأمضى سبعة أشهر رهن الاعتقال قبل بدء المحاكمة، ولكن أسقطت عنه جميع التهم بحجة أنه كان ينفذ الأوامر الصادرة له.

وفي عام 1995، اتهم ببيع سلاح بشكل غير قانوني. أدانته محكمة عسكرية في موسكو وحكمت عليه بالسجن لمدة عام مع وقف التنفيذ، وفي وقت لاحق أُلغيت التهمة من سجله.

تخرج سيرغي سوروفيكين من الأكاديمية العسكرية عام 2002، وسرعان ما أصبح قائد فرقة عسكرية في مدينة يكاترينبروغ، وبعد عامين كان في قلب فضيحة أخرى عندما أطلق زميل مقرب له النار على نفسه في مكتب سوروفكين.

عام 2004، عين سوروفكين قائدا لفرقة عسكرية في الشيشان، حيث كانت روسيا في ذلك الوقت تكافح للسيطرة على مقاتلي حرب العصابات المحليين المناهضين لموسكو.

اتُهم سوروفكين عدة مرات علنا من قبل مرؤوسيه بارتكاب أعمال عنف ضد المدنيين المحليين.

وأفاد شهود عيان أن إحدى الكتائب التابعة له نفذت “عمليات تطهير” في إحدى المناطق، حيث اقتحمت منازل المدنيين، واقتادت عشرات الرجال إلى باحة مدرسة محلية، وضربوهم وأجبروهم على الاستلقاء على أرض موحلة وطُلب منهم البقاء هناك تحت المطر.

ورفض سوروفكين تلك الاتهامات.

في عام 2017 كانت روسيا تلعب دورا حاسما في مساعدة قوات الحكومة السورية في قمع المعارضة في أنحاء البلاد، وفي ذلك العام عيّن سيرغي سوروفكين قائدا للطيران العسكري الروسي في سوريا وكانت المرة الأولى التي يعمل بها في سلاح الجو.

في تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2017، عيّن سوروفيكين قائدا أعلى لقوات الجو والفضاء الروسية، وهو أول تعيين من هذا النوع لضابط يتمتع بخبرة قليلة في هذا الفرع من القوات العسكرية.

اتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان

في سوريا، اتُهمت الوحدات العسكرية تحت قيادة سوروفكين بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية وقصف المستشفيات.

وفي تقرير خاص صدر عام 2020، عن منظمة هيومن رايتس ووتش (HRW)، ورد اسم سوروفيكين إلى جانب قادة روس وبعض القادة السوريين الذين يمكن أن يعتبروا مسؤولين عن انتهاك حقوق الإنسان أثناء الزحف على محافظة إدلب بين عامي 2019 و2020.

وزعمت هيومن رايتس ووتش أن القوات الروسية والسورية قصفت عمدا مناطق سكنية وبنى تحتية مدنية، وتوصل تحقيق أجرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عام 2019 إلى نتيجة مماثلة.

ودائما ما تنفي موسكو مثل هذه الاتهامات.

ونتيجة عمله في سوريا، حصل سيرغي سوروفكين على وسام بطل روسيا، وهو أعلى جائزة في البلاد.

لم يكشف بعد رسميا عمّن سيخلفه في منصبه السابق، ولكن بعض وسائل الإعلام الروسية ذكرت اسم الجنرال ألكسندر دفورنيكوف، والذي كان أيضا جنرالا في الحرب الشيشانية الثانية وخدم في سوريا ايضاً.

المصدر: وكالات