أكد ثلاثة مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين أن الوزير الإسرائيلي بيني غانتس تعرض لانتقادات شديدة وأسئلة صعبة بشأن الأزمة الإنسانية الأليمة في غزة واستراتيجية الحرب الإسرائيلية.
ونقل موقع “أكسيوس” عن مسؤول أمريكي قوله إن غانتس الذي يعتبر عضوا أكثر اعتدالا في حكومة الحرب الإسرائيلية، استوعب الكثير من الإحباط الذي يشعر به البيت الأبيض تجاه الحكومة الإسرائيلية في الوقت الحالي خلال اجتماعه مع نائبة الرئيس كامالا هاريس ومستشار الأمن القومي جيك ساليفان يوم الاثنين.
وتشير الرسائل القوية التي تلقاها غانتس على انفراد، والتي صاحبتها انتقادات علنية أقوى من إدارة بايدن خلال الـ 48 ساعة الماضية، إلى أن البيت الأبيض قد فقد صبره ويكثف الضغوط على الحكومة الإسرائيلية.
الجدير ذكره، أن زيارة غانتس إلى البيت الأبيض أثارت غضب رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الذي أمر السفارة الإسرائيلية في واشنطن بتجاهل الزيارة أو مساعدة غانتس بأي شكل من الأشكال.
وكانت كارثة قافلة المساعدات في غزة “مجزرة الرشيد” يوم الخميس الماضي، والتي قتل خلالها أكثر من 100 فلسطيني، بمثابة نقطة تحول بالنسبة لإدارة بايدن، حسبما صرح مسؤولون أمريكيون لموقع “أكسيوس”. ورأى المسؤولون الأمريكيون أن هذا الحدث يجسد كل إخفاقات السياسة الإسرائيلية في غزة، واستغربوا اللامبالاة من الجانب الإسرائيلي إزاء ما حدث.
وقرر بايدن يوم الجمعة الماضي، بدء عمليات إسقاط مساعدات جوية أمريكية في غزة مصحوبة ببيان شديد اللهجة من الرئيس الذي قال إن إسرائيل يجب أن تسهل تقديم المزيد من المساعدات إلى غزة مشددا: “لا توجد أعذار (لإسرائيل). المساعدات المتدفقة إلى غزة ليست قريبة بما فيه الكفاية – ولا بالسرعة الكافية”.
وأكدت هاريس يوم الأحد على أن “الناس يتضورون جوعا في غزة“، ووصفت الوضع هناك بأنه “كارثة إنسانية” وكررت رسالة بايدن “لا أعذار” لإسرائيل.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير إنه بالفعل بعد الاجتماعات التي عقدها غانتس يوم الأحد للتحضير للاجتماعات مع مسؤولي البيت الأبيض ووزارة الخارجية، بدأ الوزير الإسرائيلي يدرك أن الحكومة الإسرائيلية “في ورطة عميقة” وترى الولايات المتحدة مسؤولية إسرائيل عن الأزمة الإنسانية في غزة.
وأشار مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون إلى أن هاريس وساليفان ضغطا على غانتس الذي أمضى ثلاث ساعات في البيت الأبيض، بشأن الوضع الإنساني وقالا إن هناك حاجة إلى إغراق غزة بالمساعدات وإن من مسؤولية إسرائيل إيجاد حلول تسمح بحدوث ذلك.
وأوضح مسؤول إسرائيلي أن هاريس أبلغت غانتس أن الإدارة تريد مواصلة دعم إسرائيل، لكن على الحكومة الإسرائيلية القيام بدورها، وأضاف المسؤول: “قالت نائبة الرئيس: ساعدونا في مساعدتكم”.
وأشار المسؤول إلى أن غانتس لم يتفاجأ بقوة الانتقادات الموجهة للأزمة الإنسانية فحسب، بل أيضا بشأن مدى التباعد بين إسرائيل والولايات المتحدة حول عملية محتملة في رفح. وسأل هاريس وساليفان غانتس عن المكان الذي تخطط فيه إسرائيل لنقل أكثر من مليون مدني فلسطيني موجودين في رفح، وأعربا عن شكوكهما العميقة في إمكانية ذلك، حسبما قال مسؤولان أمريكيان وإسرائيليان.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير: “حاول غانتس طمأنة هاريس وساليفان بأن إسرائيل لن تدخل رفح دون إجلاء السكان المدنيين وشدد على أن إسرائيل لديها طرق للقيام بذلك، لكنه أدرك أيضا أن البيت الأبيض لا يصدق التأكيدات السابقة التي تلقاها من نتنياهو بشأن هذه المسألة”.
وأضاف المسؤول: “كانت الرسالة المتشائمة الأخرى التي تلقاها غانتس في البيت الأبيض هي أن فرص التوصل إلى الصفقة الضخمة مع المملكة العربية السعودية والتي تتضمن التطبيع مع إسرائيل ضئيلة، طالما استمرت الحرب وطالما أن الحكومة الإسرائيلية غير راغبة في رسم مسار لتسوية قضية الدولة الفلسطينية”.
وتابع: “استنتاج غانتس هو أن زيارته لواشنطن جاءت متأخرة شهرين. وهناك عقبات كبيرة الآن في العلاقات مع الولايات المتحدة وعلينا أن نجد طريقة للتغلب عليها”.
ويعاني قطاع غزة بشكل عام ومناطق شمال قطاع غزة بشكل خاص، من حالة مزرية ومأساوية بسبب الانقطاع الكامل للمواد الغذائية ومصادر المياه النظيفة، وسجلت وزارة الصحة بغزة وفاة أكثر من 15 طفلا بسبب الجوع وسوء التغذية.
وأكدت الأمم المتحدة يوم الثلاثاء الماضي، أن القوات الإسرائيلية تمنع “بشكل منهجي” وصول المساعدات إلى سكان غزة الذين يحتاجونها، ما يعقد مهمة إيصالها إلى منطقة حرب لا تخضع لأي قانون.
المصدر: وكالات