موجة خلاف جديد بين الأطراف الليبية شهدتها الساعات الأخيرة، برفض مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة تلويح المجلس الرئاسي بوضع القاعدة الدستورية للانتخابات بعد فشل المجلسين في وضعها منذ عدة أشهر.
وقال رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي لدى اجتماعه بطرابلس مع وفد من المنطقة الشرقية: “ندعم أي توافق بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، ولكن نقول أيضا إنه لا يمكن أن يكون ذلك من دون تاريخ محدد، والمجلس مستعد للتدخل لإنتاج القاعدة الدستورية للانتخابات، لو عجزت السلطة التشريعية عن حسم الأمر والخروج بنتائج محددة بتواريخ محددة”.
وهذه ليست المرة الأولى التي يلوح فيها المنفي بهذا الأمر.
أزمة القاعدة الدستورية
• بدأت الأزمة 2021 بعدم توصل مجلسي النواب والدولة إلى وضع قاعدة لتنظيم الانتخابات التي كانت مقررة 24 كانون الأول/ديسمبر العام ذاته.
• ووفق اتفاق جنيف بين الأطراف الليبية، الخاص بخريطة الطريق للمسار السياسي، يتحتم على مجلس النواب وضع القاعدة بصفته الجهة التشريعية الوحيدة، على أن يرسلها إلى المجلس الأعلى للدولة للموافقة عليها، ثم إلى الهيئة الوطنية للانتخابات لتبدأ إجراء الانتخابات على أساسها.
• لكن طوال عام فشل المجلسان في الاتفاق بسبب خلافاتهما حول شروط الترشح وقانون الانتخابات؛ ما أصاب ليبيا بجمود سياسي.
تاريخ المجلس الرئاسي
• تأسس المجلس 2016 بموجب اتفاق الصخيرات 2015 الخاص بإنهاء الحرب بين الأطراف الليبية المتصارعة على الحكم، وتولى رئاسته فايز السراج.
• التأسيس الثاني كان شباط/فبراير 2021 بموجب اتفاق جنيف، ويتكون من رئيس ونائبين، كل واحد يمثل منطقة من مناطق ليبيا الثلاثة (الشرقية والغربية والجنوبية).
• لكن طوال عام فشل المجلسان في الاتفاق بسبب خلافاتهما حول شروط الترشح وقانون الانتخابات؛ ما أصاب ليبيا بجمود سياسي.
قانونية تولي “الرئاسي” وضع القاعدة
يصف المحلل السياسي الليبي إبراهيم الفيتوري تدخل المجلس الرئاسي لوضع القاعدة الدستورية بأنها “غير قانونية” وفقا لاتفاق جنيف الذي يعد كدستور لكل الأطراف حتى إجراء الانتخابات.
ويوضح أن الاتفاق المبرم الذي أتى بالمجلس الرئاسي أعطى له صلاحيات محدودة جدا، قد تجعله مجلسا شكليا، أما وضع القاعدة الدستورية فهو من صلاحيات مجلس النواب فقط بالتوافق مع مجلس الدولة.
أما تغيير هذه الصلاحيات بحيث تسند للمجلس الرئاسي، فيتطلب مؤتمرا دوليا يتوافق فيه الجميع على التغييرات الجديدة “وهذا أقرب للمستحيل”، بتعبير الفيتوري.
وأقصى ما يمكن فعله، يتابع، هو إعطاء رأي استشاري لمجلسي النواب والدولة أو التدخل لتحقيق التوافق بينهما.
تعقيد الأمور
“الأمر قد يزيد الأمور تعقيدا”، بهذه العبارة يحذر المحلل السياسي الليبي سلطان الباروني، من عواقب تدخل “الرئاسي” لوضع القاعدة الدستورية.
ويتفق مع الفيتوري في أن اتفاق جنيف نظَّم من له صلاحية وضع القاعدة، مطالبا المجلس الرئاسي بالاكتفاء بدوره، وأن يعمل على إزالة الخلافات بين كل الأطراف، لا أن يزيدها.
نقاط الخلاف الباقية في القاعدة الدستورية
بعد جولات كثيرة من المحادثات بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في ليبيا ومصر وغيرهما، اتفقا حتى اللحظة على 175 مادة من مواد القاعدة، ويبقى الخلاف حول نقطتين فقط، ولكنهما مفصليتان، وهما ترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين، ومشاركتهم في التصويت.
ويرى مجلس النواب أن تمنح الفرصة للجميع للترشح الأمر الذي يعارضه مجلس الدولة؛ نتيجة اعتراض الأخير على ترشح قيادات عسكرية بعينها لمنصب الرئيس.