انقسمت ردود الفعل العراقية على دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، إلى تغيير النظام الحاكم، ما بين من اعتبروها دعوة لـ”الإصلاح”، ومن وصفوها بأنها “انقلاب”، وآخرون ينأون بأنفسهم عن أطراف الصراع بأكملها.
وفي حديثهم لموقع “سكاي نيوز عربية” اختلفت آراء إعلاميين ونشطاء سياسيين، نتيجة شكوك بعضهم بنوايا الصدر، أو لاعتبار دعوته هي “الفرصة الأخيرة” للتغيير. ويناصر شباب ناقم على التركيبة السياسية دعوة الصدر، الذي يتظاهر أتباعه منذ أيام ببغداد؛ احتجاجا على ترشيح كتلة “الإطار التنسيقي” المقرّبة من إيران، النائب محمد السوداني لتشكيل الحكومة.
يرى هؤلاء اغتنام دعوة الصدر، بينما يحذر آخرون من احتمال تخلي الصدر عنهم لحظة حصوله على مكاسب لتياره بعد التفاوض مع القوى الشيعية التي دعته للحوار مجددا. ووجه الصدر، الأحد، نداءً للعراقيين يدعوهم لـ”تغيير جذري للنظام السياسي والدستور والانتخابات”، وهو ما رد عليه “الإطار التنسيقي” ببيان يعتبر الدعوة “انقلاب”.
وبعدها، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام، بالتعليق على دعوة الصدر؛ ما أدى لانقسام، مع شكوك تحوم حول “سلوكياته المتناقضة كما فعل في انتفاضة أكتوبر 2019”.وكان الصدر قد دعم انتفاضة أكتوبر، ثم ترك المتظاهرين إثر اتفاق لتقسيم السلطة جمعه مع القوى الشيعية المقربة من إيران، والتي كانت تقف ضدها المظاهرات التي طالبت بإنهاء نظام الطائفية والمحاصصة والاستقواء بالخارج.
ويقول محمد عباس، ناشط يساري إنه “رغم فقدان الثقة بالتيار الصدري، لكني مع أي حراك وطني قادر على ضرب الأطراف التابعة لإيران ولباقي الدول”.أما رئيس تحرير صحيفة الصباح الرسمية، أحمد عبد الحسين، فدعم بيان الصدر، ووصفه بأنه “الأجرأ” منذ تشكيل النظام السياسي بعد عام 2003؛ لأنه “خال من الضبابية، ويدعو لتغيير العملية السياسية برمتها”.
ويتطلَّع عبد الحسين إلى أن يكون “تعديل الدستور وتأسيس عقد اجتماعي جديد من أولى مهام التغيير”؛ لأن “ثورة الصدريين الآن فعلا فرصة أخيرة”، مستدركا: “لكن البيان لم يذكر شكل التغيير ولا آليات تحقيقه”.وجهة نظر أخرى يتبناها عراقيون دعوا لعدم الانخراط في الصراع بين الكتل المتهمة بـ”القتل والفساد”.
وفي ذلك يعلق علي الدراجي، مدون، على توجهات الصدر بقوله: “أن تكون لك ميليشيا، وأن لا تكون لك كلمة ثابتة، فهذه أسباب لرفضك، لكن يكفي السبب الأول كفاية تامة”. في إشارة إلى ميليشيا سرايا السلام للتيار الصدري.ويضيف أن “العمالة للخارج ليست وحدها هي اللاوطنية، فامتلاك الميليشيات أحد أكبر مقوضات الوطنية، والوقوف مع صاحب الميليشيات وإن كان غير تابع للخارج يعني تدوير المشكلة بدلا من التخلص منها مرة واحدة”.
وفي تقدير الروائي كامل عبد الرحيم، فإن “الخاسر الأكبر” من الأزمة الجيش والشرطة “اللذان طُعنا في دورهما المزعوم”، و”أكبر الرابحين” المتظاهرون بعد انسحاب القوات الأمنية.ويدور تساؤل حول سبب ترك القوات الأمنية المتظاهرين يدخلون المنطقة الخضراء والبرلمان، في حين تم قتل متظاهرين خلال 2019 حاولوا عبور الجسر بين بغداد والمنطقة الرئاسية.
وتتجه الأنظار صوب المرجع الشيعي في النجف، علي السيستاني، للحيلولة دون تحول الأزمة لصراع مسلح.ويقول مصدر داخل المرجعية لـ”سكاي نيوز عربية”، إن “المرجعية تراقب بحذر ما يجري، وتنأى بنفسها عن هذه الصراعات؛ لأنها جهة دينية لا تحبذ الدخول في السياسة” أما تدخلاتها “فتكون في القضايا المصيرية التي تهدد حياة الناس، مثل دخول داعش للعراق عام 2014”. ورجح أنه “لربما يصدر شيء من مكتب السيد علي السيستاني، وهذا التدخل إن حصل، يأتي بعدما عجز الجميع عن إيجاد حلول لوأد الفتنة”.