على ضوء مشهدية توافد السوريين على سفارتهم لإنتخاب الأسد، اليومين الماضيين، ثار تساؤل طبيعي، لماذا لا يعودوا إلى بلدهم إذا كانوا يهتفون لبشار ويؤيدونه إلى هذا الحد؟، لماذا كل هذا الإصرار على أن يظلوا جاثمين على أنفاس لبنان المفلس المتقاعسة حكومة تصريف أعماله عن فتح ملف هؤلاء النازحين؟، في هذا السياق، غرد الساسة ينددون، فغرد رئيس جهاز العلاقات الخارجية في “القوات اللبنانية” ريشار قيومجيان عبر “تويتر”، قائلا “زايدتم علينا بالامس تفضلوا رجعوهم اليوم. النازحون السوريون الذين ينتخبون بشار الأسد ويتظاهرون تأييدا له يعني ما عندهم مشكلة سياسية أو أمنية أو قانونية تمنعهم من العودة الآمنة والكريمة الى بلادهم مع عائلاتهم. ابدؤا بهؤلاء”.
وأضاف “نطالب حكومة تصريف الاعمال بتفعيل عمل اللجنة الوزارية المنوط بها ملف النازحين والبدء فوراً بتنفيذ اكثر من خطة موجودة لعودة هؤلاء بينها خطة سبق وقدمتها باسم وزراء القوات اللبنانية الى الامانة العامة لمجلس الوزراء لكن لم يتم وضعها على جدول اعماله في أي جلسة”.
بينما كتبت الوزيرة السابقة مي شدياق عبر “تويتر”: “مشهد هزلي بعيد عن الديمقراطية لمنافسة صورية! قوافل تنتظر وباصات آتية من البقاع، يدّعون النزوح ويطالبون المجتمع الدولي بدعمهم فيما هم عبء إضافي على اقتصاد لبنان المنهك! عند أبواب السفارة السورية يصرخون بالروح بالدم نفديك يا بشار الأسد. طالما لستم مهددين، عودوا من حيث اتيتم”.
أما أمين سرّ تكتل “الجمهورية القوية” فادي كرم، فقد غرد عبر “تويتر”: “بقاء المواطنين السوريين المؤيدين للنظام على اراضينا ليس إلا للمتاجرة بنزوحٍ كاذب، امّا من كان من السلطة اللبنانية متحمّس للتطبيع مع النظام السوري بحجّة إعادة النازحين، فلم تنجح محاولاته للمقايضة ولخدمة النظام فما عليه إلا ترحيلهم من دون ثمن والرحيل معهم”.
وأضاف: ” عندما قلنا بضرورة تحملكم المسؤولية ونقلهم باحترام وانسانية الى داخل الحدود السورية، وعندما قلنا كفى متاجرة بالنازحين لاجل التطبيع مع النظام، وعندما قلنا فليكن التصويت في سوريا طالما يستطيعون، كنتم تتآمرون مع النظام على اللبنانيين والسوريين، والان نقول لكم انكم
ذميين وخونة “.
وكتب عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب جورج عقيص على حسابه عبر “تويتر”: “بالقانون الدولي، لا بأي شيء آخر: بحسب البند (5) من الفقرة (C) من المادة الاولى من اتفاقية جنيف الدولية الخاصة باللاجئين الصادرة عام 1950: يخسر صفة اللاجئ وتتوقف الاتفاقية عن التطبيق بحقه، اللاجئ الذي لم يعد يخاف من سلطة موطنه الاصلي”.
وتابع: “اقترعتم لمن تدعون انه سبب لجوئكم الى لبنان”.
وخارج صندوق التغريدات، أعاد هذا المشهد الصادم أمام السفارة السورية إلى الأذهان ثورة ال2005، وكيف كانت روح الشهيد رفيق الحريري ثمناً لخروج الاحتلال السوري من لبنان، أما عن ترسيم الحدود فحدث ولا حرج، وباستعراض الخرائط، يتداخل البلوك الرقم واحد بشكل كبير مع البلوك 1 والبلوك 2 ضمن المياه اللبنانية، وتراوح مساحة هذه الرقعة المائية ما بين 750 و1000 كلم2 تقريبا داخل المياه اللبنانية إستنادا الى تقارير وضعها الجيش اللبناني، ما أعاد تسليط الضوء على ضرورة الاسراع وفورا بالتفاوض مع الجانب السوري لإنهاء ملف ترسيم الحدود، اقله حاليا الحدود البحرية.
هذه الحدود التي كان حددها لبنان في العام 2011 ضمن مرسوم تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة الذي لحظ إحداثيات النقاط الجغرافية للحدود البحرية والبرية، ورفضها الجانب السوري الذي تقدم بشكوى ضد لبنان أمام الأمم المتحدة في العام 2014. إعتمدت سوريا خطاً حدودياً بحرياً ينطلق من شاطئ طرطوس أفقياً نحو الغرب، الامر الذي اعترض عليه لبنان، مؤكدا ان هذه الآلية تتعارض مع قانون البحار الدولي المعمول به من خلال الامم المتحدة والقواعد المعتمدة عالمياً لتحديد الحدود البحرية، وهي ايضا المقاربة التي يعتمدها لبنان في مفاوضاته مع الجانب الاسرائيلي لتحديد حدوده الجنوبية.
وتجدر الإشارة إلى أن الحدود البحرية بين لبنان وسوريا حددها لبنان بموجب مرسوم “تحديد حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية”، والذي يحمل الرقم 6433 الصادر بتاريخ 1 أكتوبر (تشرين الأول) 2011 وقد أودع لبنان مرسوم ترسيم حدوده لدى الأمم المتحدة كما ذكرنا أعلاه بتاريخ 19 أكتوبر 2011، إلا أن سوريا اعترضت في العام ذاته على المرسوم اللبناني لدى مجلس الأمن، واعتبر الكتاب الاعتراض على أن حقوق سوريا محددة منذ العام 2003 وأودعت لدى الأمم المتحدة وهي تتوافق مع قانون البحار لعام 1982 بينما المرسوم اللبناني هو عبارة عن تشريع لبناني داخلي صدر وفق القوانين الوطنية اللبنانية وليس له أية صفة إلزامية خارج الحدود الوطنية اللبنانية وفقا لأحكام القانون الدولي.ومن يومها لم يتم حلّ الإشكال، لماذا؟ لأن سوريا تريد الحصول على الغاز اللبناني بتوكيل روسي وما حدث نيسان الماضي دليل على ذلك.
أما الروس فلا يعنيهم سوى التواجد والحصول على قطعة كبيرة من كعكة غاز المتوسط، ولا يهم على جثة مَن.
والحل، وبتفعيل القليل من النوايا الحسنة من جانب سوريا، وإذا كان لبنان قد وقع مع سوريا نحو 40 اتفاقا تتناول مختلف المجالات، ومنها ما يتعلق بتقاسم مياه الانهر المشتركة بين البلدين، سواء نهر العاصي او النهر الكبير الجنوبي. وامام هذه الوقائع ونظرًا للتداخل بين سوريا ولبنان، وعلاقاتهما الجغرافية والمعاهدات الموقعة بينهما، يمكن الدولتين، بحسب وبسهولة رسم خط متساوي الأبعاد، وفقًا لنقطة الحدود عند نهاية البر – (LTP Land Terminus Point) الذي يلتزمه كلا البلدين كما هو ظاهر في الخريطة الرقم 1 بحيث يمكن الجيش اللبناني أن يحدد الخط الحدودي بدقة من خلال عمل دقيق ومحترف مع الجانب السوري، شبيه بالذي قام به خلال إعداد المفاوضات لترسيم الحدود البحرية اللبنانية في المناطق المتنازع عليها مع إسرائيل.
وبالتالي، تستطيع الحكومتان اللبنانية والسورية حل الاشكال الحدودي البحري بشكل سريع طالما ان خط LTP الذي يعتمد نقطة الحدود على نهاية البر بين البلدين محدد والجزر قبالة البلدين محددة بشكل رسمي لا لبس فيه، وحل هذا الامر يؤسس لحل عادل وسريع لاشكالية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص نظرا لترابط الملفين، ومن مكاني، أقول لحكومة تصريف الأعمال، أعيدوا النازحين إلى بشار، ورسموا حدودنا، فقد أنهكوا البلد واستنزفوا اقتصاده، واحتلوه من جديد.