إختيار مستشاراً ألمانيا جديداً خلفاً لأنجيلا ميركل

بعد 16 عامًا في السلطة، تركت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل منصبها لخليفتها أولاف شولتس، بعد فوز حزبه الديمقراطي الاجتماعي بفارق في الانتخابات الفيدرالية سبتمبر الماضي، متغلبًا على الاتحاد الديمقراطي المسيحي.
وفي 8 ديسمبر، اختار البرلمان الألماني “البوندستاج”، أولاف شولتس “63 عاما”، مستشارا للبلاد، بعد أن حصل على دعم 395 نائبًا، ليحل محل أنجيلا ميركل.
وبذلك ينهي شولتس عهد ميركل التي تقاعدت في سن الـ67، وهي أول امرأة تدير ألمانيا، حيث أمضت في السلطة 5860 يومًا.
وحصل شولتز (63 عاما) المدعوم من الحزب الاشتراكي الديمقراطي والخضر والليبراليين، على تأييد 395 نائبا من أصل 736 في البوندستاغ، وقد توجه بعد ذلك إلى مقر رئيس الجمهورية الفدرالية فرانك فالتر شتاينماير لتسلم وثيقة تعيينه.
وهنأت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، شولتز وتعهدا بالعمل معه من أجل اتحاد أوروبي أقوى.
وكتبت فون دير لاين بالألمانية لغتها الأم “تهاني عزيزي أولاف شولتز لانتخابك وتعيينك مستشارا فدراليا. أتمنى لك بداية جيدة وأتطلع لتعزيز الثقة في التعاون من أجل أوروبا أقوى”.
ورئيسة المفوضية عضو في الحزب المسيحي الديمقراطي (يمين وسط) الذي تنتمي له المستشارة المنتهية ولايتها أنغيلا ميركل، وخدمت في حكومتها قبل أن تنتقل إلى مقر رئاسة المفوضية في بروكسل، فيما ينتمي شولتز إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي المنافس.
وسيجري شولتز أول زيارة رسمية له إلى باريس للقاء مع الرئيس إيمانويل ماكرون قبل أن يتوجه إلى بروكسل لمحادثات مع فون دير لاين وميشال يتوقع أن تشمل قمة الاتحاد الأوروبي الأسبوع المقبل.
من ناحيته، كتب ميشال الذي يترأس قمم الاتحاد الأوروبي، في تغريدة “أتطلع للعمل معا نحو أوروبا قوية وذات سيادة”.
كذلك شكر ميشال ميركل على”السنوات العديدة من الثقة والتعاون”.
ومنذ وقت قصير كان يقال إن الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي ينتمي إليه شولتز يحتضر. إلا أن هذا الأخير تمكن ليس فقط من الفوز في الانتخابات التشريعية التي أجريت في سبتمبر، بل نجح أيضا في تشكيل ائتلاف حكومي غير مسبوق بدون أي عقبة مع حزب الخضر والليبراليين. يستلهم شولتز من أسلوب ميركل حتى أنه يقلدها في الإيماءات، إلى درجة أن صحيفة “تاتس” اليسارية وصفته بأنه نسخة “متحورة” من المستشارة الألمانية.
ونجح شولتز في فرض نفسه رغم أنه لا يزال غير معروف كثيرا بالنسبة للألمان أنفسهم، ولا تتوافر أي سيرة للمستشار المقبل، رغم أنه شغل مناصب وزارية مرات عدة وكان رئيسا لبلدية هامبورغ، ثاني مدن ألمانيا.
ولد أولاف شولتز في أوسنابروك في 14 حزيران/يونيو 1958 وكان والده تاجرا ووالدته ربة منزل. وانضم إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي في 1975 في سن السابعة عشرة، وهو يميل أكثر إلى التيار اليساري للحزب. وكان آنذاك شعره طويلا ويرتدي كنزات صوفية ويشارك في عدد كبير من المظاهرات السلمية.
بالتوازي، كان شولتز يتابع دراساته في القانون. وأسس العام 1985 بعدما أصبح أصلع، مكتب محاماة متخصصا في قانون العمل.
ودافع خصوصا عن موظفين في عدد كبير من الملفات، في أعقاب توحيد ألمانيا العام 1990، في قضايا خصخصة أو حل شركات في ألمانيا الشرقية السابقة.
انطلقت مسيرته فعليا عندما وصل الاشتراكي الديمقراطي غيرهارد شرودر إلى المستشارية. وانتخب شولتز العام 1998، نائبا وأصبح أمينا عاما للحزب العام 2002.
وهو يلقي خطبه بنبرة رتيبة أكسبته لقب “شولتسومات” (المستوحى من كلمة تعني الشخص الذي يتصرف كرجل آلي) ما يثير انزعاجه. وقال في معرض الدفاع عن نفسه “كنت أسأل دائما الأسئلة نفسها وأقدم دائما الإجابات ذاتها”. وأكد أنه “يضحك أكثر مما يعتقد الناس”.
في العام 2018، خلف شولتز المسيحي الديمقراطي فولفغانغ شويبله في وزارة المال وواصل النهج المالي الصارم لهذا الأخير.
وقد ساهم موقعه الوسطي في تهميشه داخل حزبه، لدرجة أنه في العام 2019، فضل الناشطون استبعاده عن رئاسة الحزب.
ومع ذلك، تمكن شولتز من العودة بقوة بفضل الوباء ولم يتردد في الخروج عن بنود الميزانية معتمدا السخاء في الانفاق.
ورغم نكسة العام 2019، اختار الحزب الديمقراطي المسيحي، أحد أقدم الأحزاب الأوروبية، أولاف شولتز لتمثيله، رغم الانتقادات التي استهدفت الوزير بعد الإفلاس المدوي لشركة فايركارد المالية.