تصدعات الجماعة…”بيعتان” و”جبهة ثالثة” تعلن عن نفسها!

مازالت أزمة جماعة الإخوان تتفاقم، خاصة مع احتدام الصراع بين جبهتي إسطنبول، بقيادة محمود حسين وجبهة لندن بقيادة إبراهيم منير، حيث تطور الصراع ليدخل منعطفاً جديداً، وذلك عبر ظهور جبهة ثالثة، موالية للقيادي الراحل محمد كمال، غير راضية عن أداء نظيرتيها، مما فرق دم “عقيدة التنظيم” بين هذه الجبهات الثلاث، فباتت بعد 90 عاماً مهترئة، “بلا معنى حقيقي”.


وكانت الانشقاقات داخل الجماعة المصنفة إرهابياً، بالنسبة لنظام السيسي، منذ العام 2013، آخذة في التصاعد خلال الأونة الأخيرة، حيث عقدت عدة اجتماعات لمكتب الإرشاد العالمي في لندن وحضره عدد من قيادات الصف الأول للجماعة، حينذاك، حاول الدكتور محمود حسين، الأمين العام السابق للجماعة وقائد جبهة إسطنبول، المشاركة فيها بصفته عضواً في مكتب إرشاد مصر، لكن تم منعه.
وطلب مكتب الإرشاد العالمي من حسين أن يعطي البيعة لمنير مقابل السماح له بالمشاركة، وهو ما رفضه حسين لذا أصدرت جبهة لندن بياناً رسمياً جاء فيه: “يؤكد مكتب الإرشاد العالمي على قرار المرشد العام بتسمية إبراهيم منير قائما بعمله ونائبا عنه، في الداخل والخارج والالتزام بإعطاء البيعة على ذلك”، وتم تعميم القرار على فروع الجماعة في كافة الدول.


إلى ذلك، طالبت جبهة منير، جبهة حسين بتسليم ملفات الجماعة وأموالها وشركاتها وكافة الكيانات التابعة للجماعة والواقعة تحت سيطرتها لمنير، فيمَ ردت جبهة حسين بعدم اعترافها بكل ذلك مؤكدة وجود دعم لحسين من جانب محمد بديع مرشد الجماعة وخيرت الشاطر نائب المرشد المعتقلين في السجون المصرية.


فشلت كافة مبادرات الصلح بين الفرقاء المتنازعين، وصدر قرار سري وصل للمكاتب الإدارية من إبراهيم منير ينص على طرد جميع المؤيدين لجبهة محمود حسين والمتعاطفين معها، وفي مقابل ذلك، أعلن طلعت فهمي المتحدث الرسمي لجبهة محمود حسين، أن مجلس الشورى العام قرر عزل وإعفاء منير من منصبه وإبلاغه بذلك.


بالسياق عينه، وفي الحادي عشر من الشهر الجاري، قررت لجنة الستة، المشكلة من مجلس شورى الإخوان في جبهة محمود حسين في إسطنبول، تمديد عمل القائم بعمل مرشد الإخوان، مصطفى طلبة، بعد انتهاء الوقت المحدد لمهمته في منتصف يونيو الفائت.
وبحسب المراقبين، مثل التمديد لمصطفى طلبة، تحدياً كبيراً لجبهة إبراهيم منير، وتكريس وتعميقاً إضافياً لانشقاقات جماعة الإخوان، والصراع بين الجبهتين المتنازعتين، وهما: جبهة إسطنبول وجبهة لندن، حيث قررت جبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين مد فترة عمل الدكتور مصطفى طلبة القائم بعمل المرشد لمدة ستة أشهر إضافية.


مصطفى طلبة، من عرابي التنظيم، وهو طبيب وأستاذ في الجراحة العامة، وحاصل على الجنسية البريطانية. ويعمل مسئولاً بلجنة الاتصالات بهيئة المكتب العام لإخوان الخارج، ومكلف بالاتصال بالمخابرات التركية، ومتابعة أنشطة الجماعة في الخارج، وكان قريبًا في فترة من الفترات من جبهة إبراهيم منير في لندن، كما شغل منصب نائب رئيس مجلس شورى الإخوان بتركيا، ومكتب محمود حسين، ويُتهم من بعض الأطراف داخل الجماعة بأنه على ارتباط بأجهزة مخابراتية غربية مثل بريطانيا.

ويعد مصطفى طلبة الرجل الأول فى جماعة الإخوان فى الوقت الحالي، وأكثرهم نفوذاً بسبب علاقاته المتشعبة التى كوَّنَها على مدار الأعوام الماضية مع أطراف قوية فى الحكومتين التركية والبريطانية، بل وبأطراف في الأجهزة المخابراتية للبلدين.


مشكلة الجماعة بالوقت الحالي، لا تقتصر على “صراع كرسي المرشد”، بل تتمثل كذلك في، ظهور “جبهة ثالثة”، رافضة لممارسات الجبهتين، يقودها شباب الجماعة الموالون للقيادي السابق محمد كمال، والذي قُتل في معركة مع قوات الأمن المصرية في العام 2016، وكان يتولى اللجان النوعية المسلحة، وهؤلاء توعدوا الجبهتين وأعلنوا عن أنفسهم وعن رغبتهم في إزاحة القيادات الكبيرة والقديمة والدفع بوجوه جديدة من بينهم لإدارة الجماعة، ويدعم موقف هؤلاء أن 80% من أعضاء المكاتب الإدارية في مصر موالون لمحمد كمال ويمكنهم السيطرة على الجماعة، والحشد لإسقاط جبهتي لندن واسطنبول، والحصول على دعم قيادات الجماعة في السجون للسيطرة على التنظيم.


أيضاً، ثمة مشكلة/ تحدِ آخر، يواجه الجماعة، ويتعلق بالخلاف حول كيفية إدارة ثرواتها وممتلكاتها وأموالها والتي تقدر بالمليارات من الدولارات وتفوق موازنات دول، وترتيب الاختصاصات في ظل تعمق الخلافات وصعوبة الوصول لاتفاق أو صلح، وهو ما يعرقل إدارة ملفات أخرى عدة كملفات المعتقلين وعلاقات الجماعة بالخارج ومنصات إعلامها.


في هذه الجهة، تخرج “تسريبات”، من حين لآخر تشكك في ذمم القيادات وتتهمهم بالفساد المالي والأخلاقي، ومنها ما تسرب منذ فترة زمنية غيربعيدة حول اكتشاف سرقات تورط فيها مسئول كبير بفضائية “مكملين”، وتعرضه للابتزاز من جانب موظف آخر كان يعمل معه ويعلم بسرقاته، وهو ما دفعه للتفاوض معه وإسكاته بمنحه مبلغا ماليا يقدر بـ60 ألف دولار، لكن الموظف بعدما حصل على المبلغ المتفق لم يلتزم بالاتفاق وأبلغ قيادات الجماعة في اسطنبول بمخالفات المسئول وسرقاته.


وبينما تخشى قيادات كبيرة في الجماعة من تسرب فضائح أخرى تهز صورة القيادات بين صفوف عناصر الإخوان، -في ظل احتدام الصراع ولجوء كل جبهة لتشويه قيادات وأعضاء الجبهة الأخرى وتلويحهم بمخالفات وفساد مالي-، لا تتوقف الخلافات الثنائية بين أعضاء التنظيم الهاربين، ومنهم عمرو عبد الهادي، مع كلٍ من أسامة جاويش، وأيمن نور.